دعم واشنطن لأوكرانيا وإسرائيل.. هل ينهكها عسكريا؟

مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية، أكد خلال إحاطة إعلامية في 9 أكتوبر، أن الولايات المتحدة تمتلك القدرة على مساعدة أوكرانيا وإسرائيل مع الحفاظ على جاهزيتها للتدخل العالمي في أي وقت.

لكن المستشار السابق في مكتب وزير الدفاع الأميركي، روملي أكد في دراسته على أن هذه القدرة المزدوجة تبنى على افتراض عدم المشاركة العسكرية المباشرة في هذه النزاعات، كما صرّح منسق الاتصالات الاستراتيجية في "مجلس الأمن القومي" الأميركي جون كيربي في 9 أكتوبر الجاري، وأن الولايات المتحدة "لا تنوي نشر قوات على الأرض".

وأضاف روملي، للوهلة الأولى، تبدو هذه الافتراضات صحيحة ما دام الصراع يقتصر على غزّة، ولكن من المؤكد أنها ستخضع للاختبار إذا انضم آخرون إلى القتال؛ بينما يصرّ المسؤولون في واشنطن على أن المخزونات كافية لدعم كلٍ من أوكرانيا وإسرائيل.

أحد الأسباب لإمكانية هذا الدعم، هو أن جزءاً كبيراً مما قدّمته الولايات المتحدة لأوكرانيا حتى الآن (منصات المدفعية والقذائف المرتبطة بها) لا يتداخل إلى حدٍ كبيرٍ مع ما طلبته إسرائيل (صواريخ اعتراضية من طراز "القبة الحديدية" وذخائر موجهة بدقة تُطلق من الجو)، لكن بالنظر إلى ظروف الصراع فانه إذا تغير ذلك، فقد يزداد الضغط على المخزون العالمي الأميركي.

أوضحت الدراسة البحثية، انه لا توجد معلومات واضحة حول حالة مخزون الأسلحة الأميركية في إسرائيل، وهو مخزون "احتياطي الحرب" من الذخيرة لإسرائيل، الذي استخدمته الولايات المتحدة في يناير الماضي لنقل الإمدادات إلى أوكرانيا، كما سحبت الولايات المتحدة أيضاً من مخزون مماثل في كوريا الجنوبية.

وقد أشار المسؤولون الأميركيون في الشؤون الدفاعية، إلى أن الصناعة تعمل على تكثيف الإنتاج لتجديد هذه المخزونات والقدرات الأخرى، لكن ذلك لا يزال قيد التنفيذ.

وفي أي صراع طويل الأمد، من المرجح أن تحتاج الولايات المتحدة إلى تمويل إضافي من الكونغرس ليس فقط لتزويد إسرائيل بمناهج العمل القائمة، بل لتعزيز خطوط الإنتاج المحلية أيضاً.

الجدير بالذكر أن واشنطن سبق وخفضت من وجود القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، من 90 ألف جندي في عام 2020 إلى حوالي 34 ألف جندي في عام 2023، للتركيز على مناطق أخرى، بالإضافة إلى استنفاذ حرب أوكرانيا المخزونات الأميركية من قدرات معينة واختبرت قدرة القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية على زيادة الإنتاج.

ونبهت الدراسة إلى أن الحرب في غزّة ستفرض على الولايات المتحدة الالتزام بتقديم قوات ومعدات لدعم إسرائيل، مشددة على انه إذا أرادت واشنطن مواصلة دعم شركائها على الصعيد العالمي مع الاستعداد لمنافسة طويلة المدى مع الصين، فسوف تحتاج إلى تفكير ابتكاري مستمر في نشر القوات العسكرية وجهود متضافرة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لتوسيع القاعدة الصناعية الدفاعية من أجل توفير دعم دائم وهادف للشركاء في الخارج.

أشارت الدراسة إلى أنه على المدى الطويل، أبدى مسؤولون في الإدارة الاميركية تحفظاً بشأن قدرة واشنطن على تقديم الإمدادات لكلٍ من أوكرانيا وإسرائيل في ظل الصلاحيات الحالية.

وحذّرت وزيرة الجيش الأميركي خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، من أن تقديم الإمدادات للبلدين "في وقتٍ واحدٍ" سيتطلب تمويلاً إضافياً من أجل "زيادة قدرة واشنطن على توسيع الإنتاج، ومن ثم دفع ثمن الذخائر نفسها أيضاً".

ويخطط مسؤولو البيت الأبيض لطلب سلطات تمويل إضافية من الكونغرس خلال الأسبوع المقبل.

تسعى إسرائيل للحصول على صواريخ اعتراضية لنظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية"، وذخائر موجهّة بدقة، وطلقات ذخيرة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن التهديدات الإقليمية الأخرى.

وتُعتبَر هذه الطلبات استباقية، وتم تقديمها على الأرجح تحسباً لنشوب صراع طويل الأمد يؤدي إلى نفاذ المخزونات الإسرائيلية.

الولايات المتحدة بدأت بتلبية بعض هذه الطلبات على الفور، ففي 10 أكتوبر، أفاد مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك سوليفان أن بعض الصواريخ الاعتراضية قد تم تسليمها بالفعل.

كما كشف مسؤولون أميركيون أنهم يؤمنون بأن لديهم صلاحيات كافية من خلال مذكرة التفاهم الحالية مع إسرائيل لتلبية بعض هذه الطلبات على المدى القريب من دون الحصول على صلاحيات إضافية من الكونغرس.

أحد كبار مسؤولي الدفاع أشار إلى أن ذلك يشمل "النظر فيما كان متفقاً عليه" مع إسرائيل فيما يتعلق بعمليات شراء الأسلحة الإسرائيلية و"العمل على تسريع ذلك".