مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق لـ"بلينكس": كنا نعلم

أوضح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، أنه منذ عملية الجرف الصامد في عام 2014، وفي جولات الاحتكاك العديدة في غزّة، كانت استراتيجية حماس تتمثل في إطلاق النار على إسرائيل، وإرهاق الجبهة الداخلية لإسرائيل، والتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي يعزز قوتها في القطاع.

وكانت عملية حارس الجدران في مايو 2021 هي أحدث جولة من القتال مع حماس، والتي انتهت بتكبد حماس أضراراً كبيرة لقدراتها العسكرية، لكنها شجعتها أيضاً على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية وفتح مسارح جديدة داخل إسرائيل، وفق قوله.

وتابع قائلاً إنه وطوال جولات العنف بين إسرائيل وحماس، كانت السياسة التي انتهجتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، تتلخص في تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد، لمنع وقوع كارثة إنسانية في غزّة، وتجنب حرب شاملة مع حماس، على الرغم من أن الحكومات أو قادة المؤسسة الأمنية في إسرائيل، كانت مقتنعة أن مثل هذه السياسة لن تحّل مشكلة حماس.

"في العديد من مناقشات مجلس الوزراء التي شاركت فيها على مر السنين، وتلك التي قدتها كمستشار للأمن القومي، كان من الواضح أن هذه السياسة أبقت حماس في مكانها كحاكم لغّزة بهدف الحد من قدرة الجماعة على إلحاق الأذى بالمدنيين الإسرائيليين، سواء عبر القبة الحديدية، والسياج، والملاجئ وما إلى ذلك، ومكنت تلك السياسة إسرائيل من التركيز على تهديدات أكبر، وتحديداً إيران والمسرح الشمالي للصراع، على طول الجبهة مع حزب الله" وفق قول حلاتا.

وأشار إلى أنه طوال هذه السنوات، كان التقدير الأمني أن حماس لن تكتفي في نهاية المطاف بمكاسب محدودة، وستحاول، في مرحلة ما، إطلاق عملية واسعة النطاق، كما حاولت أن تفعل خلال عملية "حارس الجدران".

وأوضح أن إسرائيل أدركت في نفس الوقت أن عملية التفكيك الكامل للبنية التحتية العسكرية لحماس، وإزالة التهديد على الجبهة الداخلية، سوف تتطلب غزواً برياً من شأنه أن يلحق خسائر فادحة في صفوف القوات الإسرائيلية.

لفت الخبير الأمني الإسرائيلي، إلى أنه بعد ما حدث في الـ 7 من أكتوبر، فمن الواضح أن حماس غيرّت استراتيجيتها تماماً، حيث قررت استخدام كل الوسائل المتاحة لضرب إسرائيل والحاق أكبر قدر من الخسائر لدى المدنيين الإسرائيليين.

وأضاف أن حماس كانت تعلم تماماً أنها ستكون في الطرف المتلقي لرد لم تشهده من قبل، ومع ذلك بذلت حماس كل ما في وسعها في هجومها المباغت - حيث تخلت عن دورها كحكومة مسؤولة عن السكان الفلسطينيين في غزّة - في إشعال شرارة حرب من شأنها أن تؤدي بشكل شبه مؤكد إلى نهاية حكمها في القطاع.

نبّه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أنه للإجابة على هذا السؤال، يجب أن تضطلع الأجهزة الاستخباراتية بدورها للإجابة على الأسئلة الصعبة، مثل لماذا لجأت حماس إلى استراتيجية قد تؤدي في النهاية إلى إنهاء حكمها؟

أين كان التحذير الاستخباراتي، ولماذا لم تكن إسرائيل مستعدة للدفاع عن شعبها؟ كيف لم تلاحظ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الوقت المناسب أن حماس اتخذت القرار الاستراتيجي بالتحول من جولات الاستنزاف المتكررة إلى الحرب التي يمكن ان تنهي حكمها في غزة؟

وأشار حلاتا، إلى أن التقدير الأمني المبدئي في إسرائيل، يشير إلى أنه ربما اعتقد قادة حماس، أن العمل المعتاد مثل جولات الصراع المحدودة، ستكون نتائجها أسوأ من إشعال النار في المنطقة بالكامل.

وقال "من الواضح أنهم اعتقدوا أنهم سيعانون من النتائج النهائية لعملية السلام التي كانت تمضي قدماً مع السعودية"، مضيفا أنه في الوقت الذي اتخذت فيه إيران تدابير صارمة لإحباط عملية السلام المتنامية، كان استخدام حماس لهذا الغرض سبباً في تجنب الحاجة إلى تفعيل وكيلها الأكثر قيمة، وهو حزب الله.

وحول الدور الإيراني في هجمات 7 أكتوبر، لفت الخبير الأمني الإسرائيلي إلى أنه مازالت الأجهزة الأمنية والعسكرية تدرس احتمال أن تكون إيران قد قررت استخدام حماس بالفعل، حتى مع المجازفة بتفكيك وكيلها في غزّة، مع احتفاظها بخيار إدخال حزب الله في المعركة في وقت لاحق، قائلا: "هذا احتمال حقيقي وواقعي".

واستدرك قائلا: "ومع ذلك كان هناك عنصر إضافي أدى إلى تغيير الصورة بالنسبة لحماس، ألا وهو إدراك أن إسرائيل أصبحت أضعف ـ وهو ما أتاح الفرصة لعنصر المفاجأة. لقد قدرت حماس أن إسرائيل لن تكون في حالة اليقظة الكاملة أو الاستعداد العملياتي في ظل الوضع الحالي من الاضطرابات الداخلية الذي تعيشها".

وأضاف حلاتا أنه ربما كان تقديرها (حماس) أن الحكومة الإسرائيلية، في الوقت الذي تهتز فيه البلاد من القتال حول الإصلاح القضائي، لم تكن قادرة على الرد بكل قوة، وربما ظن التنظيم أنه يستطيع تحقيق انتصار غير مسبوق دون المخاطرة بتفكيكه كذلك.

وأوضح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، أن جميع الخيارات مكلفة للغاية بالنسبة لإسرائيل، مؤكداً على أنه من الواضح أن حماس اختارت هجوماً غير مسبوق، والآن يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن ترد.

وقال حلاتا "تل أبيب ليس لديها خيار، ولابد أن تنتهي هذه الحرب بتفكيك حماس، وعودة الرهائن، وتشكيل حكومة فلسطينية مدنية مختلفة في غزة".