سياسة
أظهر استطلاع ما بعد التصويت في الانتخابات التشريعية ببولندا، أجرته شركة إبسوس، تفوق المعارضة على الحزب اليميني المحافظ، القانون والعدالة، بقيادة ياروسلاف كاتشينسكي.
وبدأت المعارضة بالاحتفال مبكرا بانتصار سيمهد في حال تأكيده، الطريق لتغيير كبير بعد 8 سنوات من حكم الحزب القومي.
فما هي أهمية هذه الانتخابات؟ وكيف يمكن أن يغير فوز المعارضة الخارطة السياسية للبلاد بالنظر إلى العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والحرب الروسية الأوكرانية؟
يشير الاستطلاع الذي شمل عينات من 900 مركز اقتراع بالبلاد إلى أن هذه الانتخابات تعد الأكثر أهمية منذ سقوط جدار برلين.
كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أن فوز المعارضة التي يقودها رئيس الوزراء السابق دونالد تاسك سيحدث تحولاً جذرياً بالنسبة لبولندا، بعدما تسبب الحزب اليميني في السير بالبلاد بعيدا عن الأعراف الديمقراطية، حسب الصحيفة، حيث فرض قيودا صارمة على الإجهاض واستهدف حقوق مجتمع المثليين وقوض روابط الاتحاد الأوروبي.
ويقول مراقبون إن فوز المعارضة من شأنه أن تكون له آثار كبيرة على الديمقراطية البولندية والوحدة الأوروبية وجهود الغرب لمواجهة روسيا.
ووصفت المعارضة الانتخابات البرلمانية بأنها "الفرصة الأخيرة" لإنقاذ الديمقراطية؛ لذا لم يكن من المستغرب أن يشهد الاقتراع إقبالا قياسيا، متفوقا حتى على أول انتخابات حرة بعد سقوط الشيوعية.
وأعلن رئيس الاتحاد الأوروبي السابق دونالد توسك فوزه بعد أن توقعت استطلاعات الرأي فوز الائتلاف المدني الذي يقوده مع حزبين صغيرين آخرين بأغلبية في البرلمان، وأعلن في وقت متأخر من مساء الأحد أن "الديمقراطية انتصرت"، قائلا إن حقبة "قاتمة" قد انتهت.
أشار الاستطلاع إلى أن فوز المعارضة سيعتمد على ائتلاف من الناخبين الأصغر سنا وسكان المدن ذوي التعليم العالي والبولنديين الذين يعيشون في النصف الغربي الصناعي من البلاد، والذي يتمتع بعلاقات تاريخية أعمق مع بقية أوروبا.
وشهدت الحملة الانتخابية البولندية بعضاً من أكبر المسيرات في شوارع وارسو منذ استعادة الديمقراطية قبل ٣ عقود، وأشار استطلاع آراء الناخبين عند خروجهم من مراكز الاقتراع إلى نسبة إقبال قياسية بلغت 73%. وظلت بعض مراكز الاقتراع ذات الطوابير الطويلة مفتوحة حتى الليل.
ونشر راديك سيكورسكي، العضو البولندي في البرلمان الأوروبي ووزير الخارجية السابق، على منصة إكس قوله: "لقد حشدت الطبقة المتوسطة البولندية للحفاظ على ديمقراطيتنا الأوروبية. الإقبال الكبير في المناطق الحضرية أدى إلى إحباط المحافظين في جنوب شرق البلاد".
ونقلت صحيفة الغارديان عن مواطن بولندي أنه صوت لصالح حزب دونالد توسك، رئيس التحالف المدني، وصرح الرجل الذي يبلغ من العمر 46 عاما أنه رأى الكثير من الشباب لأول مرة منذ أكثر من 4 أو 8 سنوات يتوجهون إلى صناديق الاقتراع.
كما وصف رجل آخر، 78 عاما، أن الصورة النمطية التي تقول إن كبار السن يدعمون حزب القانون والعدالة ليست صحيحة، وأضاف أن هناك الكثير من كبار السن الذين يعرفون كيف يفكرون.
تحظى نتائج الانتخابات البرلمانية بمتابعة خاصة في واشنطن وبروكسل وكييف وموسكو، حيث تلعب بولندا دوراً مركزياً في رد فعل الغرب على الغزو الروسي لأوكرانيا، بعدما زودت أوكرانيا بدبابات ليوبارد 2 ألمانية الصنع ومقاتلات بولندية من طراز ميج 29، كما استقبلت ملايين اللاجئين الأوكرانيين منذ بداية الحرب.
ويذكر تقرير لشبكة بي بي سي أن أوروبا لا تريد أن ينظر إليها على أنها تتدخل في الانتخابات البولندية لكنها تراقب النتائج عن كتب، ولا سيما مع مؤشرات تفيد فشل اليمين المتشدد الذي يعارض سياسة الاتحاد الأوروبي.
وبسبب توجهات بولندا التي تراها بروكسيل على أنها غير ديمقراطية، قامت بتعليق مليارات اليورو التي تحصل عليها من صندوق التعافي الأوروبي، حسب صحيفة دايلي إكسبريس البريطانية.
نشرت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية تقريرا يشير إلى أن مجلس النواب البولندي اعتمد في 10 يونيو 2016 قانون مكافحة الإرهاب الذي يخول لجهاز الأمن الداخلي بالتصنت على المكالمات الهاتفية للمهاجرين لمدة 3 أشهر وبدون أمر قضائي. وعلى أساس هذه المكالمات، يتم التأكد من عدم تورطهم في أعمال إرهابية. ويقابل كل شك في نزاهة المهاجرين المسلمين ترحيل خارج البلاد.
كما يخول القانون لوزير الداخلية تحديد الممارسات التي يمكن اعتبارها "أعمالا إرهابية"، مثل إنشاء أكاديمية إسلامية أو زيارة رجل دين في السجن.
وفي الوقت الذي تتخذ فيه بولندا إجراءات داخلية صارمة في حق المهاجرين، فهي تقوم أيضا بإصدار أكبر عدد من التأشيرات في الاتحاد الأوروبي.
تقول وزارة خارجية بولندا إنه تم إصدار ما يصل إلى 350 ألف تأشيرة في السنوات 3 الماضية، بينما يقول مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي إن عدد التأشيرات وصل إلى حوالي 700 ألف عام 2022، ما يجعلها أكبر مصدر للتأشيرات في الكتلة، وفقا لوكالة أسوشيتد بريس.
وفي هذا الشأن، اتُهمت وزارة الخارجية البولندية والقنصليات البولندية بالمشاركة في مخطط غير قانوني واسع النطاق تم من خلاله إصدار تأشيرات بولندية للمهاجرين من إفريقيا وآسيا مقابل مبالغ كبيرة من المال، وفقا لشبكة سي إن إن.
ونظرًا لأن بولندا عضو في منطقة شنغن الخالية من جوازات السفر، فإن التأشيرات التي تصدرها الدولة تمنح حامليها حرية الوصول إلى الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة في منطقة شنغن، والتي تشمل 23 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سويسرا، وأيسلندا والنرويج وليختنشتاين.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة