نظرية المؤامرة تضرب إسرائيل.. السر في "اجتماع الفجر"

في الرابعة فجر يوم السبت 7 أكتوبر، عقد قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية العليا اجتماعاً طارئاً لتقييم الوضع الميداني، وخلص إلى أنه ستكون هناك معركة مع غزة في نفس اليوم، وأنه ستجري محاولات تسلل واختطاف جنود ومدنيين من قبل عشرات المسلحين في كيبوتس إسرائيلي، بحسب القناة 12 العبرية أكبر القنوات الإسرائيلية.

الغريب في الأمر هو أنه على الرغم من هذه المعلومات الاستخباراتية حول نوايا حركة حماس، إلا أن فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي لم تقم برفع مستوى التأهب أو حتى إخبار قواتها في القواعد العسكرية المحيطة بغزة، وواصل الجنود نومهم. كل ما تمخض عنه هذا الاجتماع هو إرسال طاقم واحد من جهاز الشاباك الإسرائيلي للأمن الداخلي لاعتراض محاولة التسلل.

بحسب المصدر، فإن الاجتماع حضره رئيس أركان الجيش ورئيس الشاباك ورئيس قوات الأمن ومسؤولين كبار آخرين، وأن المعلومات التي كانت بين أيديهم لم تكن مجرد وشاية استخباراتية غامضة، وإنما مؤشرات ملموسة وحقيقية من الميدان تشير لهجوم وشيك.

القناة العبرية الأكثر مشاهدة في إسرائيل تقول إن تقييم الوضع الأمني تناول سيناريو أصغر حجماً مما وقع على الأرض بعد ساعتين من ذلك الاجتماع.

استنتاجات هذا الاجتماع دفعت القناة 12 للقول إن ما حدث كان فشلاً عملياتياً وميدانياً عميقاً. وتساءلت عن سبب عدم رفع تأهب وجهوزية قوات الجيش حول غزة بعد ذلك الاجتماع، وعدم توجيه الجنود في القواعد للاستعداد لغزو محتمل أو نقل الدبابات لمواقع أمامية متقدمة، أو رفع مستوى حماية المدن الإسرائيلية الجنوبية.

هل سمح نتنياهو بهجوم حماس ليقضي على التظاهرات المناهضة لحكومته؟ أم أن الجيش هو من سمح بذلك الهجوم لتواطؤه مع المعارضة بهدف الإطاحة بنتنياهو؟ هذا ملخص نظريات المؤامرة التي تجتاح إسرائيل حالياً.

عقول بعض الإسرائيليين ترفض التصديق والإقرار بحجم هذا الفشل الاستخباري والميداني غير المسبوق، لذلك يبحث العديد من الناس عن تفسيرات منطقية مبسطة حتى وإن كانت غير مدعمة بالأدلة والبراهين الحاسمة.

يكتفي مروجو نظريات المؤامرة تلك بمؤشرات وأسئلة لا تفسير لها للقول إنه لا يمكن إلا أن يكون هناك تواطؤ إسرائيلي بشكل من الأشكال مع ما حدث.

من بين تلك الأسئلة التي تساعد في انتشار نظريات المؤامرة الحالية، ما يتعلق بسبب تأخر الجيش الإسرائيلي لنحو 5 إلى 7 ساعات حتى وصوله لإنقاذ مواطنيه وجنوده وقواعده العسكرية، وكيف نجحت حماس في اختراق أحد أكثر الحدود تحصيناً ومراقبة في العالم؟

إحدى إجابات مناصري نتنياهو لهذا السؤال كانت "لا بد أن جواسيس في الجيش كانوا متواطئين، وإلا لا توجد أدنى فرصة"، كما قالت الصحفية الإسرائيلية الشهيرة يائيل زين. هذا المذهب يسعى للقول إن الجيش تعمد السماح بهذا الهجوم غير المسبوق لتحميل نتنياهو مسؤولية الفشل والإطاحة به.

وذهب بعض الإسرائيليين للقول بأن المظاهرات ضد نتنياهو هي من شجعت حماس على شن عملية طوفان الأقصى وأن ذنب من قتلوا من الإسرائيليين تتحمله المعارضة لتقويض أمن البلاد. وادعى بعض الإسرائيليين بأن أحد أعضاء حماس أقر حين استجوابه بأن "المظاهرات في إسرائيل شجعتنا" لكن سرعان ما اتضح أن هذا القول غير مدعم بأي دليل.

الجمهور الإسرائيلي ذهب لأبعد من ذلك، وانتشرت نظريات قائلة بأن العمال الغزيين الذين سمحت لهم إسرائيل بالعمل في داخل الخط الأخضر كانوا يجمعون معلومات استخباراتية لصالح حماس طيلة هذا الوقت. أو أن سكان إسرائيل البدو ساعدوا حماس في اختراق السياج. أو أن هناك تواطؤ من قبل عرب 48، وكلها ادعاءات لم تدعم بأي أدلة.

هجوم حماس قضى على سمعة ومستقبل نتنياهو السياسي، هكذا يرى العديد من الخبراء والمحللين، بينما أكثر من 80% من الشعب الإسرائيلي يلومون نتنياهو شخصياً على فشل التنبؤ بالهجوم أو صده.

لذلك في نفس الوقت الذي يرسل نتنياهو قواته لتعريض حياتهم للخطر في غزة، بدأ رئيس الوزراء اليميني بشن حملة لتوريط الجيش وإلقاء اللوم عليه بالكامل في ما حدث يوم 7 أكتوبر.

وتقول صحيفة هآرتس إن سارة نتنياهو زوجة رئيس الوزراء، أمرت الموظفين في مكتبه بجمع مواد ضد شخصيات رفيعة المستوى في المؤسسة الأمنية.

لذلك قالت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن هناك حالياً أزمة ثقة كبيرة بين نتنياهو وقادة جيشه، وأنه يظهر الغضب والسخط في وجه جنرالاته، وبالعكس تماما لا يظهر أي صبر تجاه آرائهم وتقييماتهم للوضع ويتباطأ في تبني توصياتهم وخططهم الميدانية.