خطة إيران لتقويض الأمن العربي عبر وكلائها

قال ممثل حماس في لبنان، أحمد عبد الهادي، لمجلة نيوزويك إن الحركة كانت على تنسيق فعال مع إيران قبل وأثناء وبعد الهجوم ضدّ إسرائيل. وأضاف أن حماس نسقت أيضا مع ميليشيا حزب الله ومع فصائل أخرى قبل الهجوم.

وأشار عبد الهادي إلى أن هذا التنسيق "له أبعاد عدة، سياسية وعسكرية وغيرها".

اعتبر الخبير في الشأن الإيراني، محمد المذحجي، في حديث لموقع بلينكس إن إيران تتضرر من أيّ عملية سلام تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكذلك حماس التي تعرقل أي وحدة فلسطينية يمكنها إفراز ممثل سياسي يرتقي إلى مستوى يمكن التعويل عليه في أي مفاوضات سلام مع الجانب الإسرائيلي، وكل هذه الأمور تصب باتجاه واحد معلن في الصحف الإسرائيلية، وهو موقف حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تنتمي للتيار المتشدد، الرافض لعملية السلام.

وحسب المذحجي فإن حكومة نتنياهو وجدت لنفسها متنفسا داخليا وخارجيا، فالحرب لا تساعد إسرائيل على إعطاء تنازلات كبيرة للدول العربية، في أي مفاوضات مستقبلية للسلام.

"ومن هنا يمكن أن نفهم سبب هذه الحرب وتوقيتها الذي يصب في مصلحة الحكومة الإسرائيلية، لعدم تقديم تنازلات كبيرة للدول العربية، وتنقذ الحرب نتنياهو من احتجاجات داخلية عصفت في إسرائيل لفترة أكثر من ٩ أشهر"، حسب المذحجي.

واعتبر المذحجي أيضا أن الجانب الإيراني يحاول أن يؤجج الصراع بين لبنان وإسرائيل، وكان لبنان قد توقيع اتفاقية تاريخية رسم بموجبها الحدود البحرية مع إسرائيل، والآن تسير بيروت نحو ترسيم الحدود البرية، وإنهاء ملف الحدود.

وأكد المذحجي أن إيران تعارض مثل هكذا اتفاقيات، وتحاول إفشالها.

الباحث بالشأن الإيراني، وجدان عبدالرحمان، يقول في حديثه لموقع بلينكس إن "أي متابع للشأن الإيراني يعلم تماما بتدخلات طهران في المنطقة العربية، حيث تتعدد أذرعتها ببعض البلدان".

ويضيف "بدأت طهران، مع بداية الثورة، والحرب الإيرانية العراقية، بالعمل في آن واحد على إنشاء ميليشيا حزب الله بلبنان في بداية الـ٨٠، والعمل مع المعارضة العراقية مثل قوات بدر".

ويرى المحلل الإيراني المعارض أن إيران اعتمدت منذ البداية بشكل استراتيجية دعم المجموعات التابعة لها وتمويلها وتزويدها بالسلاح، والتأثير عليها فكريا وأيديولوجيا، لأن هدف تصدير الثورة، الذي وضعه الخميني، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية سابقا، منذ بداية الثورة، لا يتم من دون وجود مجموعات تابعة لإيران في المنطقة.

وبات وضع إيران أساسيا في المنطقة العربية، حسب عبد الرحمان، الذي تابع أن، بعد احتلالها بشكل غير مباشر لـ٤ عواصم عربية، استطاعت أن تدعم أذرعتها وتزودها بالأسلحة، من صواريخ متوسطة المدى، إلى المسيرات والأسلحة المتطورة، إضافة إلى الدعم المالي اللازم، والتدريب العسكري.

ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن وحيد جلال زاده رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان قوله الأربعاء "إننا على اتصال مع أصدقائنا حماس والجهاد وحزب الله.. وموقفهم هو أنهم لا يتوقعون منا تنفيذ عمليات عسكرية".

في السياق نفسه، قال مسؤولون، طلبوا من رويترز عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المناقشات في طهران، إن الوقوف موقف المتفرج وقت أي اجتياح بري إسرائيلي واسع لقطاع غزة من شأنه أن يقوض بشكل كبير الاستراتيجية التي تتبعها إيران منذ أكثر من ٤ عقود والمتعلقة ببسط نفوذها وتعزيزه إقليميا.

لكن أيضا من الممكن أن يكبد أي هجوم كبير ضد إسرائيل إيران خسائر فادحة، ويثير غضبا شعبيا ضد المؤسسة الدينية الحاكمة في دولة تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية، حسب ما قال المسؤولون الذين استعرضوا مختلف الأولويات العسكرية والدبلوماسية والداخلية التي تعمل المؤسسة على الموازنة بينها.

فقد بات هناك ضرورة كبيرة لإيران، لأن الموضوع الآن تجاوز، موضوع المنطقة وتصدير الثورة، فأصبحت إيران الآن في مواجهة مع الغرب وأيضا مع إسرائيل، التي تحاول منع التغلغل الإيراني، أو تطويق إسرائيل من خلال هذه المجموعات المسلحة التي أنشأتها أو مولتها إيران.

ويضيف عبد الرحمان أنه أصبح هناك ضرورة إيرانية لهذه الميليشيات، وإيران أعلنتها مرارا، عندما قالت إن خطوطها الأمامية لمعاركها مع خصومها خارج حدودها، وهي سوريا، لبنان، اليمن، والعراق.

وحتى قادة تلك الميليشيات، يعترفون بدور إيران الأساسي والحيوي بالنسبة لهم، مثل قائد ميليشيا حزب الله، حسن نصرالله، الذي قال إن كلّ تمويل الإمدادات تأتي للحزب من إيران.

