الشفاء.. 77 عاما من علاج الجرحى في 45 ألف متر مربع

في العاشر من نوفمبر الجاري، قالت متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية إن مستشفى الشفاء في قطاع غزة "يتعرض للقصف" ونقلت عن "زملاء يعملون هناك" أن الموقع يشهد عنفا مكثفا، وذلك في أعقاب تقدم القوات الإسرائيلية التي تضطلع بعملية الاجتياح البري للقطاع.

لاحقا فقدت المنظمة اتصالها بمستشفى الشفاء تماما.

إلا أن إسرائيل لديها روايتها الخاصة، إذ تنكر أن قواتها استهدفت المستشفى الكبير، أو أنها تحاصره، جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي وأضاف: "حماس تكذب بشأن ما يحدث في المستشفيات".

وتابع: "الأمس، سارعت إلى اتهامنا بالمسؤولية عن الهجوم على مستشفى الشفاء. قمنا بفحص أنظمتنا وخلصنا إلى أن ما حصل نتيجة خلل في صاروخ أطلقته المنظمات الإرهابية في قطاع غزة".

مجمع الشفاء يعد بمثابة أكبر مستشفى في قطاع غزة المحاصر، مكون من عدد من المباني ويقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.

شُيد المستشفى في الأصل عام 1946 خلال الانتداب البريطاني، وظل المستشفى قائما خلال فترة إدارة مصر للقطاع التي استمرت عقدين تقريبا بعد حرب عام 1948، وفي عام 1967، استولت إسرائيل على قطاع غزة، وظل مستشفى الشفاء مكانا محوريا لفترة طويلة بالنسبة للفصائل الفلسطينية حيث كان يلجأ إليه العديد من الفلسطينيين خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

ذكرت تقارير إخبارية إسرائيلية، نقلتها رويترز، أن مهندسين معماريين من إسرائيل أشرفوا على تجديد المستشفى وتصميمه من جديد في ثمانينيات القرن الماضي، وكتب تسفي الحياني، مؤسس أرشيف الهندسة المعمارية الإسرائيلية، على موقع صحيفة يديعوت أحرونوت: "بمساعدة الدعم الأميركي، شرعت إسرائيل في مشروع لتجديد مجمع المستشفى وتوسعته. وتضمن هذا المشروع أيضا تركيب أرضية خرسانية تحت الأرض. في حدث مؤسف، استولت حماس على هذه المنطقة الواقعة تحت الأرض في السنوات الماضية".

انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى من حركة فتح أول الألفية إلى حركة حماس بعد أن بسطت الأخيرة نفوذها العسكري على غزة عام 2007.

الآن يقع المستشفى على مساحة 45 ألف متر مربع، ويضم 497 سرير و93 سرير رعاية أولية بحسب موقع وزارة الصحة الفلسطينية.

وفقا لرصد جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية غير الحكومية يعاني المستشفي من عدم وجود كهرباء ولا ماء ولا أكسجين حيث أدى القصف لإلحاق أضرار بوحدة العناية المركزة وكذلك بالمولد الوحيد الذي ظل يعمل في المستشفى ونتيجة لانعدام الكهرباء، توقفت وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة عن العمل وأدى ذلك إلى وفاة رضيعين، بينما هناك "خطر حقيقي" على حياة 37 رضيع آخر.

أما مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء مروان أبو سعدة فأكد تعرض غرفة العناية المركزة للقصف، بينما تدوي طلقات النار حول المستشفى في كل مكان فلا يمكن الدخول أو الخروج من المستشفى.

وأضاف الطبيب: "الأشخاص الذين حاولوا ترك المستشفى أطلِق عليهم النار في الشارع، البعض منهم قتل، البعض منهم جُرح. لا أحد يستطيع دخول المستشفى، ونحن لا نستطيع الخروج منه... إطلاق النار في كل مكان".

وقال مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية: "الطواقم الطبية عاجزة عن العمل والجثث بالعشرات لا يمكن التعامل معها أو دفنها".

أضاف: "المستشفى محاصر تماما والقصف مستمر في محيطه".

قدرت أعداد النازحين المقيمين في مستشفى الشفاء أمس السبت بحوالي ٥٠ ألف شخص، وفقا لصحية الغارديان البريطانية.

تزعم إسرائيل أن مركز القيادة الرئيسي لحركة حماس يقع أسفل مستشفى الشفاء وتتهم الحركة باستخدام المقيمين في المستشفى وزوارها كدروع بشرية.

في وقت سابق أصدر الجيش الإسرائيلي خريطة مصورة لمجمع الشفاء تتضمن ما قال إنها مراكز عسكرية لحماس تحت الأرض، إلا أنه لم يقدم أدلة على تلك المزاعم، فيما تنفي إدارة المستشفى وحركة حماس تلك الرواية.

وقالت إسرائيل إنها ستلاحق مقاتلي حماس أينما كانوا، وعلى لسان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت تضمن ذلك المستشفيات إذ قال: "إذا رأينا إرهابيي حماس يطلقون النار من المستشفيات، فسنفعل ما يتعين علينا القيام به".