جمعيات مصر الأهلية.. يد لغزة والأخرى للداخل

"الحرب في غزة أثرت على كل شيء" تقول لبلينكس هاجر كمال، المدير التنفيذي لمؤسسة "اسمعونا" الخيرية، موضحة أن "الحرب جذبت انتباه الجميع في مصر، الكل يريد أن يساعد، وأصبحت غزة على أولويات المتبرعين والجميعات، ما زاد من قوائم الانتظار للحالات لدينا".

وتضيف كمال "جاءت الحرب في وقت نواجه فيه نقصاً في التبرعات بالفعل بسبب الضغوط الاقتصادية".

لا تقدم مؤسسة "اسمعونا" المساعدات ضمن التحالف الوطني، بل تعمل بشكل مستقل، وتقول كمال، إنهم يعملون على تجهيز ثلاث شاحنات محملة بالمياه، سيتم توجيهها إلى القطاع في الأسبوع المقبل.

إضافة إلى ذلك، تؤكد كمال أن المشاريع والمبادرات التي تنفذها المؤسسة في المحافظات المصرية مستمرة، ولا يمكنها التوقف، مثل كفالات العلاج، والقوافل الطبية، والخدمات التنموية مثل تسقيف المنازل وتوصيل المياه وغيرها من المشاريع التي تعمل عليها المؤسسة.

شكل آخر من المساعدات يتحدث عنه مؤسس جمعية "أبواب الخير"، هيثم التابعي، حيث يقول إن الجمعية حالياً تحت ضغط كبير بسبب "مشروع غزة" وهو مشروع لتقديم مساعدات مالية شهرية للعالقين والطلاب الفلسطينيين الذين لا يستطيعون العودة إلى القطاع، وتوقف الدعم الذي كان يٌقدم لهم من عائلاتهم بسبب الحرب.

ويضيف التابعي لبلينكس "لدينا مساعدات شهرية تقدم لنحو 2500 أسرة في مصر، وبعد الحرب قررنا صرف إعانات معيشة لنحو 250 من الطلاب الفلسطينيين العالقين في مصر".

ويوضح "تقدر هذه المساعدات بما يقرب من مليوني جنيه شهرياً، هذا المبلغ لا يشمل رواتب الموظفين والمصاريف الإدارية للمؤسسة".

رغم الضغوط المالية التي تشكلها هذه الحرب على الجمعيات الأهلية المصرية، إلا أن التحديات التي تواجهها الجمعيات ليست مالية فقط، حيث يقول التابعي إن "الأزمة ليست مالية فقط، بل لوجيستية أيضاً".

ويوضح "نحتاج لزيادة التبرعات، ولزيادة عدد الموظفين والمتطوعين، وزيادة ساعات العمل حتى نواكب الزيادة في الطلبات التي تأتي إلى الجمعية سواء من المصريين أو من الطلاب الفلسطينيين".

ويتابع "حل هذه المشكلات يحتاج لوقت، وعلينا التزام أخلاقي أيضا تجاه ضمان ثقة المتطوعين، لضمان خصوصية وبيانات من يتلقون المساعدات، كل هذا يضعنا تحت ضغوط مضاعفة".

تلجأ الجمعيات المصرية إلى سبل عديدة لمواجهة هذه التحديات، أبرزها هو زيادة حملات جمع التبرعات، خاصة تلك الموجهة على مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً لانخفاض سعرها مقارنة بالدعاية التلفزيونية أو طرق الدعاية التقليدية.

كذلك تمثل برامج الشراكة والبحث عن مموليين دوليين إحدى السبل التي تلجأ إليها الجمعيات المصرية، حيث تقول هاجر كمال: "في مثل هذه الأوقات نزيد من الحملات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات، كذلك نتجه للبحث عن المنح الدولية أو الشراكات مع وكالات الأمم المتحدة وغيرها حتى لا تتعطل أي من مشاريعنا".

بحسب بيانات الهلال الأحمر الفلسطيني، دخل إلى قطاع غزة حتى الاثنين 13 نوفمبر 1135 شاحنة مساعدات، منذ بدء إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر في 21 أكتوبر الماضي، يشمل ذلك العدد المساعدات الدولية التي أرسلت إلى مصر لتدخل القطاع عبر معبر رفح البري.

ويقول التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، إن المرحلتين الأولى والثانية من قوافل المساعدات التي أرسلها إلى غزة شملت دخول 337 شاحنة من المساعدات الإنسانية والطبية، وأن المرحلة الثالثة التي بدأت في 13 نوفمبر الجاري، تهدف إلى إدخال 50 شاحنة مساعدات يومياً إلى القطاع.

تعاني مصر منذ نحو ثلاثة أعوام من أزمة اقتصادية تتصاعد حدتها يوماً بعد يوم، خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبرايرعام 2022، ومنذ ذلك الوقت خفضت مصر قيمة عملتها ثلاث مرات، ليخسر الجنيه أكثر من 50% من قيمته أمام الدولار، وسط توقعات بانخفاض جديد قبل نهاية العام الجاري.

وتتمثل أبرز ملامح الأزمة الاقتصادية في النقص الحاد في العملة الأجنبية، وتراكم الديون حيث بلغ إجمالي الديون الخارجية أكثر من 165.4 مليار دولار بحسب بيانات وزارة التخطيط المصرية.

كذلك تشهد البلاد ارتفاعاً متواصلاً في أسعار السلع ونسب التضخم، حيث سجلت نسبة الضخم في مصر في أكتوبر الماضي 38.5%.

تدفع كل هذه الضغوط الاقتصادية بالمزيد من المصريين إلى الفقر، حيث من المتوقع أن يرتفع مستوى الفقر في مصر عام 2022/2023 إلى 35.7% بحسب دراسة مستقلة أجرتها مستشارة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هبة الليثي، وأعلنت عن نتائجها في أكتوبر الماضي.

وبلغ معدل الفقر في مصر 29.7% بحسب آخر نسخة من بحث الدخل والإنفاق الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في ديسمبر 2020، وكان يغطي الفترة حتى مارس 2020.