وأيضا حماس والجماعات المسلحة قالوا إنهم استلموا الأموال بالحقائب من قاسم سليماني وفيلق القدس "وأدخلناها إلى غزة".

ويتابع عبد الرحمان، أنه أخيرا وقبل يومين أعلن أحد مؤسسي حماس، خالد مشعل أنه، في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، هناك دعما من حزب الله ومن إيران، ونتوقع المزيد.

ويشير إلى أنه أيضا اتصال بين وزير خارجية إيران برئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هينة، يؤكد أن إيران تقف خلف أفعال هذه الميليشيات.

ينفي عبد الرحمان ما تدّعيه إيران أنها تريد تحرير القدس، معتبرا أنها لا تعنيها القضية الفلسطينية، ضاربا المثل بما حصل في اتفاقية أسلو التي كادت أن تؤدي إلى اتفاق سلام ما بين إسرائيل والفلسطينيين، إلا أن وقوف طهران إلى جانب حماس شق الصف الفلسطيني، وأضعف القضية.

ويؤكد أن إيران كان لها الدور في إضعاف القضية الفلسطينية وفي عدم التوصل إلى حلّ.

الآن الخوف الإيراني واضح جدّا، حسب الخبراء، لأنه في حال سقطت حماس والجهاد، سيأتي الدور إلى الداخل الإيراني.

لذلك فإن شعارات إيران بخصوص دعم القضية الفلسطينية هي من أجل مشروعها القومي البحت، وليس حتى مشروعا إسلاميا، أو مشروع لدعم المقاومة العربية، بل هو مشروع من أجل مصالح إيران القومية، وهدف الوصول إلى الشرق المتوسط، حسب عبد الرحمان.

وقال ٣ مسؤولين أمنيين لرويترز إنه تم التوصل إلى توافق في الآراء بين كبار صناع القرار في إيران في الوقت الحالي على إعطاء مباركتهم للضربات المحدودة التي يشنها حزب الله اللبناني عبر الحدود ضدّ أهداف عسكرية إسرائيلية، على بعد أكثر من 200 كيلومتر من غزة، فضلا عن هجمات ضيقة النطاق تشنها جماعات أخرى حليفة في المنطقة على أهداف أميركية، مع تفادي أي تصعيد كبير من شأنه أن يجر إيران نفسها إلى الصراع.

تسعى إيران لتوسيع نفوذها سياسيا، مشاريعها القومية من خلال استخدام الشعارات الدينية والمذهبية مع أذرعتها في البلدان العربية، وذلك للوصول إلى أهدافها، حسب عبد الرحمان.

فقد جاء في دراسة حديثة، لرسالة مشفرة اعترضها خبراء أمنيون أميركيون، حصلت بلينكس على نسخة منها، أن هناك استعدادات لأطراف من لبنان والعراق وسوريا، جميعها فصائل مسلحة موالية لإيران، وبدأت الاستنفار منذ اللحظة الأولى للحرب، وتصاعدت وتيرتها يوما بعد يوم.

وكان الملاحظ هو استخدام الخطاب الديني في الحشد لتلك التحركات، أو توصيل رسائل مشفرة.

تأتي تلك التحركات بعد تلميحات لقادة من تلك الفصائل حول المشاركة المباشرة في المعركة.

وقال مسؤول في كتائب حزب الله في العراق، المعروف باسم أبو حسين الحميداوي، إن "الواجب الشرعي يحتم وجودنا في الميدان، لدفع شرور الأعداء".

قبل ذلك كان زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، أكد في منشور عبر منصة إكس، أن حركته "تراقب الأحداث من قرب، مستعدة غير متفرجة".

ونشرت مواقع قريبة من الفصائل صورا لزعيم ميليشيا سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، على الحدود الفاصلة بين لبنان وإسرائيل متحدثا عن مشاركة في غرفة عمليات لما يسمى بـ"محور المقاومة" قد تشكلت هناك.

أوضحت مصادر إيرانية لرويترز أن خسارة قاعدة قوة أسستها إيران في القطاع الفلسطيني عبر حماس وجماعة الجهاد الإسلامي على مدى ٣ عقود من شأنها أن تحدث صدعا في خطط إيران التي قامت ببناء شبكة جماعات مسلحة تعمل بالوكالة في أنحاء الشرق الأوسط، من حزب الله في لبنان إلى الحوثيين في اليمن.

وقال ثلاثة من المصادر إنه يمكن أن يُنظر إلى التقاعس الإيراني على الأرض على أنه علامة ضعف من جانب تلك الجماعات الحليفة، التي تمثل سلاح نفوذ ظهران الرئيسي في المنطقة منذ عقود. وتابعوا أن هذا قد يؤثر أيضا على مكانة إيران التي طالما دافعت عن القضية الفلسطينية وترفض الاعتراف بإسرائيل.

وقال آفي ميلاميد المسؤول السابق في المخابرات الإسرائيلية والمفاوض خلال الانتفاضتين الأولى والثانية "يواجه الإيرانيون معضلة ما إذا كانوا سيرسلون حزب الله إلى القتال من أجل محاولة إنقاذ ذراعهم في قطاع غزة أو ربما سيتركون هذه الذراع ويتخلون عنها".

شاركت أذرع إيران في المنطقة العربية بحروب عدة، منها مثلا الحرب في اليمن، حث قاتلت جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وأدت الحرب في اليمن إلى مقتل ما يقدر بنحو 377 ألف شخص.

أما الحرب السورية التي شاركت فيها جماعات إيرانية ومنها ميليشيا حزب الله فراح ضحيتها أكثر من نصف مليون إنسان.