ما هي أهداف موسكو الـ5 في الشرق الأوسط؟

بعد 600 يوم من بدء الحرب في أوكرانيا المرشحة للاستمرار طويلا، تسمح الأزمة في الشرق الأوسط بتحويل انتباه المجتمع الدولي عن الأزمة الأوكرانية.

يصف ألكسندر غابويف الباحث بمركز كارنيغي هذا الصراع الذي يكاد يدخل أسبوعه الثالث بأنه "نعمة لروسيا لأنه يصرف الكثير من الاهتمام الموجه من الولايات المتحدة والغرب".

ويرى نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي إيغور دولانويه أن هجوم حماس يسهم بفعل العواقب المترتبة عنه في استنزاف الاهتمام الغربي العام بأوكرانيا.

ويشير غابويف إلى أن الإدارة الأميركية تعتزم تخصيص الكثير من الوقت للأزمة الحالية في الشرق الأوسط، حتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024 على أقل تقدير.

ويعقّد هذا المنظور لعبة فلاديمير بوتين، فانتصار الجمهوريين من شأنه أن يخدم مصالحه لأن بعض هؤلاء يسعى لإعادة النظر في المساعدات الأميركية لكييف. كما أن الموضوع الإسرائيلي حساس للغاية في أوساط اليمين الأميركي.

يشكل الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، حتى أن بعض الأصوات في الغرب أبدت شكوكا في أن يكون الكرملين قد لعب دورا في الهجوم الذي شنته الفصائل الفلسطينية المسلحة على إسرائيل في السابع من أكتوبر، لكن لا دليل ملموساً يؤكد هذه الفرضية.

تدعم هانا نوت، المحللة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، ومقره واشنطن، هذه الفرضية فتقول "لم أرَ أي دليل على دعم روسي مباشر لحماس وهذا الهجوم - لناحية التخطيط والأسلحة والتنفيذ. ولنكن واضحين: المساعدة الروسية لم تكن ضرورية".

وترى تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة موقع "آر بوليتيك" RPolitik المتخصص، في حديثها لفرانس برس أن "التصعيد الشديد الذي قد يؤدي حتى إلى صراع مفتوح بين إيران وإسرائيل، يمكن أن يضر بالوجود الروسي الراسخ في الشرق الأوسط والوضع الحالي لحملتها في سوريا".

وتشدد على أن القواعد العسكرية الروسية في سوريا تسمح "بإبراز نفوذ موسكو في إفريقيا والشرق الأوسط".

أصبح التقارب بين طهران وموسكو أحد مفاتيح الدبلوماسية الروسية، ولا سيما مع الاستخدام المكثف للمسيّرات الإيرانية في أوكرانيا.

وبحسب فرانس برس، تشكّل طهران داعما رئيسيا لحركة حماس، على غرار حزب الله في لبنان.

وبحسب نايجل غولد ديفيز الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، فإن حرب روسيا في أوكرانيا عززت العلاقات العسكرية مع إيران، مشيرا إلى زيارة مسؤولي حماس موسكو ثلاث مرات على الأقل منذ الحرب الروسية الأوكرانية.

ويضيف "كان السؤال دائماً هو إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا التعاون من دون دفع (إسرائيل) إلى إعادة التفكير في علاقاتها مع موسكو"، كما تخشى موسكو من أن يؤدي أي انتقام قاس ضد إيران إلى إضعاف أحد حلفائها المقربين القلائل.

رغم الحرب في أوكرانيا، فإن العلاقات الشخصية جيدة بين فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وهو ما انعكس في عدم تسليم المصانع العسكرية الإسرائيلية أي أسلحة لقوات كييف.

بحسب ديمتري مينيك، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فإن موسكو قد نجحت حتى الآن في إبقاء إسرائيل خارج الحرب في أوكرانيا، وألا تكون داعماً إضافيا لأوكرانيا.

رغم ذلك فإن الرئيس الروسي امتنع عن وصف هجمات حركة حماس في السابع من أكتوبر بأنها "إرهابية" كما فعل الغرب، وهو ما تفسره هانا نوت من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه "تغيير في أولوياته السياسية، وحقيقة أنه يخاطب الآن الرأي العام المؤيد للفلسطينيين في الشرق الأوسط ونصف الكرة الجنوبي"

يتمثل الهدف الأساسي للدبلوماسية الروسية، في إضعاف النظام العالمي الغربي، وهو المشروع الذي يتقاسمه معها بشكل خاص حلفاؤها الصينيون والإيرانيون والكوريون الشماليون.

خلال تعليقه على الأزمة، ألقى بوتين باللائمة بشكل مباشر على واشنطن، وهو ما تقول عنه تاتيانا ستانوفايا "الوضع في المنطقة يساهم في نشر الخطابات المعادية للغرب من خلال اتهامه بالتسبب بحالة عدم الاستقرار العالمي وبإعادة فتح الصراعات التاريخية".

ويقول ديمتري مينيك، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "ما يوحّد جزءاً من بلدان الجنوب وروسيا ليس تبادل القيم الإيجابية بقدر ما هو الاستياء، وحتى الكراهية، وفي كثير من الأحيان التصور غير العقلاني للغرب"، مضيفاً "ولهذه العلاقة مع الغرب مصادر عدة تشكل أرضاً خصبة لا تنضب لموسكو".