بايدن في عامه الـ81.. أزمات داخلية وخارجية ومعركة رئاسية

يعاني جو بايدن من أزمات كبيرة خارجيا، فالحرب بين إسرائيل وحماس جاءت في أثناء أخرى مشتعلة بالفعل بين أوكرانيا وروسيا، وفي الأزمتين تجد أميركا نفسها بلا قرار مؤثر، وسط معارضة حتى من داخل إدارته.

وفي وقت سابق قالت أسوشيتد برس إن بعض الموظفين في الحكومة الفيدرالية، من وزارة الخارجية إلى وكالة ناسا، يوقعون رسائل مفتوحة تطالب بايدن بمتابعة وقف إطلاق النار في حرب غزة، في حين التقط موظفو الكونغرس الميكروفونات أمام مبنى الكابيتول، ليتحدثوا علنا لإدانة ما يقولون إنه صمت المشرعين بشأن الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

اعتراضات الموظفين الفيدراليين على الدعم العسكري الأمريكي وغيره من أشكال الدعم لحملة إسرائيل في غزة هي جزئياً نتيجة للتغيرات التي تحدث على نطاق أوسع عبر المجتمع الأمريكي.

وقال منظمون إنه حتى أواخر الأسبوع الماضي، تمت الموافقة على رسالة مفتوحة من قبل 650 موظفًا من خلفيات دينية متنوعة من أكثر من 30 وكالة فيدرالية. تتراوح الوكالات من المكتب التنفيذي للرئيس إلى مكتب الإحصاء وتشمل وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الدفاع.

السياسة الخارجية لم تكن الأزمة الوحيدة التي تلاحق بايدن، إذ إن صاحب الـ81 عاما اشتهر بتصريحاته التي يعدها البيت الأبيض في كل مرة زلة لسان، كان آخرها تلك التي وصف فيها الرئيس الصيني شي جين بينغ بـ"ديكتاتور" بعد ساعات من اجتماع قمة جمعه معه، ما دفع الخارجية الصينية لطلب "توضيحات" من البيت الأبيض.

قبلها بأيام، كان يلقي خطابا في ولاية أريزونا، متحدثا عن متنزه غراند كانيون أو الأخدود العظيم، ووصفه بأنه "إحدى عجائب الدنيا التسع"، قبل أن يصحح ويقول "لقد قلت تسعا، لكنني أعني أنه إحدى عجائب الدنيا السبع".

وقبلها خلط الرجل بين رئيسي روسيا وأوكرانيا، بعد فترة قصيرة من مقولته إن "بوتين يخسر الحرب في العراق" بدلا من أوكرانيا، وقال أيضا إن الروس انسحبوا من الفلوجة (مدينة عراقية) بدلا من خيرسون الأوكرانية.

وفي خطاب عن الأسلحة التي يمتلكها أميركيون، قال بايدن في ختامه "حفظ الله الملكة"، كذلك إجاباته المرتبكة حول أفلام جون واين أو عندما خاطب نائبة تُوفيت لتوها كما لو كانت لا تزال على قيد الحياة.

يدرك جو بايدن جيدا أن عمره يشكل العائق الأساسي أمامه، قبل عام من الانتخابات الرئاسية، رغم أنه كثيراً ما يمزح بشأن هذا الموضوع، ويؤكد أن سنه تمنحه الحكمة اللازمة.

وفي خطاب ألقاه قبل فترة قصيرة أمام عمال في شركات صناعة السيارات، سخر الرئيس الأميركي من المخاوف المتعلقة بقدراته البدنية والذهنية، وعندما سقط أحدهم محدثا ضجة بينما كان يلقي كلمته، سأل في البداية "هل كل شيء على ما يرام؟" ثم أضاف "أريد أن تعرف وسائل الإعلام أنني لست الشخص الذي سقط"، في إشارة إلى تعثره المتكرر في مناسبات عامة، وانتشرت صور هذه الحوادث في جميع أنحاء العالم.

ومع أن تقريره الطبي أكد أنه "قوي"، لكن ما من شك أن مشيته أصبحت متثاقلة، وكثيرا ما يكون صوته خافتا وبالكاد مسموعا.

وبات يستخدم السلّم الأقصر في الطائرة الرئاسية لتجنب التعثر مجددا.

وقابل بايدن مشاعر من يشعرون بقلق حيال عمره الكبير وقدرته على تحمل ضغوط العمل بالبيت الأبيض بروح الفكاهة، محاولا إقناع الناخبين بأن عمره وخبرته التي تزيد على نصف قرن في الحياة تُعد ميزة في التصدي لمشكلات أميركا.

ومزح بايدن في يونيو الماضي في كلمة له قائلا "أعلم أن عمري 198 عاما".

وقال، خلال اجتماع مع مانحين ديمقراطيين في سبتمبر: "يبدو أن الكثير من الناس يركزون على عمري. أنا أفهم، صدقوني"، وذكر مرات عدة أن عمره 800 عام ممازحاً.

وفي أثناء لقائه مع الرئيس التشيلي غابرييل بوريتش (37 عاما)، قال بايدن مازحا "مشكلتي الوحيدة معك هي أنك صغير جدا". لكنه يؤكد بانتظام أيضاً أن عمره ضمانة "للحكمة" في مواجهة مطبات الحياة السياسية الأميركية والاضطرابات في العالم.

بايدن ظهر في مقطع فيديو الشهر الماضي ويبدو وكأنه قد ضل طريقه بعد مشاركته في حملة لغرس الأشجار في حديقة البيت الأبيض، وظل يتحرك في اتجاه واحد، لكنه توقف فجأة وبدأ يسأل الحراس عن الطريق الذي يسلكونه، وعندما وجهه حراسه في الاتجاه الصحيح، اتجه في الطريق المقابل قبل أن يعود الرئيس إلى البيت الأبيض كما أشار حراسه.

هكذا يبدو الحال بالنسبة للرجل الذي يقترب مجددا من مواجهة دونالد ترمب المرشح الأقرب لنيل ترشيح الحزب الجمهوري، في انتخابات 2024.

وتظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين يشعرون بقلق إزاء التأثير المحتمل لعمر بايدن على توليه المنصب. في استطلاع أجرته رويترز في منتصف سبتمبر، عبّر الناخبون عن قلقهم إزاء عمره ومدى ملاءمته للمنصب، إذ أظهرت النتائج أن 77% من المشاركين، وبينهم 65% من الديمقراطيين، قالوا إن بايدن كبير جداً في العمر ليكون رئيساً.

وينطبق هذا الأمر على الرئيس السابق دونالد ترمب الذي يبلغ 77 عامًا بنسبة 39% فقط، رغم أنه ليس أصغر بكثير. لكن المخاوف من القدرات الذهنية للمرشح الجمهوري، الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية لحزبه، تزايدت في الآونة الأخيرة.

وبالنظر إلى نتائج هذا الاستطلاع، حث المستشار السياسي ديفيد أكسلرود، كبير مهندسي حملتي باراك أوباما الرئاسيتين، بايدن على أن يسأل نفسه "ما إذا كان يترشح لمصلحته، أو لمصلحة البلاد؟".