رغم اندلاع التصعيد يوم السبت السابع من أكتوبر، انتظر توتنهام 5 أيام ليعلن موقفه. وجاء موقفه متسقا تماما مع موقف رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز، البريمييرليغ، بل نقل حرفيا بعضا من فقرات بيانه من بيان الرابطة.

وقال توتنهام في بيانه: "يشعر النادي وعائلتنا الكروية بالصدمة والحزن بسبب الأزمة المتصاعدة في إسرائيل وغزة، وندين بشدة أعمال العنف المروعة والوحشية ضد المدنيين الأبرياء.. تعازينا القلبية للضحايا وأسرهم والمجتمعات المتضررة".

وأضاف البيان بأن النادي سينضم إلى بقية أندية الدوري الإنجليزي الممتاز في ارتداء شارات سوداء والوقوف دقيقة صمت قبل المباراة التالية "كدليل على الاحترام".

ولم يستخدم توتنهام كلمة "إرهاب" في بيانه ولم يذكر هجوم حماس على وجه التحديد، ولم يشر إلى لاعبه الإسرائيلي مانور سولومون.

بمجرد نشر البيان، تباينت ردود الأفعال حوله، إذ رأت فيه الجماهير اليهودية والإسرائيلية بأنه "خيانة" لإرث النادي.

وأوضح رئيس رابطة مشجعي توتنهام في إسرائيل أوهارد أريدان في تصريحات لموقع ذي أثلتيك: "لقد أصاب بيان النادي الكثير من المشجعين الإسرائيليين واليهود بخيبة أمل.. لقد شعروا كما لو أن النادي يحاول التخلص من هويته التاريخية".

وأضاف: "لا يوجد مبرر، هناك إرهاب وتوتنهام قرر التزام الصمت، وعندما تلتزم الصمت في هذا الوقت، هذا يعني فوز الإرهاب".

وختم: "يمكنني التأكيد على أن عددا كبير من المشجعين الإسرائيليين قرروا إلغاء عضويتهم في النادي".

وكان أريدان ورابطته قد سعت إلى الضغط على توتنهام قبل يومين من بيانه، وذلك بنشر صورة لسيارة في إسرائيل اخترق زجاجها طلق ناري باتجاه شعار نادي توتنهام المعلق داخلها، وأشاروا إلى أنها "الطلقة" من جراء هجوم حماس المباغت، لكن هذا الضغط لم يؤتي أكله.

وبعد البيان بيوم واحد، استقال جوناثان أدلمان من منصبه في جمعية خيرية تابعة لتوتنهام تهتم بشؤون لاعبيه القدامى، ونشر الاستقالة على وسائل التواصل الاجتماعي وأرجعها إلى "افتقار النادي المزمن للوضوح الأخلاقي".

وبالمقابل، بدأت الجماهير الإسلامية والعربية تحديدا أكثر راحة وترحيبا بالبيان، وذلك لالتزامه بالحياد.

وبدورها، استبقت شبكة توتنهام وهي رابطة مشجعين للنادي في المنطقة العربية بيان توتنهام ببيان مطلبي، يحثه على الابتعاد عن دعم طرف على حساب الآخر، مذكرين إياه بقيم الرياضة والشعار الذي يرفعه البريمييرليغ عن أن "الرياضة لا علاقة لها بالسياسة".

علاقة توتنهام باليهود ممتدة على مر السنين، وقوامها أن غالبية مشجعي النادي هم من اليهود.

وبحسب ذي أثلتيك، فإن القاعدة الجماهيرية والتقاليد اليهودية في توتنهام تعود إلى مطلع العشرينيات، عندما كان جميع مشجعي كرة القدم من يهود لندن يدعمون توتنهام.

واستمر هذا الإرث، بل ظل يتزايد باضطراد على مر السنين، كما أكدت تقارير بأن ثلث مشجعي توتنهام في العقد الماضي اللذين تواجدوا في مبارياته على ملعب الـ"وايت هارت لين" كانوا من اليهود.

وبالمقابل، هناك أيضا عدد كبير من يهود بريطانيا، ظلوا يشجعون النادي اللندني الآخر، وهو أرسنال.

وفي بدايات عام 1970، بدأ جماهير الفرق الإنكليزية تنعت جماهير توتنهام بعبارة "ييد" التي تصنف على أنها عرقية ومعادية للسامية، لكن بدلا من ذلك جعلت جماهير توتنهام هذه العبارة رمزا للفخر، من أجل إثناء بقية الجماهير على التوقف عنها.

وفي عام 2020 أضافها قاموس أكسفورد إلى مفرداته، وباتت تحيل إلى "مشجع أو لاعب توتنهام".

وحاليا، يعتبر رئيس توتنهام دانيال ليفي أيضا بريطاني من أصل يهودي، وهو يتولى المنصب منذ أكثر من عقدين، فيما يعتبر مالكه، حتى العام الماضي، وهو جو لويس أيضا يهوديا.

والآن، يعد توتنهام النادي الوحيد في البريمييرليغ الذي يحترف فيه لاعب إسرائيلي، وهو الجناح مانور سولومون.

لكن بالمقابل، هنالك عدد من المشجعين للنادي عالميا، بمن فيهم أعضاء حساب "شبكة توتنهام" باللغة العربية على إكس والذي يتابعه 144 ألف.

بشكل عام، برر النادي موقفه، بانحيازه لحياد الرياضة، وضرورة ابتعادها عن السياسية التي تفرق ولا تجمع.

لكن يبدو، أن النادي، أراد ضرب عصفورين بحجر واحد، وهو عدم خسارته لقاعدته الجماهيرية المؤيدة لفلسطين، وأيضا الإبقاء على لاعبه سولومون بعيدا عن الضغوط.

وفي هذا السياق، كانت الحكومة البريطانية نوهت إلى ارتفاع الهجمات المسجلة على يهود بريطانيا بنسبة 400%، وهو رقم غير مسبوق، بحسب تقارير، قبل أن تخصص تمويلا إضافيا بقيمة 3 ملايين إسترليني لحماية المجتمع اليهودي.

وبحال تضامن توتنهام مع لاعبه، وأدان حماس وحدها، كان سيضع مانور سولومون في دائرة الأضواء السلبية، والتهديدات، إذ سينظر إليه بأنه أكثر من مجرد لاعب عادي.

ويعزز هذه السردية عدم تضامن النادي مع لاعبه السويدي ديجان كولوسيفسكي، بعد مقتل مواطنين سويديين في بروكسل هذا الأسبوع.

بسبب إرثه اليهودي القديم، ظلت أعلام إسرائيل حاضرة على الدوام في ملعب وايت هارت لين خلال مباريات توتنهام.

لكن النادي وضع سياسة خاصة تتعلق بالإعلام واللافتات في 2019، طالب بموجبها منع الأعلام التي لا تمت للنادي وكرة القدم بصلة.

ووفقا لهذا القانون، وفي 2021 طلب من أحد المشجعين إنزال علم إسرائيل في الملعب.

وسيكون هذا الأسبوع حاسما في تطبيق النادي لسياسته تلك، في وقت يتوقع أن تشهد المباراة الكثير من الرسائل السياسية جراء موقف النادي من الحرب، فهل يشكل النادي قطيعة جديدة مع إسرائيل، أم يعود لمغازلة إسرائيل؟