ماذا بعد هدنة غزة؟

وفقا لاتفاق الهدنة ما بين إسرائيل وحماس، يستعد حوالي ٥٠ أسيرا لدى حماس للخروج من قطاع غزة، ما بين إسرائيليين وأجانب وقعوا في قبضة حماس يوم ٧ أكتوبر الماضي.

لكن ما تسعى إليه إسرائيل في هذه المرحلة هو تأمين إطلاق سراح حوالي ١٠٠ من الأسرى، بالتحديد من النساء والأطفال، ما قد يدفعها للسعي والموافقة على تمديد الهدنة ومن ثم عمليات التبادل حتى بلوغ هذا الهدف، بحسب مقال نشره المحلل ديفيد إغناتيوس في صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

إلا أن حماس تتحفظ على حوالي ٢٤٠ أسيرا، بينهم رجال وجنود، من غير المتوقع أن يمتد الاتفاق ليشملهم بعد أن يُسفر الاتفاق المبدئي عن خروج كافة النساء والأطفال، من وجهة نظر إغناتيوس، قد يعني ذلك أن تعود إسرائيل للقتال بعد فترة من تمديد الهدنة.

العودة للقتال توافق تطلعات المجتمع الإسرائيلي بحسب مسؤول إسرائيلي كبير، كان قد أكد أن المرحلة الحالية "ليست مرحلة تهدئة"، مشيرا إلى أن هناك "تصميم قوي" سواء بين الإسرائيليين أو الجيش.

يرجح دبلوماسيون أن دائرة صنع القرار فيما يخص تمديد الهدنة أو وقف إطلاق النار في إسرائيل ضمن صلاحيات مكتب رئيس الوزراء وحكومة الطوارئ والموساد، ولكن الطرف الذي قد يكون أكثر ميلا لتمديد الهدنة بين الثلاثة هو الموساد أو جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، حسب تقرير أعدته صحيفة الغارديان.

في هذا السياق، سوف يحاول جهاز الاستخبارات الإسرائيلي إقناع رئيس الوزراء بإعادة وضع هدف "القضاء على حماس" تحت المجهر وتوضيحه.

حماس أيضا لديها مبرراتها التي قد تدفعها لتجنب تمديد الهدنة طويلا أو وقف إطلاق النار، إذ لا تفضل الجماعة إطلاق سراح جميع الرهائن ومن ثم خسارة بطاقة الضغط التي تستخدمها منذ بداية القتال في أكتوبر الماضي ضد إسرائيل.

وتسعى حماس أيضا للحفاظ على تأييد ودعم الفصائل الفلسطينية الأخرى المتواجدة ميدانيا، ومن بينها حركة الجهاد، وذلك عبر عدم الانجراف لتقديم تنازلات كبيرة للجانب الإسرائيلي.

وفقا لعدد الأسرى الذي تنوي حماس الإفراج عنه قد تزيد أيام الهدنة لفترة ما بين ٤ لـ ٩ أيام، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية، وسوف تبدأ إسرائيل في تلك النقطة إنهاء عملياتها في شمال غزة مما قد يستغرق فترة قدرها عشرة أيام أخرى.

حينها فقط تتفرغ إسرائيل لجنوب غزة الذي تعتقد أنه موقع استقرار كبار الأسماء في حركة حماس.

ولكن في حال أفضت الهدنة لوقف إطلاق نار طويل الأمد، تتغير ملامح السيناريو الميداني بشكل كامل، كما تتغير معطيات المعادلة السياسية في الداخل الإسرائيلي.

بشكل مبدئي سوف تتمكن حماس من إعادة تنظيم صفوفها والاستعداد للدفاع عن مواقعها إذا حانت لحظة القتال مجددا، في الوقت ذاته سوف تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء الحرب دون تحقيق هدفها المعلن بالقضاء على حماس، مما يعني أن الحركة سوف تظل الجهة المُمسكة بمقاليد السلطة في القطاع.

إنهاء الحرب بعد وقف إطلاق نار ممتد الآن سوف يُعجل أيضا بيوم الحساب في إسرائيل؛ حيث ستفتح ملفات التحقيق الرسمية فيما حدث يوم ٧ أكتوبر لمحاولة الوصول للمسؤول الرئيسي عن التقصير الأمني الذي أدى لمقتل حوالي ١٢٠٠ إسرائيلي.

بنيامين نتنياهو من بين أوائل الأسماء التي قد تتأثر بإجراء التحقيق من بين مسؤولين آخرين، سوف يسعون إلى محاولة تأخير لحظة المحاسبة، والاستفادة من نتائج الحرب النهائية، خاصة لو تمكنت إسرائيل من تحقيق هدفها النهائي والقضاء على حماس بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.