"حرب في هارفارد".. سلاحها "فلسطين" وضحاياها الطلاب

عبر بيانهم، أدان طلاب الجامعة الأميركية المرموقة الجانب الإسرائيلي، وحمّلوه المسؤولية كاملة عن أحداث العنف التي بدأت بهجوم حماس المباغت على الجانب الإسرائيلي في 7 أكتوبر، محملين "عقودا من الاحتلال" ونظام الفصل العنصري المسؤولية عن تفاقم الوضع.

وأعد البيان تحالف من حوالي ٣٤ منظمة طلابية متنوعة الخلفيات، فهناك جماعات دعم فلسطينية وإسلامية، وحتى مجموعة "يهود من أجل التحرير"، ومجموعة طلابية أخرى تُعرف باسم "منظمة المقاومة الأميركية الأفريقية".

في أعقاب نشر البيان، تصاعدت الأحداث على خط النار في منطقة الشرق الأوسط، كما تصاعدت حدة الاعتراضات على البيان في هارفارد. ففي البداية أصدرت رئيسة جامعة هارفارد، كلودين جاي ومجموعة من القيادات بيانا متعلق بالأحداث.

في جوهره تناقض البيان مع ذلك الصادر عن الطلاب، إذ عبّرت خلاله القيادات عن شعورها بالحزن "بسبب الموت والدمار الذي أحدثه هجوم حماس الذي استهدف مواطنين في إسرائيل".

بيان قيادات هارفرد لم يأت على ذكر بيان الطلاب المثير للجدل، الأمر الذي أغضب المستائين من الخطاب المناصر لفلسطين، ومن ثم اتُهمت إدارة الجامعة بالتأخر في الرد، بحسب موقع أكسيوس.

مرة أخرى، عادت الجامعة وأصدرت بيانا تتنصل فيه بشكل واضح من البيان المناصر لفلسطين، إذ أكدت على أنه لا توجد مجموعة طلابية يمكنها التحدث باسم الجامعة أو قياداتها.

بموازاة ذلك، ظهر تيار مضاد من آلاف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والخريجين الذين وقعوا على بيان مضاد لخطاب التحالف الطالبي، واصفين إياه "بالخاطئ" و"المعيب".

هذه الأجواء المنقسمة في أروقة الجامعة العريقة أدت إلى تصدعات إدارية، فقد استقال على سبيل المثال اثنان من المليارديرات أعضاء مجلس الإدارة التنفيذي، كما سحب أحد المانحين أموال كان قد خصصها لبرامج الزمالة، حسب صحفية نيويورك تايمز الأميركية.

على الجهة الأخرى طالبت شخصيات أخرى في قطاع الأعمال بنشر أسماء الطلاب أعضاء الكيانات الموقعة على البيان الجدلي، بحسب تقرير نشره موقع فوكس بيزنس، من بين هؤلاء الملياردير ومدير صندوق التحوط الاستثماري بيل أكمان.

وشارك أكمان منشورا على منصة إكس قال فيه: "لقد سألني عدد من الرؤساء التنفيذيين إذا كانت هارفرد ستصدر قائمة بأسماء أعضاء كل منظمة من المنظمات التي أصدرت الرسالة التي تحمّل إسرائيل المسؤولية الوحيدة عن أعمال حماس الشنيعة، وذلك لضمان عدم قيام أي منا عن غير قصد بتعيين أي من أعضائها. لا ينبغي للمرء أن يكون قادراً على الاختباء خلف درع الشركات عندما يصدر بيانات تؤيد تصرفات الإرهابيين".

على مدار أيام سحبت بعض المنظمات توقيعها على البيان، كما حُذفت أسماء الجهات الموقعة على البيان "للحفاظ على سلامة الطلاب".

إلا أن خطوة حجب أسماء الموقعين عن الأنظار جاءت متأخرة، إذ تمكن البعض بالفعل من الوصول لقوائم بأسماء الطلاب وبياناتهم وبيانات أفراد أسرهم وإرسال رسائل تهديد لهم، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

بعض من تلك الأسماء جاءت على موقع إلكتروني من إعداد أحد خريجي جامعة ستانفورد، ويدعى ماكسويل ماير، الذي نشر أسماء الطلاب على الإنترنت بعنوان "قائمة الإرهاب الجامعي- دليل مفيد لأصحاب العمل"، وأكد الخريج أنه جمع تلك المعلومات من مصادر عامة، بالإضافة إلى معلومات أُرسلت له عن طريق البريد الإلكتروني.

لاحقا أزالت غوغل، الموقع الذي نشر من خلاله الشاب، قائمة الأسماء.

إلا أن المارة في ميدان هارفرد بإمكانهم الآن أن يروا القائمة المعززة بصور شخصية للطلاب الموقعين، على لوحات عرض إلكترونية مثبتة على ظهر شاحنات تجول في شوارع المنطقة، تحت عنوان يصف هؤلاء الطلاب بأنهم "رواد معاداة السامية في هارفرد".

تتبع الشاحنة لمجموعة محافظة يُطلق عليها Accuracy in Media أو بالعربية "الدقة في الإعلام"، وهناك شاحنات تتبع المؤسسة ذاتها وتقوم بجولات مشابهة في محيط جامعتي ستانفورد وبيركلي.

وتعتزم المجموعة أن تنشئ مواقع إلكترونية خاصة لهؤلاء الطلاب الموقعين، كي تطالب الجامعة من خلالها بمعاقبتهم رسمياً.