في إسرائيل.. التعاطف مع أطفال غزة "ممنوع"

المنشورات التي كتبها باروخين كانت جميعها عن المدنيين في غزة فقط. في أحد تلك المنشورات كتب "تعرفوا على سالم وسمايا وزين وعبد الله. ولم ينفصلوا في حياتهم وفي مماتهم. لم يعودوا موجودين. لن ينهوا دراستهم، ولن يذهبوا إلى الجامعة، ولن يكوّنوا عائلة... لقد دُفنوا أحياء تحت أنقاض منزلهم مع أمهم".

وفي منشور آخر كتب: " تعرف على ملاك. لم تعد موجودة. قتلت مع والدتها هي وشقيقتها دانيا. اذهبي يا فتاتي الحبيبة إلى الشواطئ البعيدة إلى أحلام أخرى هناك طرق أخرى لم يتم عبورها من قبل اذهبي الى هنا".

الرابط المشترك بين منشورات باروخين التي قد يكون السبب في إيقاعه في مشاكل مع السلطات هو تكراره لعبارة "معظم اليهود (الإسرائيليين) غير مهتمين" بالإضافة لاستخدامه هاشتاغ "النكبة".

صباح الجمعة طالبت الشرطة الإسرائيلية بتمديد حبسه لأسبوع إضافي بينما يواجه تهمة "الخيانة".

المصور الإسرائيلي باراك آڤي علق ساخراً على ما يحدث وقال "شخص يعبر عن حزنه على الأشخاص الذين يموتون على الجانب الآخر يتم اعتقاله. بينما (نتنياهو) الذي عبر علناً عن دعمه لحماس يدير البلاد. فقط في إسرائيل". وأرفق باراك صورة لنتنياهو مع اقتباس شهير قاله في عام 2019 بأن "إعطاء المال لحماس جزء من استراتيجية للإبقاء على الفلسطينيين منقسمين".

وكانت تلك إشارة لسياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك العام للسماح بدخول الأموال القطرية لغزة وتقوية حكم حماس في القطاع مقابل ضمان الهدوء.

هيثم الهواشلة من سكان النقب. رجل متدين ومرشح لرئاسة مجلسه القروي. عندما استيقظ يوم السابع من أكتوبر، كتب على فيسبوك عبارة "صباح الخير". ومع بدء الحرب كتب "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم". وفي اليوم التالي كتب هيثم "اطمئن إن ربنا الله".

هذه المنشورات كانت كافية للشرطة الإسرائيلية لاعتقاله على الفور بتهمة "الإرهاب" ووضعه في جناح السجناء الأمنيين المشدد والذي يعامل النزلاء فيه بقسوة شديدة.

وبمجرد وصوله لمركز الاعتقال في القدس الشرقية المحتلة، صادرت الشرطة هاتفه وأغراضه ونظارته ومصحفه، ووضعوه في زنزانة. ويروي محامي هيثم أن ضباط الشرطة يناوبون على اقتحام غرفة هيثم وتفريغ غضبهم ضده وضربه بقسوة شديدة ومن ثم رفض تقديم أي علاج له.

ويضيف محامي هيثم بأنه بعد أن تقدم بشكوى رسمية للقاضي حول الاعتداءات المتكررة على موكله، ظن بأن ذلك قد يخفف من الضرب الذي تعرض له. ولكن على العكس، زاد الضرب ستة أضعاف من قبل الشرطة للمعتقل الذي ينفي جميع التهم الموجهة له.

هيثم قال للقاضي إنه يدين ما فعلته حماس وقال بأن بعض جيرانه قتلتهم صواريخ حماس. ولكن ذلك لم يشفع له.

وأثناء التحقيق معه، طلب هيثم العلاج الطبي واشتكى من الألم الذي يعاني منه، ولكن بدلاً من علاجه تلقى المزيد من جرعات التعذيب بحسب محاميه.

المحامي طلب من القاضي إثبات حالة وتصوير الكدمات على جسد موكله بالهاتف، وكان حينها هيثم جالساً في مركز الاعتقال وحاضراً في المحكمة عبر الفيديو فقط. القاضي وافق، وبدأ المحامي في التقاط الصور، لكن الشرطة سارعت لإغلاق الكاميرا واصطحاب هيثم بعيداً.

ياسمين قدورة من فلسطينيي الداخل، تفاجأت يوم الأربعاء بعدد من ضباط الشرطة أمام منزلها، طلبت ياسمين تفسير ما يجري، فأخبرها أحد الضباط بالعربية بأنها رهن الاعتقال بتهمة "نشر كلمات مديح وتعاطف لعمل إرهابي. ودعم محتوى يحرض على العنف والإرهاب. الكشف عن الانتماء لمنظمة إرهابية".

أثناء بكائها وانهيارها عصبياً قالت السيدة "مستحيل أنا قلت الله ينصر إسرائيل" ولكن ضابطة شرطة همت بإسكاتها بينما صرخ آخر "اسكتي". وقامت الشرطة باعتقال زوجها أيضاً.