سياسة
تتوعد إسرائيل بالقضاء على حركة حماس ردا على هجومها في السابع من أكتوبر الجاري، لكن يبدو أن مخططات إسرائيل ليست كاملة، أوراقها ليست معدة بشكل كامل، إذ تغيب عن يديها الورقة الأخيرة التي تتضمن شكل الحكم في القطاع الفلسطيني المنكوب في حال حققت النصر في ساحة القتال. فما هي الخطط المتوقعة للتوغل؟ وما أبرز العقبات لما بعد الحرب؟
تسعى إسرائيل بتدمير البنية التحتية في غزة. أ ف ب
تضع إسرائيل نصب أعينها الآن حملة عسكرية يُطلق عليها "عملية السيوف الحديدية"، من خلال تلك العملية ترد إسرائيل على هجوم حماس غير المسبوق في الجنوب، يقول مسؤولين إقليميين وغربيين لوكالة رويترز أنه لن يكون هناك مثيل لتلك العملية في ضراوتها.
وقال ثلاثة مسؤولين إقليميين مطلعين على المناقشات بين الولايات المتحدة وزعماء الشرق الأوسط إن الاستراتيجية الإسرائيلية الفورية هي تدمير البنية التحتية في غزة، حتى لو سقط عدد كبير من الضحايا المدنيين، إلى جانب دفع سكان القطاع نحو الحدود المصرية وملاحقة حماس بتفجير شبكة الأنفاق مترامية الأطراف تحت الأرض والتي بنتها الجماعة لتنفيذ عملياتها.
قال مسؤولون إسرائيليون إنه ليس لديهم تصور واضح لما قد يكون عليه الوضع في المستقبل بعد الحرب، لكن مصدر مطلع في واشنطن أكد إن بعض مساعدي الرئيس الأمريكي جو بايدن يشعرون بالقلق من أن إسرائيل، رغم أنها قد تبرع في وضع خطة فعالة لإلحاق ضرر دائم بحماس، فإنها لم تضع بعد استراتيجية للخروج، وأضاف أن الرحلات التي قام بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى إسرائيل شددت على الحاجة للتركيز على خطة ما بعد الحرب في غزة.
وقال مصدر أمني إقليمي: "إسرائيل ليس لديها نهاية للعبة في غزة. استراتيجيتهم هي إسقاط آلاف القنابل وتدمير كل شيء والدخول. ولكن ماذا بعد؟ ليس لديهم استراتيجية خروج لليوم التالي".
أما تساحي هنجبي رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي فقد تحدث للصحفيين يوم الثلاثاء فقال: "نحن بالطبع نفكر ونتدبر في هذا الأمر، بما يتضمن تقييمات ويشمل (مشاركة) مجلس الأمن القومي والجيش وآخرين بشأن الوضع النهائي... لا نعرف على وجه اليقين كيف سيكون".
واستدرك: "لكن ما نعرفه هو ما الذي لن يكون"، في إشارة إلى هدف إسرائيل المعلن المتمثل في القضاء على حماس.
لكن المصدر الأميركي قال إن التفاؤل في واشنطن أقل تجاه قدرة إسرائيل على القضاء تماما على حماس وإن المسؤولين الأميركيين يرون احتمالا ضئيلا لرغبة إسرائيل في التمسك بأي أراض في غزة أو إعادة احتلالها، وأضاف أن السيناريو المرجح سيكون أن القوات الإسرائيلية ستقتل أكبر عدد ممكن من أفراد حماس أو تأسرهم وستفجر أنفاقا وورشا لتصنيع الصواريخ ثم بعد تزايد القتلى والجرحى الإسرائيليين، ستبحث عن سبيل لإعلان النصر والخروج.
قالت مصادر إقليمية إن واشنطن تعتزم إعطاء دفعة للسلطة الفلسطينية التي فقدت السيطرة على غزة لصالح حماس في 2007 على الرغم من وجود شكوك كبيرة حول إذا ما كانت السلطة الفلسطينية أو أي سلطة أخرى تستطيع حكم القطاع الساحلي في حالة إبعاد حماس.
وعبر آرون ديفيد ميلر خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، عن شكوكه العميقة إزاء احتمال تشكيل حكومة تخلف حماس في حكم غزة.
يخضع قطاع غزة لحكم حماس منذ العام ٢٠٠٦ ويبلغ عدد سكانه حوالي ٢.٣ مليون نسمة.
وبالرغم من أن الاجتياح الإسرائيلي لم يبدأ بعد، فقد سقط في غزة 3500 فلسطيني بفعل القصف الجوي الإسرائيلي، ثلثهم تقريبا من الأطفال، وهو عدد أكبر من قتلى أي صراع سابق بين حماس وإسرائيل.
وأبلغ بايدن الإسرائيليين خلال زيارته لإسرائيل أمس الأربعاء بأنه يجب القصاص من حماس، لكنه حذر من تكرار أخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر.
وقال: "الغالبية العظمى من الفلسطينيين ليسوا حماس... وحماس لا تمثل الشعب الفلسطيني".
وقال ميلر، المفاوض الأمريكي السابق في الشرق الأوسط، إن زيارة بايدن كانت فرصة سانحة بالنسبة له للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتفكير في قضايا مثل الاستخدام المتناسب للقوة والخطط طويلة المدى لغزة قبل شن أي غزو.
تخيم حالة من الخوف في أنحاء المنطقة من احتمال اتساع الحرب خارج حدود غزة، وأن تفتح جماعة حزب الله اللبنانية وإيران الداعمة لها جبهات جديدة رئيسية دعما لحماس، وحذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من احتمال اتخاذ إجراء "استباقي" ضد إسرائيل إذا مضت واجتاحت غزة، وقال إن إيران لن تتخذ موقف المتفرج إذا لم تقم الولايات المتحدة بكبح جماح إسرائيل.
وأبلغ قادة عرب بلينكن الذي أجرى جولة في المنطقة مؤخرا بأنهم ورغم تنديدهم بهجوم حماس على إسرائيل فإنهم يعارضون العقاب الجماعي للفلسطينيين العزل، وهو ما يخشون من أن يؤدي إلى اضطرابات في المنطقة، حيث أكدوا إن الغضب الشعبي سيزيد في أنحاء المنطقة مع ارتفاع عدد الضحايا.
وأرسلت واشنطن مجموعة حاملة طائرات هجومية إلى منطقة شرق البحر المتوسط، لكن لم تكن ثمة إشارة إلى أن الجيش الأمريكي سيتحرك من موقف الردع إلى موقف الانخراط المباشر.
وقال مصدر إقليمي ثان حول إمكانية اتساع الصراع خارج حدود غزة: "مهما يكن السيناريو الأسوأ في مخيلتكم، فإن الواقع سيكون أسوأ".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة