سقطات إسرائيلية في مستشفى الرنتيسي

في جولة دانييل هاغاري داخل الطابق تحت الأرضي في مستشفى الرنتيسي، أشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لحفاضات أطفال وزجاجة حليب للرضع ومقعد مرحاض حديث التركيب وفتحة في السقف لإدخال الهواء كـ"أدلة" أن الغرفة تستخدم "لاحتجاز رهائن" إسرائيليين.

ما نعرفه عن مشفى الرنتيسي هو أن آلاف النازحين لجأوا إليه، وأنه مستشفى أطفال، لذلك لا يبدو مستغرباً أن يكون هناك حفاضات أو زجاجة حليب للرضع. ومن المتوقع أيضاً أن يكون بعض النازحين حاولوا الاختباء في القبو للاحتماء من القصف والقذائف، كما فعل العديد من النازحين في مستشفيات أخرى مثل مستشفى القدس.

أما "الدليل" الآخر، فكان في غرفة في القبو بدت كقاعة اجتماعات تحت الأرض احتوت على آرائك للجلوس. في تلك الغرفة أشار هاغاري لستائر معلقة على الحائط ولا توجد خلفها نوافذ كـ"دليل دامغ" على أنها كانت غرفة "لتصوير الرهائن". لكن فاته وجود شعار منظمة الصحة العالمية، ما يعني إمكانية تجهيز القاعد لمؤتمرات صحفية من داخل الغرفة الآمنة تحت الأرض للطاقم الطبي للمشفى.

بمجرد تصوير دانييل هاغاري للورقة المكتوبة بخط اليد على الحائط وإشاعة أنها دليل على أسماء "إرهابيين" وأوقات مناوباتهم لحراسة الرهائن، انتشر الخبر في الأوساط الإسرائيلية بسرعة كبيرة وكأنه حقيقة مسلمة، دون التحقق من صحة الكلمات العربية على تلك الورقة.

أحد أبرز الناشطات الإسرائيليات كتبت على تويتر "كل اسم على هذا الجدول هو إرهابي ميت يمشي" أي أن قتلهم مسألة وقت. لكن نشطاء أشاروا لها بأن أولئك "الإرهابيون" أسماؤهم هي السبت، الأحد، الاثنين...

وكتب البعض ساخرين من ادعاء الجيش ذلك "يوم الاثنين هو أخطر إرهابي، اقتلوه". وكتب آخر "هل تدين يوم الاثنين؟"

مقطع الفيديو الدعائي للجيش الإسرائيلي زعم أيضاً وجود نفق تابع لحركة حماس بالقرب من المستشفى. لكن ذلك النفق المزعوم بحسب رواية الجيش نفسه، كان في منزل شخص معروف من حماس على بعد نحو 200 متر على الأقل من مشفى الرنتيسي، ولم يقدم هاغاري أي صور أو ادعاء بوجود فتحة نفس داخل المشفى نفسه.

وحتى مقطع الفيديو ذلك، شكك البعض في صحة مكان النفق المزعوم لأن الكاميرات لم توثق مكان النفق بالتحديد، بل تم فقط اجتزاء مقطع يظهر فتحة النفق.

وقال بعض النشطاء إن تلك الفتحة قد تعود لمصعد في مبنى سكني، نظراً لظهور سقف ألمنيوم أعلى رأس هاغاري وظهور مقبس كهربائي "phase inverter" لمحرك مصعد.

الأمر الآخر الذي استعرضه الجيش الإسرائيلي في المقطع الدعائي حول مستشفى الرنتيسي للأطفال كان "مستودع أسلحة" على حد تعبيرهم. لكن حتى مذيع سي إن إن الذي قدم مع الجيش لنشر روايتهم بدى متعجباً من أن "ترسانة الأسلحة" تلك كانت عبارة عن 4 "رشاشات صدئة" على حد تعبيره. ولكن أضاف بأن الجيش زعم بأنهم عثروا على المزيد من الأسلحة.

هذه الحادثة تذكر باقتراح لرئيس وزراء إسرائيل السابق يائير لابيد عندما كان أحد أبرز إعلاميي إسرائيل في العام 2010. في ذلك العام، هاجمت إسرائيل سفينة مافي مرمرة الإغاثية التي حاولت كسر حصار غزة، وقتل الجيش أكثر من عشرة نشطاء من طاقمها في المياه الدولية ما تسبب في أزمة دبلوماسية لإسرائيل.

لابيد قال في حينه تعليقاً على الحادثة إن الجيش الإسرائيلي كان يجب عليه رص صواريخ وأسلحة على الشاطئ والزعم بأنهم عثروا عليها في السفينة وجلب وسائل الإعلام لتصويرها. وقال حينها "بالطبع سيحاول المتحدث باسم السفينة شرح أن تلك الأسلحة لم تكن على سفينتهم، لكن لن يستمع إليهم أحد".

في تغريدة محذوفة لحساب الجيش الإسرائيلي على تويتر، قال من دون تقديم أي دليل إن "حماس تستخدم مركبات الإسعاف لنقل عناصرها وإخفائهم كمدنيين، وأن المستشفيات هي بنية تحتية إرهابية... وليست لأغراض طبية. هذا يعارض القانون الدولي ويجعلهم أهدافا عسكرية مشروعة".

وحتى في حال ثبوت استخدام تلك المباني بدليل واضح في شن هجمات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية (وهو ما لم يتم اثباته) يتوجب على الجيش اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين والأطباء في تلك المنشآت.