خلص تحليل نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إي إي إس إس البريطاني إلى أن إسرائيل، تمتلك صواريخ باليستية ذات مدى قصير ومتوسط، إلى جانب أنظمة صواريخ كروز، تستخدمها كسلاح ردع استراتيجي، لكن تغلفها بالكثير من السرية، على عكس إيران مثلا، التي تستعرض على الدوام صواريخها الباليستية.

وبحسب الزميل في المعهد البريطاني مارك فيتزباتريك، فإن إسرائيل بدأت في تطوير الصواريخ الباليستية لأول مرة، مطلع الستينات من القرن الماضي، بالتعاون مع شركة داسو الفرنسية للطيران، وأطلقت على هذه المنظومة هذه الصواريخ اسم "أريحا".

وفي عام 1969، انسحبت داسو الفرنسية من عقد تطوير هذه الصواريخ، بعد أن وضعت اللبنات الأولى لتطويرها، لتبدأ إسرائيل في إصدار السلسلة بنفسها، وأنتجت منها 3 نسخ، وهي "أريحا 1، وأريحا 2، وهنالك حديث عن نسخة متطورة باسم أريحا 3"، فيما أضفت خلال هذه المدة من التعتيم الإعلامي عليها.

صنعت إسرائيل بعد مدة وجيزة من انسحاب داسو صاروخ "أريحا1" الذي يعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، وانتهى العمل فيه عام 1973، بحسب فيتزباتريك.

النسخة الأولى من صواريخ "يوم القيامة" كان وزنها 6.5 طنا، وطولها 13.4 مترا، وقطرها 0.8 مترا، فيما بلغ مداها 500 كيلومتر.

ويحمل هذا الصاروخ رؤوسا نووية بحجم 1000 كيلوغرام، قبل أن يحال إلى التقاعد في التسعينات، بعد أن توقف تصنيعه في 1980.

ومع دخول التسعينات طورت إسرائيل نسخة أخرى من هذا الصاروخ، حملت اسم "أريحا 2"، مع زيادة في مداه، الذي تراوح بين (1500 إلى 3500 كيلو متر)، وكذلك طوله ليبلغ 15 مترا، وفي القطر ليبلغ 1.35 مترا، في حين احتفظ بنفس حمولته للرؤوس النووية بـ1000 كيلوغرام.

في ظل تعتيم إسرائيل على نظامها النووي، فهناك شبه إجماع على امتلاكها الآن "أريحا 3" ليكون خطرا داهما نتيجة مميزاته التي جعلته سببا في تسميته بـ"يوم القيامة".

ووفقا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي سي إس إي إس، فإن هذا الصاروخ خضع للاختبار في عام 2008، ودخل الخدمة في 2011.

بالمقابل، أشارت تقارير أخرى إلى أن "أريحا 3" شهد تطورا مستمرا وتجارب طوال أعوام 2011 و2013 و2019، وربما أيضا في 2020.

وبحسب المركز الأميركي، فإن "أريحا 3" يتراوح مداه بين 4800 ـ 6500 كيلومترا، فيما يبلغ طوله 16 مترا، وقطره 1.56 متر.

وتستطيع النسخة الأخيرة من الصاروخ حمل رؤوس نووية يتراوح وزنها ما بين 750 و 1300 كيلوغرام.

رغم ذلك، لا تضع بعض المراكز الاستراتيجية الصاروخ أريحا في الاعتبار عند تقييم التوازن العسكري الإسرائيلي نظرا لتعتيم إسرائيل على امتلاكها لهذا السلاح تحديدا.

في سياق تشديد النائبة الإسرائيلية غوتليف على جيش بلادها باستخدام السلاح النووي المدمر، ومقارنة ذلك بالتعتيم الشديد الذي يرقى إلى مرتبة الإنكار من قبل إسرائيل لامتلاكها مثل هذا النوع من الأسلحة، قد يبدو أن عضوة الكنيست قد ورطت إسرائيل في امتلاكها أسلحة مدمرة، يمكن أن تزيد من موجة الانتقادات الحالية عليها بسبب عنفها تجاه الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، قال الباحث في مركز فيينا لنزع السلاح وعدم انتشاره نيكولاي سوكوف، لـ"نيوزويك" الأميركية: "بالنسبة لإسرائيل، ربما يكون مثل هذا الحديث الفضفاض أكثر ضررا، لأن البلاد لا تعترف حتى بأنها تمتلك أسلحة نووية، لذا فإن التأكيد غير المباشر ليس في صالح صورتها".

وأضاف سوكوف أن "دعوات غوتليف لاتخاذ إجراءات تصعيدية قصيرة النظر بسبب أمرين، أولهما هو أن أي أهداف محتملة موجودة في المنطقة المجاورة مباشرة، وبالتالي فإن الضرر الذي سيلحق بإسرائيل سيكون كبيرا، والأمر الآخر هو أنه غالبا ما يتم المبالغة في تقدير الفائدة العسكرية للأسلحة النووية".

طرح فيتزباتريك عبر تحليله المنشور ف المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إي إي إس إس سؤالا إشكاليا عن مدى الحاجة الفعلية في إسرائيل إلى صواريخ باليستية، طويلة المدى، في وقت تقع فيه حماس، وحتى إيران (الخصم المحتمل) على مقربة منها.

وأجاب فيتزباتريك بأن الهدف من ذلك استراتيجية طويلة المدى، ومخاوف كذلك من باكستان المسلحة نوويا، والتي تقع على بعد 4 آلاف كيلومتر منها، على الرغم من عدم تشكيل الأخيرة خطرا عليها حاليا.

وتشير مجلة نيوزويك الأميركية، إلى أن الهدف الواضح من هذه الصواريخ هو إيران التي تمتلك صواريخا باليستية، وذلك رغم تأكيد وزارة الدفاع الإسرائيلية على عدم وجود أي دليل على تورط إيران في الحرب الحالية مع حماس، وهو أمر سبقتها إليها مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان.

وبدورها، كانت المجلة الأميركية نشرت تصريحات سابقة عن البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، نفت فيها أي دور لإيران في هجمات حماس السبت الماضي على إسرائيل، لكنها بالمقابل، اعترفت بتزويد طهران مقاتلي حماس بالمهارات المطلوبة لمثل هذه الهجمات المباغتة.