سياسة
.
على مدار الأيام الماضية أطلق سراح عشرات الإسرائيليين من قطاع غزة وصعدوا إلى عربات الصليب الأحمر حيث انتهت رحلتهم في الأسر بعد قرابة ٥٠ يوما أمضوها في القطاع.
مقاطع الفيديو والصور تظهر الأسرى يلوحون بأيديهم لعناصر حماس والضحكة لا تفارق وجوههم، وهذا ما اعتبره البعض دليلا على حسن التعامل معهم خلال الأسر، غير أن بعض الروايات تحدثت عن ظروف معيشية مختلفة مر بها هؤلاء أثناء وجودهم في قطاع غزة.
فماذا قال الأسرى المُطلق سراحهم عن أيام حماس؟ وماذا تريد إسرائيل أن تُظهر للحظات مواطنيها الأخيرة في الأسر؟
بالرغم من عدم تحدث أي أسير بعد إطلاق سراحه إلى وسائل الإعلام، عن تجربة الإقامة في قطاع غزة، إلا أن بعض أقاربهم نقلوا أجزاء من يوميات الأسرى في غزة، وذلك إثر لقاءات وجيزة بذويهم المحررين.
جاءت بعض التصريحات على لسان ميراف مور رافيف، قريبة الأسيرة الخمسينية، كيرين موندر، وتحدثت رافيف مع الصحفيين عبر محادثة فيديو نظمها "منتدى الأسرى والعائلات المفقودة" الإسرائيلي، حسب صحيفة نيويورك تايمز.
وقالت رافيف إن موندر لم تكن تحصل على وجبات الطعام بشكل دوري ومنتظم، وأن طعامها تركز في الأغلب على وجبات من الخبز والأرز، كما أنها فقدت هي ووالدتها التي وقعت في الأسر أيضا ما بين ٦ إلى ٨ كيلوغرامات من وزنها.
أما عن ظروف المعيشة فتعتقد موندر أنها كانت تنام في غرفة أشبه ما تكون بغرفة استقبال، واضطرت لصف الكراسي إلى جوار بعضها البعض لتشكيل سرير نوم، أما لدخول دورة المياه فكان عليها طرق باب الغرفة والانتظار كي يُفتح لها، وفي بعض الأحيان امتدت فترة الانتظار لحوالي ساعتين.
أما أدفا أدار، حفيدة الأسيرة يافا أدار البالغة من العمر 85 عاما، أكدت أن جدتها كانت معزولة تماما عن العالم الخارجي، حتى أنها لم تكن تعلم أي من أفراد عائلتها قد قُتل في الهجوم، لكنها عملت على إحصاء الأيام في العزلة حتى أنها أدركت أنها قضت ٥٠ يوما في الأسر.
بعدما خرجت الأسيرة من قطاع غزة اكتشفت نجاة أفراد أسرتها، بحسب تقرير أعدته مجلة تايمز الأميركية، لكن الخبر السيء كان أن منزلها قد دُمر تماما إبان الهجوم، وتقول حفيدتها عن ذلك: "ليس لديها أي شيء، وفي شيخوختها تحتاج إلى أن تبدأ من جديد".
تأتي هذه التصريحات في وقت تنتشر فيه على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو قد بثتها حركة حماس ترصد لحظات الأسرى الأخيرة في قطاع غزة قبل صعود عربات الصليب الأحمر والانتقال للحدود المصرية ومنها إلى إسرائيل.
يظهر الأسرى في تلك المقاطع في حالة من الهدوء، بينما يتبادلون الابتسامات مع مقاتلي حماس الملثمين، في بعض الأحيان يلوح الأسرى بحماسة للمقاتلين قبل صعود العربات.
إلا أن بعض وجهات النظر في إسرائيل تعتبر تلك المشاهد جزءا من دعاية حماس، ويلمح تقرير لصحيفة جيروزاليم بوست إلى احتمال "إجبار" الأسرى على الظهور في مقاطع الفيديو بهذه الطريقة، إذ أكد التقرير على أنه من غير الواضح ما إذا تم "إكراه" الأسرى على تصوير الفيديو، وكيف حدث ذلك.
روايات أقارب الأسرى المفرج عنهم حديثا تأتي متناقضة مع رواية واحدة من أوائل الأسيرات التي أفرجت عنهن حماس خلال شهر أكتوبر الماضي، وهي يوشيفيد ليفشيتز المسنة الثمانينية التي قالت خلال مؤتمر صحفي بعد خروجها من قطاع غزة إنها تلقت معاملة حسنة من جانب حماس بعد أن تعرضت للضرب خلال عملية الأسر في ٧ أكتوبر وبالتحديد خلال نقلها من جنوب إسرائيل إلى قطاع غزة.
وأكدت ليفشيتز أنها تناولت وجبات من الجبن والخيار مماثلة لتلك التي تناولها حراس الأسرى، كما اعتادت النوم على مراتب مخصصة للنوم على أرضية الغرفة، وأكدت كذلك أن حماس اهتمت بالرعاية الصحية للأسيرات، واعتاد الأطباء زيارتهن باستمرار.
قالت ليفشيتز إن حماس قسمت الأسرى إلى مجموعات صغيرة، وأضافت إنها نُقلت بعد اختطافها إلى أنفاق تحت الأرض شبهتها بشبكة عنكبوتية، لكن الجيش الإسرائيلي يقول إنه عثر على أدلة تثبت أن بعض المحتجزين كانوا موجودين في المستشفيات أو تحتها، كما زعم أن المجندة مارسيانو قُتلت على أيدي مسلحين من حماس داخل مستشفى الشفاء.
ونشرت حماس شريطا مصورا في أكتوبر ظهر فيه عامل طبي وهو يعالج ذراعا مصابة لأسيرة فرنسية تبلغ من العمر 21 عاما.
ونشرت حماس مقطعا آخر في الشهر ذاته أظهر ثلاث نساء من الأسرى ينتقدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقال نتنياهو إنهن استُخدمن في "دعاية قاسية".
أسر مسلحون حركة حماس نحو 240 شخصا وقتلوا 1200 آخرين عندما هاجموا بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر وفقا للرواية الإسرائيلية.
وجاء هؤلاء الأسرى من تجمعات سكنية وقواعد عسكرية بجنوب إسرائيل، إلى جانب آخرين كانوا يحضرون حفلا موسيقيا في منطقة قريبة، وتقول الحكومة الإسرائيلية إنه بالإضافة إلى المواطنين الإسرائيليين، فإن أكثر من نصف الأسرى يحملون جنسيات أجنبية ومزدوجة من نحو 40 دولة منها الولايات المتحدة وتايلاند وبريطانيا وفرنسا والأرجنتين وألمانيا وتشيلي وإسبانيا والبرتغال.
وقالت الحكومة ووسائل إعلام الإسرائيلية إن من بين الأسرى نحو 40 طفلا، منهم طفل يبلغ من العمر عشرة أشهر وأطفال في سن ما قبل المدرسة، بالإضافة إلى جنود ومسنون وأشخاص من ذوي الإعاقة.
مددت الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس الثلاثاء للسماح بالافراج عن مزيد من الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة حيث لا يزال الوضع الإنساني "كارثيا".
وبدأ سريان اتفاق الهدنة الجمعة بعد وساطة قطرية بدعم من مصر والولايات المتحدة وسمح حتى الآن بالافراج عن 50 رهينة محتجزين في قطاع غزة و150 فلسطينيا من السجون الإسرائيلية. وأفرج كذلك عن 19 رهينة آخرين غالبيتهم من العمال الأجانب لكن خارج إطار الاتفاق.
وقبل ساعات قليلة من انتهاء مدة الهدنة الأساسية، أعلنت قطر والولايات المتحدة الاتفاق على تمديدها ليومين إضافيين حتى الساعة السابعة من صباح الخميس (الخامسة ت غ)، ما من شأنه السماح بالافراج عن نحو 20 رهينة و60 معتقلا فلسطينيا إضافيا.
وصباح الثلاثاء قالت الحكومة الإسرائيلية إنها تلقت قائمة بأسماء عشرة رهائن سيفرج عنهم خلال اليوم من دون أن تكشف اسماءهم، على ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
وخلال الليل، أفرج عن 11 رهينة إسرائيليين في قطاع غزة من بينهم ثلاثة يحملون الجنسية الفرنسية أيضا وهم ايتان ياهالومي (12 عاماً) وايريز (12 عاما) وسهار كالديرون (16 عاما) .
وقبل إبرام الاتفاق، أطلقت حماس سراح ٤ أسرى من بينهن الأميركيتان جوديث رعنان وابنتها ناتالي في 20 أكتوبر "لأسباب إنسانية"، ولاحقا أُطلق سراح نوريت كوبر التي تبلغ من العمر79 عاما ويوشيفيد ليفشيتز التي تبلغ من العمر85 عاما، بينما تمكنت قوات إسرائيلية من تحرير المجندة الأسيرة أوري مجيديش خلال الاجتياح البري لغزة في 30 أكتوبر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الشهر العثور على جثتي سيدتين كانتا محتجزتين في مدينة غزة، إحداهما للمجندة نوعا مارسيانو.
قالت قطر إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل في غزة على تسهيل الإفراج عن الأسرى.
ومن المتوقع خلال الهدنة دخول شاحنات محملة بالمساعدات والوقود إلى قطاع غزة الذي يعاني فيه 2.3 مليون نسمة من نفاد الغذاء.
وخرجت مستشفيات كثيرة في غزة من الخدمة ومن أسباب ذلك عدم توفر وقود لتشغيل مولدات الكهرباء فيها.
وقالت وزارة الخارجية القطرية إن غرفة عمليات في الدوحة تراقب الهدنة وإطلاق سراح الأسرى ولديها خطوط اتصال مباشرة مع إسرائيل ومع المكتب السياسي لحماس في الدوحة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة