الوقود بدلا من السجناء.. ما شروط حماس للتفاوض على الأسرى؟

أبلغت حماس الوسطاء، الأربعاء، أنّها مستعدة للإفراج عن مجموعة أكبر من الأسرى، لكنها ضاعفت من مطالبتها بتدفق مستمرّ للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الوقود، وبأن تقوم إسرائيل بتخفيض كثافة القصف، حسب ما قال مسؤولون مطلعون على المحادثات لصحيفة وول ستريت جورنال.

وقال المتخصص بالسياسة الأميركية في الشبكة، الموقع السياسي الفلسطيني ومقرّه في كاليفورنيا، طارق كيني الشوا إنها "مواقف تهدف إلى إبقاء المفاوضات مستمرّة. ما تفعله عمليات إطلاق سراح الأسرى التدريجية هذه هو أنّها تشتري الوقت لحماس وتضعف هذا الدعم الدولي الأولي الذي كانت تتمتع به إسرائيل".

ومن خلال تأخير الهجوم البرّي الإسرائيلي المتوقع، ولو لأسابيع قليلة أخرى، فسوف تتمكن حماس من الاستعداد بشكل أفضل للدفاع عن نفسها في غزة، مما يضمن بقاء الجماعة في الأمد القريب.

وقطعت إسرائيل قد قطعت جميع إمدادات الغذاء والماء والوقود والكهرباء عن قطاع غزة ردّا على هجمات 7 أكتوبر. ومنذ ذلك الحين، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة أكثر من ٦ آلاف و500 شخص، وفقا لوزارة الصحة التي تقودها حماس.

حثّ المسؤولون الأميركيون والأوروبيون إسرائيل خلال الأيّام الأخيرة على تأجيل العملية البرية لإتاحة مزيد من الوقت لاستكمال مفاوضات الأسرى.

داخل إسرائيل، تضغط عائلات الأسرى على الحكومة للتوصّل إلى اتفاق مع حماس قبل الهجوم البري الذي ربما يُعرّض سلامتهم للخطر.

وسط ضغوط متزايدة لتأمين إطلاق سراح الأسرى، دعا الجيش الإسرائيلي سكّان غزة لمساعدته في العثور عليهم، ووعد بالمال والحماية والسرية لأيّ شخص يُقدّم معلومات مفيدة.

ولا يزال من غير الواضح كيف اختارت حماس الأسرى الـ٤ الذين أطلقت سراحهم حتى الآن. اثنتان منهما من الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن تفرج عن أسيرتين إسرائيليتين.

أفاد مسؤولون كبار في حماس للمفاوضين العرب إن الحركة لا تنوي احتجاز أسرى مدنيين لأشهر عدّة. وأضافوا أن الجنود المحتجزين كأسرى حرب لن يتمّ إطلاق سراحهم إلّا مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين البالغ عددهم 6 آلاف محتجز في السجون الإسرائيلية.

وقال مسؤول كبير في حماس، مشارك في المفاوضات، لصحيفة وول ستريت جورنال، إن الجماعة المسلحة خفّضت بالفعل من مطالبها، وإن الأمم المتحدة ستضمن توجيه أي وقود إلى المستشفيات وللاستخدام المدني.

ومن المؤكد، وفق وول ستريت جورنال، أن حماس تريد أيضا تخليص نفسها من بعض المجموعات الكبيرة من الأسرى الذين يشكلون استنزافا لمواردها التي تستهلك سريعا مع استمرار القتال، وفقا لمحللين ومسؤولين مطلعين على المفاوضات.

ولم تتوقع الجماعة المسلحة أسر مثل هذه المجموعة الكبيرة من الأشخاص، وخصوصا المدنيين في هجوم 7 أكتوبر، وفقا لقول مسؤولي حماس الذين يتفاوضون بشأن إطلاق سراح الأسرى.

سمحت إسرائيل بتسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة السبت، بعد يوم من إطلاق سراح أوّل أسيرتين من قبل حماس.

لكنها عارضت إرسال شحنات الوقود إلى غزة بسبب مخاوف من أن حماس ربما تستخدمها لأغراض عسكرية.

وأدّى إطلاق سراح الأسرى الـ٤ في الأيام الأخيرة إلى زيادة الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يواجه انتقادات داخل إسرائيل بسبب الإخفاقات الأمنية والاستخباراتية التي سبقت الهجوم، ويتعرض الآن لضغوط للتوصل إلى اتفاق من شأنه إطلاق سراح الأسرى.

قال مسؤول مصري كبير لوول ستريت جورنال: "في كلّ مرّة اعتقدنا أن هناك انفراجة، يتراجع أحد الأطراف، في معظم الأوقات يكون الطرف الإسرائيلي، في اللحظة الأخيرة".

فمن خلال إطلاق سراح ٤ أسرى خلال الأيام الأخيرة، تلعب حماس أكثر أوراقها فعالية لتأخير الغزو البري الإسرائيلي لغزة، وانتزاع تنازلات من الإسرائيليين، وفق ما قال مسؤولون ومحللون لصحيفة وول ستريت جورنال، مع تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل للتفاوض على إطلاق سراح جميع الأسرى.

أشارت الحكومة الإسرائيلية، الأربعاء، إلى أن أكثر من نصف الأسرى يحملون جوازات سفر أجنبية من 25 دولة مختلفة، وبينهم 54 مواطنا تايلانديا.

وقالت إسرائيل إن 138 من الرهائن يحملون جوازات سفر أجنبية، بينهم 15 من الأرجنتين و12 من ألمانيا و12 أميركيا و6 فرنسيين و6 روس.

ويُعتقد، وفق رويترز، أن العديد منهم يحملون جنسية إسرائيلية مزدوجة، ولكن من شبه المؤكد أن بعضهم، مثل التايلانديين وخمسة أسرى نيباليين، لا يحملون الجنسية الإسرائيلية. وهناك أيضا أسير صيني وآخر سريلانكي واثنان من تنزانيا واثنان من الفلبين.

ويشكل التايلانديون كذلك أكبر مجموعة من القتلى والمفقودين الأجانب، حيث تأكد مقتل 24 شخصا وفقد 21 آخرين منهم.

وتعد تايلاند واحدة من أكبر مصادر العمال المهاجرين في إسرائيل، حيث يعمل نحو 30 ألف شخص في قطاع الزراعة، بحسب بيانات حكومية.

ومن بين الدول الأجنبية الأخرى التي تكبدت خسائر فادحة الولايات المتحدة بمقتل 34 شخصا وفقد 5 أشخاص، وأوكرانيا بمقتل 25 شخصا وفقد اثنين، وفرنسا بمقتل 23 شخصا وفقد واحد، وروسيا بمقتل 23 شخصا وفقد 4 أشخاص.

ولقي 5 مواطنين صينيين حتفهم وفقد آخر، بينما قُتل 5 من نيبال وفُقد مثلهم.

دعت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء، حماس إلى تقديم دليل على حياة الأسرى الذين تحتجزهم وإطلاق سراحهم جميعا لأسباب "إنسانية وصحية".

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه ينبغي السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول الطبي الفوري للتأكد من وضعهم الصحي، مؤكدة أنها على استعداد لتقديم أيّ دعم صحي مطلوب.