المقاتلون الصغار.. كيف تغيّر وجه الفصائل الفلسطينية بعد حرب غزة؟

قبالة المسجد يقف شاب يبلغ 18 عاما مرتديا سترة عسكرية بالقرب من مكان قال سكان محليون إن مسلحا زميلا له قتل فيه خلال عملية دهم إسرائيلية هذا الأسبوع، وقال الشاب واضعا إصبعه قرب زناد بندقية هجومية يحملها عن التغيير الذي وقع بعد هجوم ٧ أكتوبر: "تعززت معنوياتنا.. وتيرة المقاومة في الضفة الغربية ارتفعت".

شرارة غزة كانت قد انتقلت للضفة منذ بدأت الحرب، وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان أنه اشتبك مع "مهاجمين مسلحين" في جنين هذا الأسبوع وقتل "عدة أشخاص".

وأضاف البيان أن طائرة قصفت "خلية مسلحة ألقت عبوات ناسفة" واندلعت معركة بالأسلحة النارية وتم العثور على عبوات ناسفة "جاهزة للاستخدام" على جوانب الطرقات.

وخارج المسجد وقف أيضا مسلحون شبان يحدقون بانفعال في السماء أثر سريان أنباء عن تحليق طائرة إسرائيلية مسيرة، وقال أحدهم: "أؤمن بعدالة قضيتنا وأقاتل من أجلها ومصيري هو الجنة إذا قُتِلْت".

وأضاف الشاب: "إذا كان لدي أطفال في المستقبل، أعتقد أنهم سيسيرون على خطاي".

يبدو أن حرب غزة، تفتح شهية الشبان الجدد للانضمام للفصائل الفلسطينية.

قبل عشرة أيام، قام إبراهيم الدمج البالغ من العمر 43 عاما بنقل أولاده، بمن فيهم ابنه المراهق، إلى خارج المخيم بعيدا عن العنف وبسبب انجذاب الشبان للفصائل الفلسطينية منذ بدء الحرب في غزة.

وقال الدمج "كل شيء ممكن"، مضيفا: "عندما يرون الجيش الإسرائيلي يقتل ويعتقل أفرادا من عائلاتهم، فإن ذلك قد يدفعهم مستقبلا إلى التفكير في الانضمام إلى المقاومة".

أما محمد عبيد البالغ 33 عاما فقال بينما كان يشير إلى بقعة دماء على حائط يحمل أيضا آثار شظايا: "الآن، قلوب أطفالنا من حجارة بسبب كل ما يرونه، حتى من هم في سن الثالثة أو الرابعة".

يعاني مخيم جنين الذي أُنشِىءَ عام 1953 من أعلى معدلات الفقر والبطالة بين المخيمات الـ19 في الضفة الغربية، وفقا للأمم المتحدة، لكنه في الوقت نفسه يعتبر معقلا للفصائل الفلسطينية.

وهذا الأسبوع تناثرت في المخيم العوائق والأفخاخ التي تنصب للدبابات والحفر التي خلفتها الجرافات الاسرائيلية.

يبلغ عدد سكان المخيم حوالي 23 ألف شخص، بعض من أجداد هؤلاء وصلوا إبان النكبة، إذ اعتبرت محطة قطار مهجورة بجانب المسجد مأوى بالنسبة لهم، وتُقدر الأمم المتحدة عدد الفلسطينيين الذين هجروا جماعيا مع قيام دولة إسرائيل عام 1948 بنحو 760 ألفا، وهو ما يشكل جذور الصراع الحالي.

وتزدان المحطة الآن بعد ٧ عقود بأعلام حركة الجهاد الإسلامي السوداء والصفراء.