لماذا فشلت الـ100 مليار دولار الأميركية في توقع هجوم حماس؟

لم تنتظر أميركا طويلا بعد الهجوم لتحرك سفنا حربية وطائرات إلى الشرق الأوسط بهدف دعم إسرائيل، فيما أكدت أسوشيتد برس استمرار تدفق المزيد من الدعم الأميركي العسكري لإسرائيل، في الفترة المقبلة، والمتمثل في حاملة طائرات وذخائر لصواريخ القبة الحديدية.

وإلى جانب الدعم المعلن، تحتفظ أميركيا بـ 6 قواعد عسكرية "سرية" في إسرائيل، بحسب مجلة نيوزويك الأميركية.

القاعدة الأهم تقع في الموقع 512 في بئر السبع، وعلى بعد 38 كيلومترا من غزة، وهو الموقع نفسه الذي توجد فيه البطارية 13 من منظومة صواريخ باتريوت الأميركية.

وتركز البطارية 13 على التصدي لأي هجوم محتمل بالصواريخ من إيران على إسرائيل.

ويوجد نحو 200 أميركي يعملون في ضبط الرادارات وبرمجة نظام القبة الحديدية الإسرائيلي، الذي أشرفت على تصنيعه شركتي ريثيون ولوكهييد مارتن الأميركيتين.

إلى جانب القواعد العسكرية الأميركية، جمعت أميركا وإسرائيل الكثير من التدريبات المشتركة.

وفي عطلة نهاية الأسبوع وقبل الهجوم، تواجد عدد من الجنود الأميركيين في قاعدة حتسريم الجوية الإسرائيلية، التي تقع على بعد 28 كيلومترا من غزة، لإجراء تدريبات تتعلق بجمع الجثث من ساحة المعارك والتعامل مع المشارح.

وفي مطلع العام الحالي جمعت البحرية الأميركية مناورات مشتركة عدة مع نظيرتها الإسرائيلية.

وفي يوليو الماضي، كانت هناك مناورات أخرى، شهدت انتشار 6400 جندي أميركي في إسرائيل بحسب نيوزويك.

لا تكتفي الولايات المتحدة بالقواعد والتدريبات المشتركة مع الجيش الإسرائيلي فقط، إنما تدعمه ماليا بالمليارات.

وبحسب موقع فوكس الأميركي، فإن إسرائيل تتلقى حاليا دعما عسكريا من الولايات المتحدة الأميركية بقيمة 3.8 مليار دولار سنويا.

ويأتي هذا الدعم بموجب مذكرة تم توقيعها بين الطرفين في 2019، وشكل نحو 16% من ميزانية إسرائيل العسكرية عام 2022.

وإلى جانب ذلك تبيع أميركا لإسرائيل جميع أنواع الأسلحة التي عليها قيود، فيما يبلغ حجم التجارة بين الطرفين نحو 50 مليار دولار سنويا، وإلى جانب ذلك تمنح الولايات المتحدة إسرائيل تسهيلات كبيرة ونسبة قليلة للاقتراض المباشر من المصارف الأميركية.

رغم كل هذا الاهتمام الأميركي بإسرائيل، وكذلك التواجد والعلاقات الاستراتيجية، فإن حماس نجحت أيضا في خداع الاستخبارات الأميركية، مثلما فعلت بنظيرتها الإسرائيلية، لكن كيف تم ذلك؟

ربطت نيوزويك بين نمط تعامل الاستخبارات الأميركية مع هجوم حماس وبين تعاملها مع هجمات الـ11 من سبتمبر، ورأت أن سبب الإخفاق في التوقع يعود إلى وفرة المعلومات من الأساس، إذ تجمع الاستخبارات الأميركية الكثير من المعلومات، لكن تحليلها يأتي وفقا للأولويات، في حين تعتمد في بعض الملفات مثل حماس على ما تعرفه إسرائيل ويبلغون عنه.

واعترف مسؤول رفيع في الاستخبارات الأميركية للمجلة الأميركية بـ"قلة جودة" جهازهم في التنبؤ، إذ يكون التركيز أكثر على الجوانب العسكرية، عندما تكون المعارك على وشك الانطلاق، وليست الهجمات التي تُغلف بالسرية.

وبشكل عام تكلف عملية جمع المعلومات وتحليلها خزينة أميركا نحو 100 مليار دولار سنويا، لكن نظرا لكثرة الجبهات التي تواجهها الآن مثل (أوكرانيا وأفغانستان والصومال) يتم التعامل معها حسب الأولوية.

وبحسب المسؤول، فإن عملية جمع المعلومات وتحليلها يتم أحيانا بالآلة والذكاء الاصطناعي، فيما يتولى العنصر البشري تلك المتعلقة بالحرب النووية، والهجمات التي تستهدف أميركا مباشرة.

وحتى بالنسبة لحماس فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي، بحسب المسؤول، يمتلك فعليا خلية تتابع نشاطها، لكن اهتمامها ينحصر فقط في "تحليل المعلومات التي تتعلق بهجمات محتملة في أميركا".

في سياق حديث وسائل إعلام أميركية عن فشل استخبارات بلادها في التنبؤ بهجوم حماس، ألمح المسؤول الاستخباراتي في إفادته لنيوزويك إلى أن اللوم تتحمله الاستخبارات الإسرائيلية.

وأوضح المسؤول الذي فضل حجب اسمه ومنصبه للمجلة الأميركية: "الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي إدارة بايدن، ليست مسؤولة عن فشل الاستخبارات الإسرائيلية".

ولم يبرئ المصدر ساحة الاستخبارات الأميركية تماما، رغم الحديث عن أن الشرق الأوسط، وتحديدا منطقة غزة، لا تمثل أولوية بالنسبة لها في الوقت الراهن، بسبب الحرب الأوكرانية.

وأكد أن التهديد الإيراني للمنطقة يمثل إحدى أولويات الاستخبارات الأميركية الأربع للبنتاغون، خصوصا عن الانتشار العسكري المستمر والزيارات رفيعة المستوى التي تضفي طابعا رسميا على المهمة الداخلية المتمثلة في "حماية القوة"، وهو المصطلح الذي يستخدمه البنتاغون للإشارة إلى برنامج حماية الأفراد الأمريكيين في جميع أنحاء العالم ضد أي هجوم إرهابي محتمل.

وقال: "لست متحمسا للقول بإننا فوتنا الهجوم بسبب أوكرانيا، لأنني أعتقد أننا كنا سنفوته على أي حال"، في إشارة إلى التركيز الكبير على الحرب في أوكرانيا وإهمال بقية الملفات في الشرق الأوسط.