سياسة
.
"قبل أن أغادره قال انتظر حتى الغد وستقر أعين الأحرار. معلمي رجل لا يكذب"، هذه رسالة مشفرة اعترضها خبراء أمنيون أميركيون، ورصدتها دراسة حديثة حصلت بلينكس على نسخة منها.
الدراسة رصدت أيضا استعدادات لأطراف من لبنان والعراق وسوريا، جميعها فصائل مسلحة موالية لإيران، بدأت الاستنفار منذ اللحظة الأولى للحرب، وتصاعدت وتيرتها يوماً بعد يوم.
كان الملاحظ هو استخدام الخطاب الديني في الحشد لتلك التحركات، أو توصيل رسائل مشفرة، فكيف بدأت؟ وما الاتفاق الذي يجمع تلك الأطراف؟
بشكل شبه يومي ينشر أحد عناصر الفصائل المسلحة في العراق والمدعو أبو عزرائيل يومياته على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، معلناً أنه من أوائل المتطوعين العراقيين الذين قدموا للمشاركة في دعم الفلسطينيين خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزّة.
أيوب فالح الربيعي المعروف بأبو عزرائيل هو شخصية اشتهرت خلال حرب الموصل ضد تنظيم داعش الإرهابي بعد سيطرتهم على ثلث مساحة البلاد في 2014، واشتهر بجمله التي كان يتوعد فيها عناصر التنظيم بالقتل والسحل، وينتمي لما يعرف بكتائب الإمام علي، إحدى الميليشيات المسلحة الموالية لإيران.
اليوم، يرتدي زيه العسكري، وينشر بشكل متواصل تهديداته للجيش الإسرائيلي عن وصوله إلى الحدود من أجل قتالهم ومحاولة الدخول إلى غزة بشكل أو آخر أو انتظار قتالهم حال اندلعت حرب بينهم وبين ميليشيا حزب الله اللبناني.
لم يكن سفر أبو عزرائيل مجرد قرار منفرد، وفق مصادر خاصة مقربة من الفصائل، لكنه جزء من عمليات نقل لعناصر الفصائل المسلحة العراقية إلى جنوب لبنان والانضمام إلى عناصر جماعة حزب الله اللبنانية.
في المقابل انتقلت عائلات قيادات في حزب الله اللبناني إلى بعض المحافظات الجنوبية في العراق، لتوفير الحماية لهم حال اندلاع الحرب في الجنوب اللبناني مع إسرائيل، والتي بدأت بوادرها تنطلق عبر الهجمات المحدودة بين الطرفين هنا وهناك.
تأتي تلك التحركات بعد تلميحات لقادة من تلك الفصائل حول المشاركة المباشرة في المعركة.
مسؤول في كتائب حزب الله في العراق، المعروف باسم أبو حسين الحميداوي، قال إن "الواجب الشرعي يحتم وجودنا في الميدان، لدفع شرور الأعداء".
قبل ذلك كان زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، أكد في منشور عبر منصة إكس، أن حركته "تراقب الأحداث من قرب، مستعدة غير متفرجة".
ونشرت مواقع قريبة من الفصائل صورا لزعيم ميليشيا سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، على الحدود الفاصلة بين لبنان وإسرائيل متحدثا عن مشاركة في غرفة عمليات لما يسمى بـ"محور المقاومة" قد تشكلت هناك.
وخلال الساعات الماضية أعلن رئيس مركز ألوان للدراسات الاستراتيجية حيدر البرزنجي وهو أحد المقربين من الفصائل العراقية الشيعية المسلحة بأن ما يعرف بالمقاومة الإسلامية أعلنت تشكيل غرفة عمليات مشتركة تحت اسم "عمليات إسناد طوفان الأقصى".
وتشير مصادر مقربة من الفصائل أن مقاتليها بدأوا بالتوجه إلى سوريا ولبنان.
وأضافت المصادر أن اتصالات مكثفة تجري بين جميع الفصائل وإيران خلال الساعات الماضية، بعد تمركز مجموعات في مناطق مختلفة قرب الحدود، وأن الفصائل العراقية تخطط لتوزيع انتشارها بين استهداف المصالح الأميركية في العراق، ونشر عناصر لها في سوريا ولبنان استعداداً لفتح جبهات مستقبلية مع إسرائيل في حال جاء الضوء الأخضر من إيران.
بموازاة هذه التطورات، رصد عدد من الخبراء الأمنيين والعسكريين الأميركيين، عددا من الرسائل المشفرة لبعض المليشيات العراقية، تشير إلى استعدادهم إلى التصعيد ضد إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة.
وأشار الخبراء خلال دراسة بحثية، تلقت بلينكس نسخة منها، الثلاثاء، إلى أنهم رصدوا واعترضوا بعض الرسائل المشفّرة للمليشيات على حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي تشير إلى الاستعداد لـ"شيء ما".
الدراسة تابعت أن المليشيات العراقية تستخدم حالياً لغة كانت تنذر في السابق بشنّ هجماتٍ على أهداف أميركية، سواء بشكلٍ مكثف أو عمليات صغيرة في ظل الحرب بين حماس وإسرائيل.
تشير الدراسة، إلى أنه وفي أعقاب اندلاع الحرب في غزة، عادت شبكة "صابرين نيوز" الإعلامية التابعة للميليشيات العراقية إلى أسلوبها القديم المتمثل باستخدام لغة دينية مشفرة للإبلاغ عن التطورات المهمة.
وجاء في إحدى الرسائل الرئيسية التي تم نشرها في وقت مبكر من يوم 13 أكتوبر ما يلي: "رأيت معلمي يمسك بكتاب الله ويرتل آياته. فلم أقاطعه وكأنه لديه أمراً جلل. وقبل أن أغادره قال انتظر حتى الغد وستقر أعين الأحرار. معلمي رجل لا يكذب". وتاريخياً، تم استخدام هذه اللغة المشفرة للإشارة إلى التحرك الوشيك للمليشيات.
كما لفتت الدراسة، إلى نشر شبكة "صابرين نيوز" بيان علي السيستاني في 11 أكتوبر الذي دعا فيه العالم "للوقوف في وجه هذا التوحش الفظيع الذي تنتهجه إسرائيل"، وقد تكون هذه محاولة من جانب الميليشيات للادعاء بأن السيستاني منحها الإذن الديني بتنفيذ أي أعمال قد تكون في صدد التخطيط لها.
الميليشيات الشيعية العراقية المسلحة، استخدمت فتوى أخرى أصدرها السيستاني في يونيو 2014 لتبرير حشدها الجماهيري ضد تنظيم داعش، ولا تزال هذه الفتوى سارية حتى اليوم.
وحتى الآن، لعب حزب الله اللبناني التابع لإيران دوراً داعماً لحرب حماس، إذ صرف نظر إسرائيل وجنودها الاحتياطيين بعيداً عن غزّة في محاولة واضحة لردع أي عملية برية داخل القطاع.
الدراسة أعدها كل من الباحث الأميركي، كريسبين سميث هو زميل في فريق قانوني معني بشؤون الأمن القومي ومقره في واشنطن، والدكتور مايكل نايتس، وهو زميل أقدم في برنامج الزمالة "برنشتاين" المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج العربي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة