سياسة
.
على الرغم من كثافة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، لا يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطا تذكر في الداخل لكبح جماح الرد العسكري الإسرائيلي الانتقامي على هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس.
لكن الرئيس الأميركي يبدو محاصرا بين خيارات معقدة عليه حسمها لدواعٍ انتخابية.. فما هي
تعهد بايدن بتقديم دعم راسخ لا يتزحزح لإسرائيل، وحتى اللحظة لا يواجه الرئيس سوى اعتراضات متفرقة من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي فيما يتعلق بقبوله لحملة إسرائيل العنيفة على قطاع غزة المكتظ، وبالمقابل يحظى بايدن بمساعدة كبار الديمقراطيين في السيطرة على أي معارضة داخل الحزب أو الدعوات التي أطلقها عدد قليل من اليساريين لحمل إسرائيل على التصرف بضبط النفس لتجنب وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين أثناء قتالها لحماس.
وبالرغم من تصاعد تنديدات دولية بشأن حملة إسرائيل، يستهدف حلفاء بايدن بالأساس تجنب إعطاء الجمهوريين فرصة لاتهامه بتقويض الرد العسكري لإسرائيل، والذي قد يجعل الأزمة عبئا سياسيا في وقت يسعى فيه لإعادة انتخابه رئيسا بعد أسابيع.
وأظهر الجمهوريون شبه إجماع في دعم أي عمل عسكري تقرر إسرائيل القيام به.
ساهمت صور وروايات عما قيل إنه فظائع ارتكبها مسلحو حماس في بلدات ومستوطنات إسرائيلية أثناء الهجوم الذي نفذوه يوم السبت الماضي، في اقتصار الانتقادات الموجهة لإسرائيل ونهج بايدن على شريحة محدودة نسبيا من اليسار الأميركي.
لكن مع اقتراب عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة من 2000 قتيل، وإصابة ما يزيد عن 7 و600 آلاف شخص، وفي ظل الاستعدادات الجارية لغزو بري وتعهد القادة الإسرائيليين بالقضاء على حماس، فإن هذه الأصوات قد ترتفع بسهولة في الأيام المقبلة، وبينما ينتقد زعماء ديمقراطيون حماس ويتعهدون بدعم إسرائيل، أطلق بعضهم بالفعل رسائل تذكيرية مصاغة بعناية بضرورة التزام إسرائيل بقوانين الحرب.
وقال جريجوري ميكس العضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب: "سنقف إلى جانب إسرائيل ونتأكد من أننا ندافع عنها ونمنحها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها".
لكنه أضاف: "علينا أن نضع هؤلاء الفلسطينيين وسلامتهم وسبل عيشهم في الاعتبار بينما نسحق حماس".
النائبة رشيدة طليب وهي الأميركية الفلسطينية الوحيدة في الكونغرس، أصدرت قبل أيام بيانا قالت فيه إنها حزينة على فقدان أرواح "الفلسطينيين والإسرائيليين"، إلا أن البيان أثار الانتقادات بسبب إشارتها إلى إسرائيل باعتبارها تقيم "نظام فصل عنصري".
وردا على سؤال حول انتقادات مبكرة لرد إسرائيل من نواب ليبراليين آخرين، ساووا هجوم حماس مع تحركات اتخذتها إسرائيل في السابق، نددت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير، بمثل هذه التصريحات ووصفتها بأنها "بغيضة". وقالت للصحفيين يوم الثلاثاء 10 أكتوبر: "إدانتنا للإرهابيين بشكل مباشر".
شهدت أوساط الديمقراطيين لسنوات توترا بين المؤيدين لإسرائيل ومجموعة من اليساريين الذين ينتقدون إسرائيل خاصة بسبب معاملتها للفلسطينيين وتوسيع المستوطنات.
وهذا العام، أدت مساعي حكومة نتنياهو اليمينية لتنفيذ تعديلات قضائية إلى فتح الباب أمام انتقادات جديدة لإسرائيل حيث اتفق البيت الأبيض والعديد من النواب مع ما ينادي به محتجون في إسرائيل وصفوا الخطوات المقترحة بأنها غير ديمقراطية.
ورغم أن استطلاعات رأي لا تزال تُظهر تعاطفا ساحقا مع إسرائيل بين عامة الناس في الولايات المتحدة، فقد وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب في شهر مارس الماضي، أن الديمقراطيين يميلون قليلا تجاه الفلسطينيين.
لكن الرئيس جو بايدن امتنع حتى الآن عن توجيه أي دعوة صريحة لإسرائيل للحد من ردها، وهو نوع من التصريحات اعتاد البيت الأبيض الإدلاء بها خلال الأزمات السابقة.
واقترب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من مثل هذه المناشدة خلال زيارة إلى إسرائيل الخميس 12 أكتوبر، عندما قال إنه يأمل أن تتخذ إسرائيل كدولة ديمقراطية "كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إيذاء المدنيين"، وذلك في حين يصر المسؤولون الإسرائيليون على أن قواتهم تحاول تقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن مستشاري بايدن ناقشوا مخاوفهم في محادثات خاصة مع نظرائهم الإسرائيليين، وقال المسؤول: "ندرك أيضا أنهم عدوانيون وعليهم أن يكونوا عدوانيين في هذه الساعات المبكرة".
ومنذ هجوم يوم السبت، فرضت إسرائيل حصارا مطبقا على قطاع غزة الذي يسكنه 2.3 مليون نسمة وشنت حملة قصف قوية محت أحياء بأكملها.
بعد أن أبقى بايدن نفسه في منأى من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني طويل الأمد، وجد نفسه الآن في أتون حريق مستعر في الشرق الأوسط، فهو لا يستطيع أن يتحمل استعداء الناخبين المؤيدين لإسرائيل قبل انتخابات العام المقبل، حيث يعد اللوبي القوي المؤيد لإسرائيل، بقيادة لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، قوة رئيسية في السياسة الأمريكية وكثيرا ما يدعم نتنياهو.
اضطر بايدن إلى الدخول مع نتنياهو في تحالف غير مريح بسبب الحرب.
وفي حين نال بايدن الثناء على دعمه القوي لإسرائيل في العديد من الأوساط، فقد أثارت الأزمة أيضا انتقادات لعدم تكريسه اهتماما كافيا لمحنة الفلسطينيين الذين يرون آمالهم في إقامة دولة تتلاشى أكثر من أي وقت مضى في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال خالد الجندي مستشار المفاوضات الفلسطينية السابق الذي يعمل الآن في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "كانت فلسفتهم التي يسترشدون بها بشأن هذه القضية على مدى السنوات الثلاث الماضية هي القيام بأقل القليل".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة