سياسة
في خطابه الجمعة الماضية حذر الأمين العام لحزب الله، الولايات المتحدة من أن جماعته لديها "ما تخبئه" للأسطول الأميركي المنتشر في المنطقة منذ بدء الصراع ما بين إسرائيل وحركة حماس.
ويرجح محللون أن تلك التهديدات ليست جوفاء، إذ يعتقد إن ترسانة حزب الله باتت تضم بالفعل مجموعة من الصواريخ الروسية المضادة للسفن، والقادرة على تحويل التهديد إلى حقيقة، من بين تلك الترسانة صاروخ محدد يُعرف بالاسم "ياخونت" ويصل مداه إلى حوالي ٣٠٠ كيلومتر.
فما الذي نعرفه عن الترسانة؟ وكيف حصل عليها حزب الله؟
عندما قررت الولايات المتحدة إرسال حاملتي طائرات مع السفن الداعمة لهما إلى البحر المتوسط، في أعقاب اندلاع الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، عللت واشنطن خطوتها بمحاولة "منع اتساع نطاق الصراع" عن طريق ردع إيران التي تدعم جماعات منها حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي.
إلا أن حزب الله اللبناني أبدى استعدادا لمواجة الوجود الأميركي على السواحل، الذي يعتبره تهديدا مباشرا رجوعا لقدرة هذا الأسطول على توجيه ضربات للجماعة وحلفائها، وقال نصر الله في خطاب ألقاه يوم الجمعة إن السفن الحربية الأميركية في البحر المتوسط: "لا تخيفنا ولم تخفنا في يوم من الأيام".
وقال البيت الأبيض بعد أن ألقى نصر الله خطابه إن حزب الله يجب ألا يستغل الحرب بين حماس وإسرائيل، وإن الولايات المتحدة لا تريد للصراع أن يمتد إلى لبنان.
من وجهة نظر مصادر مطلعة على ترسانة حزب الله تحدثوا لوكالة رويترز، فإن الجماعة حصلت على صواريخ روسية قوية مضادة للسفن، تتيح لها تنفيذ التهديد المستتر الذي أطلقه زعيمها ضد السفن الحربية الأميركية وتسلط الضوء على المخاطر الجسيمة لأي حرب في المنطقة.
وقال مصدران مطلعان إن نصر الله كان يشير إلى قدرات الجماعة الصاروخية المضادة للسفن والمعززة بشكل كبير والتي تتضمن الصاروخ ياخونت الروسي الذي يصل مداه إلى 300 كيلومتر.
وتشير تقارير وسائل الإعلام والمحللين منذ سنوات إلى أن حزب الله، المدعوم من إيران، حصل على صواريخ ياخونت في سوريا بعد نشر مقاتليه هناك منذ أكثر من عشر سنوات لمساعدة الرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية، لكن حزب الله لم يؤكد قط امتلاكه لهذا السلاح.
وقال أحد المصدرين إن قدرات حزب الله المضادة للسفن تطورت بشكل كبير منذ عام 2006 حين أظهرت الجماعة لأول مرة قدرتها على ضرب سفينة في البحر، عندما أصابت سفينة حربية إسرائيلية في البحر المتوسط خلال حربها مع إسرائيل.
وأضاف المصدر دون الخوض في التفاصيل: "هناك ياخونت، وبالطبع هناك أشياء أخرى إلى جانبه".
من وجهة نظر المصدر، استخدام حزب الله لهذا السلاح لاستهداف السفن الحربية المعادية سيكون مؤشرا على تحول الصراع إلى "حرب كبرى" في المنطقة.
تعرف صواريخ ياخونت في الأصل بالاسم بي - ٨٠٠ أونيكس، بينما يطلق عليها المعسكر الغربي الاسم SS-N-26 Strobile، وهي نمط من الصواريخ الروسية المضادة للسفن.
وتعرف نسخة التصدير من الصاروخ التي يتم إطلاقها من الأرض بالاسم ياخونت حسب موقع ميسيل ثريت، هناك أيضا نسخة يمكن إطلاقها جوا تعرف بالاسم ياخونت - إم.
