التكنولوجيا لا تفيد أحيانا.. ماذا تعلمت الكوريتان من اجتياح حماس؟

كان الدرس المستفاد لكوريا الجنوبية من خطأ الموساد هو الحاجة لتعزيز "HUMINT" وهو اختصار لجمع المعلومات الاستخبارية من البشر، ويعرفها قاموس حلف الناتو أنها "فئة من الاستخبارات المستمدة من المعلومات التي تم جمعها وتقديمها من قبل المصادر البشرية".

عادة ما يتم جمع هذه المعلومات من "عميل"، يعرف رسميا باسم "مصدر الاستخبارات البشرية السرية"، وتركز بشكل رئيسي على الاتصال الإنساني بدلاً من اعتراض الاتصالات أو العمليات السيبرانية التي تكون أقل شخصية بكثير وقريبة، بهدف الوصول إلى المعلومات الحساسة غير العامة أو التأثير عليها.

في أغسطس الماضي، طرحت وزارة الخارجية البريطانية عبر موقعها الإلكتروني جدلية حول إن كان هذا النوع من الاستخبارات قد قلت أهميته مع التطور التكنولوجي المتزايد، وجاءت الإجابة بالنفي.

هناك مواقف دائما يكون فيها حاجة إلى العنصر البشري الذي يمتلك أدوات وصول متفردة لا يمكن تحقيقها من خلال شبكات الإنترنت مثل أجهزة الكمبيوتر المعزولة التي لا يمكن الوصول إليها عبر القرصنة.

في الـ17 من أكتوبر الماضي، خرج مسؤول في هيئة الأركان المشتركة لجيش كوريا الجنوبية ليقول إن هناك اعتقاد بوجود روابط بين الحركة وكوريا الشمالية في مجالات مختلفة، مثل تجارة الأسلحة والتوجيه التكتيكي والتدريب، مع وجود احتمالية لاستخدام بيونغ يانغ لأساليب الهجوم التي استعملتها حماس لغزو مفاجئ لكوريا الجنوبية، بحسب وكالة أنباء يونهاب في سول.

في هذا الجانب يتحدث الخبير غوست أوليمانز، الخبير العسكري في كوريا الشمالية والمؤسس المشارك لمدونة أوريكس العسكرية لموقع إن كي نيوز المتخصص في شؤون كوريا الشمالية ليقول إن الطائرات المسيرة أثبتت فعاليتها، مشيرا في الوقت ذاته إلى فعالية الطائرات الشراعية كـ"أداة تسلل فعالة".

ويعقد أوليمانز مقارنة بين المنطقة الحدودية لغزة والمنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، فيقول إن كليهما يخضع للمراقبة بشكل مكثف عن طريق الكاميرات وأجهزة الاستشعار وأنظمة التحكم عن بعد، لكنها عرضة لهجمات الطائرات بدون طيار، مما سمح للطائرات ذات التقنية المنخفضة بالاختراق في حالة غزة.

على الجانب الآخر، يرى بروس بينيت، الباحث في مؤسسة راند، إن هجمات حماس على إسرائيل تعلم بيونغ يانغ أن يكون نشاطها العسكري إما "أقل من مستوى الرد على الهجوم لكوريا الجنوبية" مثل الاختبارات الصاروخية أو "يمكن إنكاره بشكل معقول، مما يجعل من الصعب على جمهورية كوريا تبرير الانتقام".

هذا الأمر يدلل عليه بإغراق السفينة الحربية "تشيونان" الجنوبية من قبل كوريا الشمالية بواسطة طوربيد عام ٢٠١٠.

خلال حديثه عن الهجوم المفاجئ لحركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، قال وزير الوحدة الكوري الجنوبي "كيم يونغ هو" إنه سيكون من الأهمية بمكان أن يكون الجيش الكوري الجنوبي مجهزا بقدرات استطلاع تجعله جاهزا للرد على مثل هذا النوع من الهجمات التي استخدم فيها وابلا صاروخيا مكثفا طغى على نظام الدفاع في البلاد، بحسب كوريا تايمز.

تستطيع المدفعية الكورية الشمالية بعيدة المدى القريبة من الحدود الجنوبية إطلاق 16 ألف قذيفة في الساعة، بحسب يونغ هو.

حول هذا الأمر، يرى بروس بينيت إن كوريا الشمالية غير قادرة على القيام بذلك نظرا لأن مثل هذا الهجوم قد يدفع الولايات المتحدة وجمهورية كوريا "الجنوبية" للرد من خلال تدمير أكبر قدر ممكن من المدفعية وترسانة الأسلحة النووية للشمال.

يمكن الذهاب أبعد، لدرجة استهداف نظام كيم جونغ أون نفسه، ولهذا فإنه من المرجح أن تشن بيونغ يانغ هجمات محدودة مثل إغراق المركب العسكري "تشيونان" عام ٢٠١٠، وفي هذه الحالة يمكن أن تكون الدفاعات المشابهة للقبة الحديدية فعالة بشكل خاص.

يرى بينيت إن أهداف حركة حماس وكوريا الشمالية مختلفة فـ“حماس تسعى للحصول على اعتراف سياسي لتصبح دولة فلسطينية”، في حين أن "كوريا الشمالية هي دولة بالفعل، لكنها تسعى أيضًا إلى الاعتراف السياسي من خلال تطوير أسلحة نووية والادعاء بأنها دولة قوية تمتلك أسلحة نووية".

يضاف إلى ذلك، أن الهدف الرئيسي لكوريا الشمالية هو الحفاظ على قيادتها التي ستتجنب أي انتقام من جانب سول.