الغزو أم السلام؟ أقارب الأسرى منقسمون على "الأولويات"

حتى الآن لا تتوافر معلومات حول الموقع الذي تخفي فيه حماس الـ٢٢٢ أسيرا، بعض التكهنات تذهب لمتاهة الأنفاق التي حفرتها حماس تحت الأرض على امتداد القطاع.

وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقضاء على حماس، ومن ثم قد تدخل القوات الإسرائيلية غزة في أية لحظة، لكن كثيرا من أسر الأسرى يحثون رئيس الوزراء على التركيز على الرهائن فحسب.

يقول ناعوم ألون، صديق الفنانة إنبار هيمان التي كانت ضمن عشرات أسرهم مسلحو حماس من مهرجان للموسيقى، إن إطلاق سراح الرهائن يجب أن يكون "الأولوية القصوى" وليس تدمير حماس، أو السيطرة على غزة وليس أي شيء آخر.

ولتوصيل تلك الرسالة تنظم جماعات لدعم الأسر احتجاجات يومية أمام مكتب نتنياهو في تل أبيب للتذكير بمصير الأسرى، وأقامت هذه الجماعات طاولة في ساحة بوسط المدينة حددت فيها مكانا شاغرا لكل رهينة للتذكير بغيابهم.

اجتمع الرئيس إسحق هرتسوج الأحد الماضي مع عشرات من أقارب الضحايا في مقر إقامته بالقدس، واحتج مئات آخرون في الخارج مطالبين ببذل جهد أكبر في سبيل الإفراج عن الرهائن.

ورفع كرمل جورني، الناشط السياسي الذي لقي ابن عمه يفتاح جورني حتفه خلال هجوم حماس لافتة كتب عليها "الانتقام ليس خطة".

وقال جورني: "يتعين علينا الحديث مع حماس. لا يتعين أن نلجأ دوما إلى الحرب. لدينا كثيرون من السجناء الفلسطينيين الذين يمكننا مقايضتهم بأفرادنا. إذا دخل جنودنا، سيموت كثيرون من الناس، من بينهم الرهائن".

إيلان وساندي فيلدمان كانا من بين الذين اجتمعوا مع الرئيس هرتسوج الأحد للحديث عن شقيقة ساندي، أفيفا وزوجها كيث سيجل اللذين وقعا في الأسر وشوهدا آخر مرة في مقطع مصور أثناء اقتياد مسلحين لهما إلى غزة.

وعبر إيلان وساندي عن مخاوفهما من عدم صمود شقيقتهما وزوجها في الأسر لفترة طويلة، ومن ثم يعتقد الثنائي أنه لا مفر من التوغل البري، وقال إيلان: "هناك شعور بأنهما لن يخرجا أحياء. لكنني أعتقد أن هذا أكبر مني ومنا. هذه معركة مبدأ. الأمر بهذه البساطة... لا يتعين أن يكون هناك مكان تستقر فيه حماس".

وقال جوناثان ديكل تشين الذي يعتقد أن ابنه ساجي ضمن الأسرى، إنه يجب التعامل مع حماس "الآن"، لكنه يعتقد أن على الجيش أن يجعل إنقاذ الرهائن أولوية في أي حملة عسكرية، وأضاف: "من الممكن أن تفعل شيئين في وقت واحد، حتى بالنسبة لهذه الحكومة الإسرائيلية، أن تفعل كل ما في وسعها لحماية أرواح ذوينا وسلامتهم بينما تضطلع بما يتعين عليها فعله تجاه حماس".

لإسرائيل خبرة طويلة في التعامل مع أزمات الأسرى، لكنها أحجمت في السابق عن محاولة القيام بعمليات إنقاذ في قطاع غزة المكتظ بالسكان، ففي العام 2011 على سبيل المثال، أطلق نتنياهو سراح 1027 أسيرا فلسطينيا في مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط الذي ظل محتجزا في غزة لأكثر من خمس سنوات.

وعاد بعض الفلسطينيين المفرج عنهم إلى صفوف حماس، ومن بينهم زعيمها الحالي في غزة يحيى السنوار.

وقالت ساندي فيلدمان: "أيجب أن نتفاوض معهم مرة أخرى؟ انظر إلى كل الأشخاص الذين أطلقنا سراحهم مقابل شاليط، هم الذين مارسوا القتل. هل كان الأمر يستحق ذلك؟ لا أدري".

أطلقت حماس سراح امرأتين تحملان الجنسيتين الإسرائيلية والأميركية من جانب واحد يوم الجمعة الماضي "لأسباب إنسانية" في اتفاق توسطت فيه قطر، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية إن جهود الوساطة مستمرة. لكن لا بوادر على أن الأجواء في إسرائيل تسمح بتبادل الأسرى.

وعين نتنياهو الجنرال المتقاعد جال هيرش، منسقا إسرائيليا لشؤون الرهائن والمفقودين، لكن تصريحات الجنرال لا تتضمن حتى الآن أي إشارة للمساومة، حيث قال أمام جمع من السفراء الأوروبيين الأسبوع الماضي في خطاب غاضب اتهم فيه الحكومات الغربية بعرقلة إسرائيل في المواجهات السابقة مع حماس: "إن آلتنا الحربية تتحرك. لا تطلبوا منا أن نتوقف".

وأضاف: "هذا نداء يقظة لكم. لقد استيقظنا تماما والحمد لله. سيكون هناك رد لا يمكن تصوره. صدقوني. لقد بدأنا الحرب فحسب".

اقترحت حماس مقايضة ما لديها من رهائن بنحو ستة آلاف فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية، لكن خبراء أمنيين إسرائيليين شككوا في احتمال التوصل لمثل هذه الصفقة، حتى لو كانت الحكومة مستعدة للنظر فيها.

وقال جيورا ايلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، لراديو 103إف.إم إن حماس "ليست غبية" مؤكدا أن الحركة لن تطلق سراح الأسرى دفعة واحدة، بل ستطيل أمد العملية "على مدى خمس سنوات".

ويعاني كثيرون من الأسرى من حالات طبية تحتاج إلى رعاية وبينهم كبار في السن.

وقال دانييل ليفشيتز الذي اختفى جداه، وعمرهما 83 و85 عاما، في غزة: "هؤلاء الناس ليس لديهم وقت كثير. علينا أن نساعد هؤلاء الرهائن بسرعة كبيرة".