تحت أمطار الصواريخ والماء.. معاناة غزة تتفاقم شمالا وجنوبا

لم تعد جميع المستشفيات في شمال القطاع قادرة على العمل، ولم يعد بداخلها سوى لاجئين فارين من الحرب، من بينها مستشفى الشفاء، أكبر مجمع طبي في غزة، والذي تحاصره القوات الإسرائيلية منذ أيام.

أسامة حمدان مسؤول حماس المقيم في بيروت قال الثلاثاء في مؤتمر صحفي بالعاصمة اللبنانية: "القصف والغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة أدى إلى خروج 25 مستشفى من أصل 35 في القطاع المحاصر من الخدمة". فيما قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، إن مستشفى واحدا فقط في شمال غزة بات قادرا على استقبال المرضى والمصابين.

وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المستشفيات كغطاء لمقاتليها، وزعمت أن الحركة أقامت مركز قيادتها الرئيسي داخل وأسفل مستشفى الشفاء، دون تقديم أي أدلة مرئية على ذلك. وتنفي حماس وإدارة المستشفى الاتهامات الإسرائيلية بالمرة.

ونشر الجيش يوم الإثنين لقطات لمستشفى الأطفال الذي دخلته قواته خلال نهاية الأسبوع، أظهرت أسلحة قال إنه عثر عليها بداخله، بالإضافة إلى غرف في الطابق السفلي يعتقد أن المسلحين كانوا يحتجزون فيها رهائن، وقال كبير المتحدثين باسم الجيش، الأدميرال دانيال هغاري، وهو يقف في إحدى غرف مستشفى الرنتيسي للأطفال: "حماس تستخدم المستشفيات كأداة حرب".

بعد النزوح الجماعي الذي حدث في نهاية الأسبوع، لا يزال هناك حوالي 650 مريضا و500 موظف في مستشفى الشفاء، الذي لم يعد قادرا على العمل، إلى جانب حوالي 2500 فلسطيني نازح يحتمون بالداخل ولا يملكون سوى القليل من الطعام والماء.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن 32 مريضا، بينهم 3 أطفال، توفوا منذ نفاد الوقود من مولد الطوارئ الخاص بها يوم السبت، مشيرة إلى أن 36 طفلا، بالإضافة إلى مرضى آخرين، معرضون لخطر الموت لتوقف أجهزة العناية الفائقة عن العمل.

وحاولت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الاثنين إجلاء حوالي 6000 مريض وموظف ونازح من مستشفى القدس في مدينة غزة. لكن الصليب الأحمر قال إن قافلته اضطرت للعودة بسبب القصف والقتال.

قال الجيش الإسرائيلي إنه بدأ محاولة لنقل حضانات من إسرائيل إلى مستشفى الشفاء. ولم يتضح ما إذا كان قد تم تسليمها أم لا.

ويمنح القانون الدولي المستشفيات حماية خاصة أثناء الحرب. ويمكن أن تفقد المستشفيات تلك الحماية إذا استخدمها المقاتلون للاختباء أو تخزين الأسلحة، ولكن يجب إعطاء الموظفين والمرضى الكثير من التحذيرات للإخلاء، ولا ينبغي أن يكون الضرر الذي يلحق بالمدنيين غير متناسب مع الهدف العسكري.

وبثت إسرائيل مقطعا مسجلا مصورا يظهر من قالت إنه مسلح يحمل قاذفة صاروخية وهو يدخل مستشفى القدس. وكانت دبابة إسرائيلية تتمركز في مكان قريب.

وتضغط الولايات المتحدة من أجل توقف مؤقت للسماح بتوزيع المساعدات التي تشتد الحاجة إليها على نطاق أوسع. ووافقت إسرائيل فقط على فترات يومية يمكن خلالها للمدنيين الفرار من شمالي غزة سيرا على الأقدام على طول طريقين رئيسيين.

أضاف دخول الشتاء والطقس البارد وهطول الأمطار إلى بؤس النازحين. ففي مخيم خارج مستشفى في دير البلح سار الناس وسط الطين وحاولوا حماية خيامهم بقطع من البلاستيك.

وقالت إقبال أبو السعود، التي فرت من مدينة غزة مع 30 من أقاربها "كل هذه الخيام انهارت بسبب المطر، إلى متى سنضطر لتحمل ذلك؟".

تشهد الملاجئ التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الجنوب اكتظاظا شديدا، حيث يوجد مرحاض واحد فقط لكل 160 شخصا في المتوسط.

وفر نحو 1.5 مليون فلسطيني، أي أكثر من ثلثي سكان غزة، من منازلهم في المجمل.

ويقف السكان في طوابير لساعات طويلة من أجل الحصول على خبز ومياه.

كما تتراكم القمامة، وتغمر مياه الصرف الصحي الشوارع، وجفت الصنابير بسبب نفاد وقود مضخات المياه ومحطات المعالجة.

ومنعت إسرائيل دخول الوقود إلى غزة منذ بداية الحرب، وتقول إن حركة حماس ستستخدمه لأغراض عسكرية.

وقالت الأونروا التي تكافح من أجل توفير الخدمات الأساسية لأكثر من 600 ألف شخص لجأوا إلى مدارس ومرافق أخرى في الجنوب، إن الوقود الذي لديها قد ينفد بحلول يوم الأربعاء، ما قد يجبرها على وقف معظم عمليات المساعدات.

وأضافت الوكالة أنها غير قادرة على مواصلة جلب الإمدادات المحدودة من الغذاء والدواء عبر معبر رفح المصري، وهو الرابط الوحيد لغزة مع العالم الخارجي.