مليونا سوري في وجه المطر.. مأساة عمر الصالح تتكرر سنويا

يقطن عمر الصالح وهو سوري من محافظة دير الزور في مخيمات أطمة شمال إدلب، منذ سنوات.

ويشرح لبلينكس عن المأساة التي يعيشها عند سماع نبأ حلول منخفض جوي، ويقول: "ذلك يعني أنني سأرابط في الليل على باب الخيمة من أجل دفع المياه عن الأثاث الذي تنام عليه عائلتي".

يشير الصالح إلى أنه لم يترك باباً إلا وطرقه من أجل تحديث خيمته وتدعيمها.

ويضيف: "العودة إلى مسقط رأسي هي الطريقة الوحيدة للتخلص من قماش الخيمة.. ومع ذلك يبدو هذا الحلم بعيداً في الوقت الحالي"، حسب تعبيره.

المنخفض الجوي الذي ضرب شرقي المتوسط قبل أيام، أسفر عن تضرر 22 مخيماً في شمال غرب سوريا، وفق إحصائية أصدرها "الدفاع المدني السوري".

وانقسمت الأضرار ما بين غرق خيام وتطاير أخرى، ويقول منير مصطفى نائب مدير "الدفاع المدني" لبلينكس، إن مأساة المخيمات في المنطقة ليست بجديدة كونها بنيت على أرض إما جبلية أو طينية.

و"لا يمكن إنهاء هذا الملف دون توفير كرفانات للمهجرين لتكون بديلاً عن الخيام التي تتضرر في كل شتاء"، وفق مصطفى.

وتنتشر المخيمات بشكل رئيسي بالقرب من الحدود مع تركيا، ويبلغ عددها نحو 1500 مخيماً، يقطن فيها ما يقارب 2 مليون نسمة، وهو ما جعل عملية البناء الإسمنتي بطيئة نظراً للكم الكبير.

ويوضح مدير "فريق منسقو الاستجابة" الإنساني، محمد حلاج أن "الأبنية الإسمنتية التي تم تشييدها في الآونة الأخيرة كانت ذو جودة سيئة".

كما يقول لبلينكس إن "الكتل الإسمنتية التي بنيت لم تتجاوز نسبتها 12 في المئة من مجموع المخيمات في شمال غرب سوريا".

ويعتبر أن "الأضرار في المخيمات تتكرر كل عام لسبب رئيسي هو الطرق الواصلة إليها، كونها ترابية".

وفرت الوحدات الإسمنتية التي بنتها عدد من المنظمات وأخرى تركية، مساكن لعدد من قاطني المخيمات في شمال سوريا.

لكن التحذيرات من الإسهام في هذه المشاريع قد يفتح باباً للتغيير الديمغرافي في سوريا، كما يعتبر حلاج.

ويضيف أن "المشاريع السكنية التي تبنى في الشمال تخشى منها المنظمات، كونها قد تسبب تغييراً ديمغرافياً في تركيبة السكان في سوريا".

ويشير إلى أن "الأمم المتحدة تعبر عن مخاوفها أيضاً من هذه المشاريع".

بيد أن خالد حفار منسق "قطاع المأوى وإدارة المخيمات" في جمعية "عطاء" الإنسانية يرى أن "توفير الدعم للمخيمات سيكون مفتاحاً لإنهاء مأساة المهجرين، وذلك من خلال تدعيمها، وتنظيمها أو إنشاء قرى سكنية لقاطنيها".

ويؤكد حفار لبلينكس أن "الأمم المتحدة لا تسمح بإنشاء مخيمات إسمنتية"، و"إن تم ذلك فإنها لن تقدم أي مساعدة خوفاً من إحداث تغيير في التركيبة السكانية".

حذرت منظمات محلية ودولية من مخاطر انخفاض الدعم الأممي على السكان في شمال غربي سوريا.

وكانت منظمة "الغذاء العالمي" قد خفضت عدد الحصص التي كانت توزع على المخيمات، ومن المقرر أيضاً أن يتم تخفيض المنحة المخصصة لسوريا إلى النصف بدءاً من كانون الثاني المقبل.

وبالتالي فإن عمل المنظمات سيصطدم بنقص التمويل، وحتى خيار إنشاء وحدات سكنية إسمنتية سيواجه صعوبة، وهو ما أكده منير مصطفى، نائب مدير الدفاع المدني.

وأوضح مصطفى أن "بناء مساكن للمهجرين هو تعدٍ على حق المدنيين الآخرين"، وأن "المخيمات لن تنته المأساة فيها دون حل سياسي شامل يعيد السكان إلى بيوتهم ومدنهم التي هجروا منها".

من جانبه اعتبر محمد حلاج أن "إنهاء معاناة المخيمات لن يكون إلا عبر البوابة السياسية"، مشيراً إلى أن "الأوضاع الاقتصادية دفعت ببعض السكان إلى ترك منازلهم واللجوء في المخيمات القريبة منهم".