"حوارة بلا دكاكين".. لماذا تستهدف إسرائيل هذه المنطقة؟

يتذكر عبدالله عودة صاحب أحد محلات توزيع البضاعة بالجملة في بلدة حوارة أن بلدته كانت مركزا تجاريا قبل بدء الحرب في غزة، يقول عبدالله: "كان في عنا أزمة سير ما بتقدر تحط رجلك في البلد"، إلا أن ذلك الحال لم يعد قائما بعد أن اشتعلت حرب في غزة التي تبعد ٦٠ كيلومترا عن حوارة.

تقع بلدة حوارة جنوبي مدينة نابلس وشارعها الرئيسي يعتبر شارعا حيويا لأهلها لأنه المكان الوحيد تقريبا الذي يربط محافظات شمال الضفة بمحافظات الوسط والجنوب.

"الموظف الذي يسكن في جنين أو نابلس ويعمل في رام الله مثلا يجب عليه أن يمر من حوارة وهو ما يجعلها نقطة تمركز اقتصادي مهمة"، حسبما قال عبدالله.

يبلغ عدد سكان حوارة الذين يعيشون في البلدة ٧١٢٧ فلسطينيا في عام ٢٠٢١ حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينما يعيش حوالي ٨ آلاف آخرين من أهالي حوارة خارج فلسطين في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والأردن وغيرها.

وتحيط المستوطنات ببلدة حوارة من كل جهاتها، توجد في شمالها مستوطنة يتسهار والتي تمتد إلى الجبل الغربي أيضا من البلدة.

وفي جنوب حوارة في الطريق إلى رام الله توجد مستوطنة شمرون التي ينصب أمامها الجيش الإسرائيلي حاجزا عسكريا يسميه الفلسطينيون "حاجز زعترة"، وتمتد مستوطنة شمرون إلى المناطق الشرقية المحاذية لحوارة.

وبعد أن كانت مركزا تجاريا مهما، اليوم تعاني حوارة من كساد اقتصادي وصل إلى نسبة ٩٠٪ بعد أن تلف أكثر من ٨٠٪ من المواد التموينية واللحوم في محلات البلدة، بحسب وكالة وفا الفلسطينية.

بعد قطع حاجز نابلس الذي يقود إلى بلدة حوارة يصادف راكب السيارة هناك مطعم "أكمي برغر" الذي اشتهر بكثرة زبائنه في فترات المساء، إلا أن المطعم تم إغلاقه بالقوة من قبل الجيش الإسرائيلي الذي أمر صاحبه بالإغلاق نظرا لقربه من الحاجز الفاصل بين أراضي حوارة وأراضي مدينة نابلس.

وتعتبر بلدة حوارة ضمن مناطق ج في الضفة الغربية التي غالبا ما يجد الفلسطينيون صعوبة في الحصول على تراخيص البناء فيها.

يقول عبدالله عودة صاحب محل الراجح للمواد التموينية والذي لا يبعد كثيرا عن مطعم البرغر أنه لا يفتح محله التجاري لأن المستوطنين الإسرائيليين "استباحوا الشارع الرئيسي للبلدة ومنذ بدء الحرب في غزة وهم يطلقون النار بشكل عشوائي في الشوارع" وذلك حسبما قال عبدالله، الذي أضاف أن فتح لأبواب محله يمكن أن يكلفه حياته بسبب رصاص المستوطنين.

٣٠٠ محل تجاري في حوارة، تسمح إسرائيل بفتح ٤٥ محلا منها فقط، بينما تغلق ٢٥٥ منشأة تجارية أبوابها، وذلك حسب وكالة وفا.

يقول عبدالله إن الـ ٣٠٠ محل كلها مغلقة منذ بداية الحرب في غزة، وإسرائيل لم تسمح بفتح ٤٥ محل إلا يوم ١٩ نوفمبر، فهي كلها مغلقة منذ ٧ أكتوبر. يضيف عبد الله أن الـ٤٥ محل التي سمح لها بفتح أبوباها هي الصيدليات والمخابز فقط نظرا لحاجة الناس الملحة والإنسانية لها.

عن محله تحديدا يقول عبدالله: "شو بدي أعمل، يعوضني الله" وذلك بعد أن انتهت صلاحية بعض المواد التي يبيعها عبدالله في محله المختص بتوزيع البضاعة بالجملة.

يستورد محل الراجح بضاعة من الخارج وبعضها لا تتجاوز مدة صلاحيته الثلاث شهور مثل "الكيك المستورد" الذي يقول عبد الله عنه إنه مطلوب بشدة من قبل المحلات.

لكن يحتاج هذا الكيك لشهر ليصل إلى حوارة من أوروبا وبذلك لا يتبقى إلا شهرين من مدة صلاحيته وهو ما جعل عبدالله يخسر بعضه وفي طريقة إلى أن يخسره كله بعد أن مر ٤٥ يوما على إغلاق محله.

يصف عبدالله الشارع الرئيسي لحوارة أنه "فاضي" لذلك هو لا يفتح محله ولو أراد فهو ممنوع من ذلك، لكن لعبد الله عامل شاب يعمل معه في محله بطريقة المياومة، وقد حُرم هذا العامل من مصدر رزقه في أول أسبوعين من الحرب لأن المحل مغلق.

لكن بعد أن مضى أسبوعان استدعاه عبدالله ليعمل معه في مخزن تجاري للبضاعة في منزله. ويقول عبدالله: "المخزن لا يتطلب عامل لكن لا أستطيع أن أقطع رزقه لأنه لديه عائلة وأطفال".

وبسبب الحواجز الإسرائيلية الدائمة التي تحيط بحوارة والعديد من الحواجز الطيارة التي نصبها الجيش الإسرائيلي في المنطقة لا يستطيع عبدالله حاليا أن يوصل بضاعته للقرى المجاورة مثل عوريف وعصيرة الشمالية وعينبوس، وهو ما كبده خسائر تصل إلى ١٠ آلاف شيكل على حد تقديره.