سياسة
.
تداول العديد من رواد مواقع التواصل الإجتماعي مقطعا لطفل فلسطيني على تيك توك يوثق لحظات القصف بينما يقول "ربع ساعة و بنموت كلنا" مع الضحك.
هذه إحدى علامات الاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، أو الصدمات المرتبطة بالنزاع، والذي يصيب ما يقارب ٩١٪ من أطفال غزة، وفقًا لتقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في عام ٢٠٢١.
ولكن ما هي الصدمات التي يواجهها أطفال غزة؟
الأطفال الفلسطينيون الذين يعيشون في المناطق المتأثرة بالنزاعات، خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية، يواجهون ظروفا أصعب من غيرهم في بعض الأحيان. فمن الصدمات التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون بشكل يومي:
الحياة داخل "أكبر سجن مفتوح في العالم"، الحواجز والقيود يمكن أن تؤدي إلى شعور الأطفال بالحصار والعزلة. وعلى الرغم من وجود ما لا يقل عن ١٢٠٠ مؤسسة ترفيهية للأطفال في غزة، توالت أحداث الحرب والحصار من بعد جائحة كورونا لتجعلها مناطق أشباح.
يتعرض العديد من الأطفال الفلسطينيين في غزة، للعنف نتيجة النزاعات والعمليات العسكرية المتكررة. وغالبا ما يكونوا شهودًا على القصف وأشكال أخرى من الصراع المسلح. وتقول الدراسات إنّ تعرض الأطفال لمواقف "مرعبة" أثناء الحرب قد تترك عندهم آثارًا دائمة تتمثل في اضطرابات ما بعد الصدمة. وتؤدي الخسائر الفادحة والاختلالات في حياتهم إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق لديهم.
يفقد الأطفال الفلسطينيون في غزة، نتيجة للنزاع، أفراد عائلاتهم أو أصدقاءهم أو منازلهم. بالتالي، يمكن أن يتسبب تدمير المنازل والبنية التحتية في فقدان الشعور بالاستقرار والأمان. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي النزاع المستمر وعدم الاستقرار السياسي إلى شعور باليأس وفقدان الإيمان بمستقبل أفضل.
يعاني الكثيرون من الأطفال الفلسطينيين من صدمات نفسية، بما في ذلك أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD).
ويعد الـPTSD والاكتئاب من الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً في أعقاب الحرب لكل من البالغين والأطفال، ويحدث لدى ما يصل إلى ثلث الأشخاص المعرضين مباشرة لتجارب الحرب المؤلمة. يعد التعرض للأحداث المؤلمة عامل الخطر الأكثر أهمية في هذا السياق. ويمكن أن تظهر هذه الأعراض في صورة كوابيس، وظواهر "الفلاش باك"، والقلق، والمشاكل السلوكية.
وجدت الدراسة أنه قبل الاشتباكات الإسرائيلية الفلسطينية في عام 2021، كان حوالي 33٪ من الأطفال في غزة بحاجة إلى دعم الصحة العقلية نتيجة للصدمات الناجمة عن الصراع.
على الرغم من تعرضهم لظروف صعبة، تشير الدراسات النفسية والاجتماعية الحديثة إلى القدرة الهائلة من المرونة لدى الأطفال، والتي تمكنهم من النمو ليصبحوا أفرادًا يعملون بكامل طاقتهم.
وتم اكتشاف عدة آليات يستعملها الأطفال لحماية أنفسهم، من أهمهم إيمانهم الديني، علاقاتهم الأسرية الصحية، وصداقاتهم. إن الفقر والإسكان غير الملائم والعنف المنزلي والتمييز والعزلة الاجتماعية لا يشكلون سوى عدد قليل من القضايا التي يجب معالجتها في أعقاب الحرب، لتجنب عواقب الأحداث المؤلمة بنجاح وتعزيز القدرة على الصمود.
وترى الدراسات أن أهم المتغيرات التي تحدد آثار الحرب على الصحة العقلية للأطفال هي الحرمان من الموارد الأساسية، مثل المأوى والماء والغذاء والمدارس والرعاية الصحية وغيرها، تليها العلاقات الأسرية المضطربة بسبب خسارة أحدهم أو الانفصال عنهم أو النزوح.
حوالي 449 مليون طفل حول العالم، أو 1 من كل 6 أطفال، يعيشون في مناطق النزاع وفقا لإحصائية أجرتها منظمة "أنقذوا الأطفال" عام 2021.
أربعة من كل 5 أطفال في قطاع غزة يعانون من الاكتئاب والحزن والخوف الناجم عن خمسة عشر عاما من الحصار الإسرائيلي على القطاع (٢٠٢٢).
"إذا كان هناك جحيم على الأرض، فهو حياة الأطفال في غزة اليوم"، هكذا وصف الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس الوضع في غزة العام الماضي.
ولكن يوجد تقدم ملحوظ في الاهتمام بصحة الأطفال النفسية، وذلك لأن مدارس الأونروا بدأت بتقديم برامج "أنشطة ما بعد المدرسة" (ASA) التابع لبرنامج الصحة العقلية والخدمات النفسية الاجتماعية (MHPSS) في عام ٢٠٢٢.
استهدف البرنامج 3.280 طفلاً عانوا من مشاكل نفسية اجتماعية في 77 مدرسة تابعة للأونروا.
حضر ما يقارب 94٪ من الأطفال المشاركين في الأنشطة، وتمكنت الأونروا من الاستجابة لاحتياجات الصحة العقلية والنفسية الاجتماعية الملحة للأطفال الذين تأثروا بشكل مباشر بأعمال القتال في 2021 بفضل منحة بقيمة 2.5 مليون دولار تلقتها من صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ (CERF).
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة