تظاهرات في يوم الهدنة.. بريطانيا تتأهب لـ"السبت المرتقب"

من المنزل رقم ١٠ بشارع داوننغ، تبث رسائل شديدة المعارضة لإقامة تظاهرات مؤيدة أو متضامنة مع فلسطين بالتوازي مع إحدى الأيام الاحتفالية البريطانية، والمعروفة باسم "يوم الهدنة"، حتى أن رئيس الوزراء ، ريشي سوناك نفسه دعا لإلغاء تلك التظاهرات، إلا أن منظميها لم يستجيبوا لطلبات رئيس الوزراء.

من وجهة نظره، يعتبر سوناك تنظيم التظاهرة يوم الهدنة أمر "استفزازي ومعيب"، خاصة وأن ذلك اليوم مخصص في الأساس لتكريم الجنود البريطانيين الذين سقطوا خلال الحرب.

وعلى لسان المتحدث باسم سوناك جاء أن رئيس الوزراء يتعبر التخطيط للاحتجاجات في هذا اليوم أمر "يفتقد للاحترام".

لكن جمهور المحتجين يضع الحرب القائمة اليوم نُصب أعينه، فبحسب وكالة أسوشيتد بريس من المتوقع أن يشارك عشرات الآلاف في التظاهرة للمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، كانت لندن قد شهدت على مدار الأسابيع الأربعة الماضية احتجاجات مشابهة خلال عطلات نهاية الأسبوع.

لكن منظمو التظاهرة تعهدوا تجنب منطقة "وايتهول" في وسط لندن حيث يقع "القبر الأجوف" الذي يعد مركزا أساسيا لـ"أحد الذكرى".

حكومة سوناك تتوقف الآن لدى التأكيد على نيتها دراسة أي طلب من الشرطة متعلق بمنع الاحتجاجات "بعناية"، وإلى جانب سوناك شخصيا، يدعم مجموعة من الوزراء أيضا إيقاف التظاهرات، من بينهم وزراء العدل والداخلية.

فبموجب المادة 13 من قانون النظام العام البريطاني الصادر عام 1986، يمكن لرئيس الشرطة أن يقدم طلبا لوزير الداخلية لمنع التظاهرات لتجنب حالات الاضطراب العام الشديدة، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

إلا أن الشرطة في لندن تسعى للتأكيد على استقلالها عن السلطة السياسية، ففي بيان رسمي قال مفوض شرطة لندن، مارك راولي أنه حتى الآن لا توجد معلومات استخباراتية تشير إلى احتمال حدوث اظطراب عام خطير جراء التظاهرات، مؤكدا في الوقت نفسه على أهمية "استقلال جهاز الشرطة" الذي يركز حد وصفه "على القانون والحقائق".

وقال رولي عن استخدام المادة ١٣ من القانون السبت المقبل: "لقد طالبنا باستخدام هذه السلطة لحظر مسيرة مخططة من قبل حملة التضامن مع فلسطين يوم السبت.. لكن استخدام تلك السلطة نادر للغاية، ويجب أن يستند إلى معلومات استخبارية تشير إلى أنه سيكون هناك تهديد حقيقي بحدوث اضطراب خطير".

وكان رئيس الوزراء ريشي سوناك أفاد بأنه "سـيحاسب" قائد شرطة العاصمة على قراره السماح بخروج التظاهرة ضد الحرب بين إسرائيل وحماس هذا السبت.

ولكن بعد لقائه قائد شرطة لندن مارك راولي في مقر رئاسة الوزراء بحسب وكالة فرانس برس، قال سوناك في بيان إنه تلقى ضمانات أن المسيرة ستنظم على مسافة بعيدة من نصب "يوم الهدنة" ولن تؤثر على مراسم احياء الذكرى.

وأكد أن راولي بدوره تعهده إعادة النظر في موقفه اذا تلقى معلومات تتحدث عن اضطرابات محتملة.

تعود أهمية يوم الهدنة بالنسبة لبريطانيا للعام ١٩١٨، بالتحديد يوم ١١ نوفمبر، إذ وُقعت في الساعات الأولى من الصباح هدنة كومبين ما بين الحلفاء من جهة وألمانيا من الجهة الأخرى.

تلك الوثيقة أنهت الحرب العالمية الأولى، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ فعليا في الساعة 11 من صباح اليوم نفسه، وظل ذلك التاريخ لعقود يحمل قيمة رمزية وفقا لمكتبة الكونغرس الأميركي، إذ باتت دول الحلفاء؛ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تُحي ذكراه.

ففي بريطانيا، أقام قصر باكنغهام احتفالات في ذكرى الهدنة، بينما أقر الكونغرس يوم الهدنة احتفالا رسميا في العام ١٩٢٦، حسب الموسوعة البريطانية.

كان من المفترض أن يُحي ذلك الاحتفال ذكرى انتهاء حرب لن تعود لتؤرق العالم مجددا، ولكن في العام ١٩٣٩ عادت طبول الحرب تدوي مجددا، ومن ثم فقد الاحتفال جزءا من جوهره الأساسي، لكنه ظل قائما بشكل أو بآخر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

بداية من عام ١٩٥٤ لم تعد الولايات المتحدة تطلق على ١١ نوفمبر اسم يوم الهدنة، بل بات الاحتفال يعرف باسم يوم المحاربين القدامي، وتحتفل فيه البلاد بمقاتليها الذين سقطوا في ساحات المعارك، أما بريطانيا فاستبدلت يوم الهدنة بـ "يوم الذكرى" الذي يحل يوم الأحد الثاني من شهر نوفمبر كل عام، ويخصص لتذكر مقاتلي الكومنويلث أيضا.