صراع أجيال أميركي "يهدد إسرائيل"

تشير بيانات دراسة مؤسسة غالوب، إلى أن هناك تغييراً ملحوظاً في آراء الشباب الأميركيين تجاه النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. حيث أصبحت آراء الشباب تتجه نحو التأييد المتساوي لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك بناء على البيانات الصادرة عن استطلاعات الرأي العام الأخيرة.

وفي آخر استطلاع للرأي أجرته المؤسسة الأميركية، رصدت ارتفاع التأييد لصالح الفلسطينيين بشكل ملحوظ بين الأعضاء الديمقراطيين في الولايات المتحدة، حيث أصبحت نسبة أكبر من أعضاء الحزب يشعرون بالتعاطف مع الفلسطينيين بدلاً من الإسرائيليين (49% مقابل 38% على التوالي).

في الوقت نفسه، نرى أن هذا التوجه نحو الفلسطينيين قد حدث بنفس الشكل بين الأجيال الشابة في الولايات المتحدة، حيث كان هذا الجيل يشعر بالتعاطف الأكبر مع الإسرائيليين في السابق، ولكن الآن يكاد يكون التوجه متساوياً بينهم وبين الفلسطينيين.

بينما استمرت الأجيال الثلاثة الأكبر سناً في التعبير عن تعاطفها الأكبر مع الإسرائيليين بدلاً من الفلسطينيين.

بمعنى آخر، هل يمكن أن تكون الأجيال الشابة من الديمقراطيين هم المسؤولون بشكل كامل عن التحول الحالي نحو تأييد الفلسطينيين بين أعضاء الحزب الديمقراطي بشكل عام؟ الإجابة القصيرة هي: ليس تماماً.

لا يمكننا الإجابة على هذا السؤال باستخدام البيانات لعام 2023، لأنه ليس هناك ما يكفي من المشاركين في استطلاع الرأي الوطني البالغ عددهم حوالي 1000 شخص لتحليل مجموعات الأجيال داخل كل حزب على حدة. (وفقا لبيانات غالوب)

لكن الدراسة رصدت كذلك أنه من 2011 إلى 2014، كانت غالبية أعضاء الحزب الديمقراطي (بين 53% و58%) يشعرون بالتعاطف أكثر مع الإسرائيليين من الفلسطينيين.

ثم في 2015 إلى 2018، بلغ التوجه نحو الإسرائيليين حوالي نصف أعضاء الحزب من 47% إلى 53%.

من 2019 حتى 2023، بلغت نسبة الأعضاء الديمقراطيين الذين يشعرون بالتعاطف أكثر مع الإسرائيليين أقل من نصفهم،(من 38% إلى 44%).

وهو ما يشير بوضوح إلى أن هناك عوامل أخرى تلعب دوراً في تغيير آراء الديمقراطيين بصفة عامة نحو الفلسطينيين، بالإضافة إلى توجه الأجيال الشابة.

ولكن هذا التغيير يظل موضوعاً مهماً لدراسته وفهمه، لأنه يمكن أن يؤثر على السياسة الأميركية تجاه النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي في المستقبل.

من خلال استعراض الاتجاهات حسب الأجيال، يُلاحظ أن جميع مجموعات أعضاء الحزب الديمقراطي، قد أصبحوا أقل تحيّزاً نحو الإسرائيليين في النزاع.

ومع ذلك، فإن آراء الشباب من جيل الألفية وأفراد الجيل الصامت (الذين وُلدوا بين عامي 1900 و1945 ويبلغون حالياً من العمر 78 سنة وأكبر) قد شهدت التحول الأكبر، على وجه الخصوص.

ففي الفترة من 2011 إلى 2014، كان 51% من أعضاء حزب الألفية ينحازون للإسرائيليين مقابل 26% ينحازون للفلسطينيين، مما أسفر عن نسبة تأييد إجمالية موجبة بلغت +25 لصالح إسرائيل.

أما في الفترة من 2019 إلى 2023، فقد بلغت هذه النسب 35% و46% على التوالي، أو نسبة تأييد إجمالية سالبة بلغت -11 لصالح إسرائيل.

وهذا التحول الإجمالي البالغ 36 نقطة في نسبة تأييد نحو إسرائيل بين الفترتين الزمنيتين يُقارن بتغيير بلغ 39 نقطة بين أفراد الجيل الصامت، و23 نقطة بين أفراد جيل البومرز (الذين ولدوا بين عامي 1946 و1964 ويبلغون حالياً من العمر بين 59 و77 عاماً)، و14 نقطة بين أفراد جيل إكس (الذين ولدوا بين عامي 1965 و1979 ويبلغون حالياً من العمر بين 44 و58 عاماً).

جيل زد (أولئك الذين وُلدوا بعد عام 2000) لم يُشمل في هذا التحليل لأن هناك عدداً قليلاً جداً من المشاركين في هذا العمر في البيانات لتقديم تقديرات دقيقة.

ولكن النتائج من 2019 إلى 2023 (استناداً إلى حوالي 100 من أعضاء جيل زد في الحزب الديمقراطي) تشير إلى أن آراءهم مشابهة لآراء الميلينيالز الديمقراطيين.

يُشير التحليل إلى أن الجيل الصامت قد انخفض كنسبة من أعضاء الحزب الديمقراطي على مدى العقد الماضي (مع وفاة المزيد من أفراده)، في حين أن نسبة الميلينيالز قد زادت (مع دخول المزيد منهم في سن البلوغ).

ونتيجة لذلك، يُمثل الميلينيالز، وأعضاء جيل زد، نسبة متزايدة من أعضاء الحزب الديمقراطي كل عام، مما يزيد من تأثير آرائهم على الحزب بشكل مستمر.

من جهة أخرى، نلاحظ أن المستقلين والجمهوريين أيضاً أصبحوا أقل تحيّزاً تجاه إسرائيل مما كانوا عليه قبل عقد من الزمن. ومع ذلك، فإن الشباب المستقلين يعبرون عن آرائهم المتغيّرة في معظم مجموعات الشباب المستقلين الأخرى، بينما يظل الشباب الجمهوريون هم الاستثناء في حزبهم.

عند النظر في الشباب المستقلين، فإن نسبة التأييد الصافي لصالح إسرائيل انخفضت بنسبة 14 نقطة بين الفترة من 2011 إلى 2014 و2019 إلى 2023 بين الميلينيالز، و12 نقطة بين أفراد الجيل الصامت، و10 نقاط بين أفراد جيل البومرز. وكانت آراء أفراد جيل إكس هم الوحيدون الذين لم تتغير آراؤهم كثيراً.

بالنظر إلى الأعضاء الجمهوريين، فإن نسبة التأييد الصافي لصالح إسرائيل قد انخفضت بنسبة 14 نقطة بين الفترة من 2011 إلى 2014 و2019 إلى 2023 بين الميلينيالز.

وهذا هو انخفاض حاد بالمقارنة مع انخفاض نقطة واحدة فقط رصدته بين أفراد الجيل الصامت في هذا الحزب. ومن الجدير بالذكر أن دعم إسرائيل لم يتغير كثيراً بين أفراد جيل البومرز في الحزب الجمهوري، في حين ارتفع بمقدار 10 نقاط بين أفراد جيل إكس.

يجب ملاحظة أن هذه الملخصات لعدة سنوات لا تلتقط مدى التغييرات التي حدثت في العام الماضي بين أعضاء الحزب الديمقراطي بشكل عام (مع انخفاض التأييد الصافي لصالح إسرائيل من +2 إلى -11)، ولكنها توفر بعض الرؤى حول تأثير الميلينيالز على الاتجاه الأطول المدى بشكل عام.

لقد شهدت آراء الديمقراطيين من جيل الميلينيالز تغييراً خلال العقد الماضي تجاه النزاع في الشرق الأوسط، حيث انتقلوا من التأييد الصلب لصالح إسرائيل إلى التعبير عن تعاطف أكبر نحو الفلسطينيين.

وبالرغم من أن الميلينيالز ليسوا الفئة الوحيدة في الحزب الديمقراطي التي تتجه بهذا الاتجاه، إلا أن مدى تأييدهم الأكبر للفلسطينيين بالإضافة إلى زيادة عددهم، يعني أن لديهم تأثيراً مفرطاً على التحول الأكبر نحو دعم الفلسطينيين الذي شهده هذا السؤال بين أعضاء الحزب الديمقراطي بشكل عام.