منصة "بلغ" في العراق.. عين الدولة على منشوراتك

خلال الأشهر الثمانية الأولى على إطلاقها، أعلنت وزارة الداخلية في العراق أن أكثر من ١٥٢ ألف بلاغ قدم على منصة "بّلغ" التي أنشأتها الوزارة مطلع عام 2023 بهدف رصد المحتوى الإعلامي المنشور في مواقع التواصل الاجتماعي والذي صنف بأنه يسيء للذوق العام ويخدش الحياء ويزعزع الاستقرار المجتمعي.

تسجيل تلك الأرقام تراه وزارة الداخلية أمراً إيجابياً في تحقيق التعاون بين المجتمع المدني والسلطات، للوقوف بوجه ما يعرف بـ"المحتوى الهابط المسيء للمجتمع واستقراره".

كما ينوه المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية مقداد ميري، إلى أن المنصة نجحت في الحد من نشر المحتوى المسيء، كما أنها نظمت، وضبطت ذلك المحتوى، مؤكداً بأن أرقام التسجيل الكبيرة المتحققة تبين رضا المجتمع العراقي وتفهمه، وتعاونه في ضرورة إيقاف المحتوى المخالف للقيم والعادات، والذي يساهم بتهديم المجتمع، حسب قوله.

وتشير إحصاءات وزارة الداخلية إلى اتخاذ ٤٤ إجراءً بحق أصحاب المحتوى الهابط الذين تم التبليغ عنهم في منصة بلّغ منذ بداية العام.

وأثارت منصة بلّغ منذ تأسيسها الجدل بين مؤيدين ومعارضين، لاسيما بعد القبض على عدد من مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي والحكم بالحبس عليهم لفترات متفاوتة.

ناشطون عبروا عن رفضهم لوجود المنصة التي قالوا إنها تقييد للحريات ولا توضح أو تفسر معنى وضوابط المحتوى الهابط، كما حذروا من استغلالها لاستهداف ناشطين وحقوقيين، على حد وصفهم.

وتشير الناشطة بحقوق الإنسان إسراء سلمان إلى أن المنصة فيها تقييد للحريات، "والمبهم في الموضوع أن الحكومة لم تحدد ما هي طبيعة المحتوى الهابط ولم تعرفه"، وبالتالي هذا يتيح لها ملاحقة أي شخص تراه هي بأن محتواه هابط.

وتقول إن ذلك قد "يكون بابا من أبواب ملاحقة الناشطين وتحجيم وتقييد حرية الرأي والتعبير، كما أنها قد تكون بابا للانتقام، فالمنصة متاحة لأي شخص بالتبليغ ربما يستغلها البعض لدوافع انتقامية"، وفق وصفها.

بدوره، يقول المدير التنفيذي لشبكة انسم حيدر حمزوز، إن الحملة شكلت إنذاراً يهدد الحريات الرقمية، ولا سيما الفضاء الرقمي كونها لا تستند إلى معايير محددة، واصفاً الحملة التي انطلقت مع إنشاء المنصة، بالانتقائية والهادفة إلى زرع الخوف لدى المدونين والمدونات الذي ينتقدون الفشل السياسي.

تعتمد وزارة الداخلية العراقية على نص المادة 403 من قانون العقوبات في العراق الصادر في العام 1969.

ودعا قانونيون إلى تشريع قوانين واضحة في تنظيم المحتوى المنشور على وسائل الإعلام، تفرّق بين النقد والانتقاد والقذف والتشهير لتوضيح الإجراءات وتحديد معنى المحتوى الهابط والمسيء.

يرى المحامي محمد جمعة، أنّ قرار وزارة الداخلية العراقية بإنشاء المنصة، جاء "بعد الفشل في تمرير قانون جرائم المعلوماتية في البرلمان العراقي، والذي احتوى على عبارات فضفاضة، تؤثّر على حرية التعبير في العراق، وبعد فشل تشريع القانون تم اللجوء إلى إصدار المنصة".

ويرى جمعة أن منصّة "بلّغ" غير قانونية، كونها استندت إلى قانون عقوبات قديم عُدّل في الثمانينات، وفي وقت لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة، فالمادة القانونية لا تتحدث عن النشر الإلكتروني، بل الرقابة على الكتابة، والمطبوعات والأفلام، وليس محتويات إلكترونية".

وكان مركز الإعلام الرقمي (منظمة غير حكومية) قد كشف أن عدد مستخدمي شبكات التواصل بمختلف أنواعها خلال عام 2022 بلغ نحو 28 مليوناً و300 ألف مستخدم، حيث يشكل الذكور ما نسبته 67.9%، بحسب المركز.

وتتراوح أعمار مستخدمي مواقع التواصل بين 5 و34 عاماً، في الوقت الذي أكد فيه المركز أن تطبيق تيك توك شهد زيادة كبيرة بأعداد المتابعين العام الماضي.