وطورت الصواريخ للمرة الأولى في تسعينيات القرن الماضي على يد شركة NPO Mashinostroyenia.
يحمل الصاروخ رؤوس حربية قوية يتراوح وزنها بين ٢٠٠ و ٢٥٠ كيلوجرام، ويعتقد أن الصاروخ من الممكن أن يعمل مع رؤوس حربية تقليدية أو رؤوس نووية بحسب موقع ميليتري توداي.
تعمل الصواريخ بنظام توجيه ينقسم لمرحلتين، الأولى عبر الأقمار الصناعية والثانية تستخدم الرادار مما يمنحه معدل خطأ دائري محتمل قدره ١.٥ متر فقط.
يمكن أن يتتبع الصاروخ هدفه عبر طريقين، الأول هو الطيران فوق البحر مباشرة على مدار المسافة كاملة، إلا أن ذلك النمط يخفض من مدى الصاروخ إلي حوالي ١٢٠ كيلومتر، لكنه في الوقت نفسه يخفض من إمكانية كشفه.
أما الطريق الثاني فهو الطيران على ارتفاعات شاهقة ثم الغوص للالتحام مع الهدف، تلك الطريقة تمكن الصاروخ من الوصول لمداه الفعلي وهو ٣٠٠ كيلومتر.
قال ثلاثة مسؤولين أميركيين حاليين ومسؤول أميركي سابق إن حزب الله بنى مجموعة مثيرة للإعجاب من الأسلحة التي تتضمن صواريخ مضادة للسفن، وقال أحد المسؤولين: "من الواضح أننا نولي اهتماما كبيرا لذلك... ونأخذ القدرات التي لديهم على محمل الجد".
وأضاف المسؤولون الأميركيون أن القوة البحرية الأميركية التي تم نشرها في المنطقة في الآونة الأخيرة تتضمن دفاعات ضد الصواريخ القادمة، دون تقديم المزيد من التفاصيل.
لكن حزب الله لم يستخدم حتى الآن سوى جزء صغير من ترسانته واقتصرت أعمال العنف المتبادلة في الغالب على المنطقة الحدودية، لكن جماعات أخرى متحالفة مع إيران مثل الحوثيين في اليمن، أطلقت طائرات مسيرة باتجاه إسرائيل بينما أطلقت فصائل شيعية مدعومة من إيران أيضا النار على القوات الأميركية في العراق وسوريا.
وردا على سؤال حول روايات مصادر حصول حزب الله على الصواريخ ياخونت، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "هذه أنباء لا تأكيد لها على الإطلاق، ولا نعرف ما إذا كانت صحيحة أم لا".
وأضاف "ثانيا، ليس لدينا مثل هذه المعلومات".
وصف المحلل السياسي اللبناني المقرب من حزب الله ناصر قنديل، عبر قناته الخاصة على يوتيوب، صاروخ ياخونت بأنه "أهم جائزة" على تدخل حزب الله في حرب سوريا.
وقال المصدران اللذان تحدثا إلى رويترز في لبنان إن حزب الله حصل على هذا السلاح من سوريا في أثناء قتاله دعما للأسد الذي تسلح روسيا جيشه منذ فترة طويلة.
وترسانة حزب الله وكيفية الحصول عليها من الأمور المحاطة بالسرية، وفي تعليقات نادرة حولها عام 2021، أوضح نصر الله كيف حصلت الجماعة على الصواريخ كورنيت روسية الصنع المضادة للدبابات من خلال سوريا.
وفي مقابلة مع قناة الميادين اللبنانية المتحالفة مع إيران، قال نصر الله إن وزارة الدفاع السورية اشترت الأسلحة من روسيا للاستخدام في سوريا وإن حزب الله اتخذها فيما بعد شكلا من أشكال "الدعم" للدفاع عن لبنان.
وقالت موسكو في عام 2010 إنها وقعت اتفاقا لإرسال صواريخ كروز مضادة للسفن، ومنها نسخة من الصاروخ ياخونت، إلى دمشق.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة