بايدن غاضب من نتنياهو.. والسبب "عملية الجنوب"

منذ شنت حماس هجومها المشهود على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، تستقر الولايات المتحدة مع إسرائيل على الجبهة ذاتها، سواء عن طريق الدعم العسكري أو تأييد حقها في "الدفاع عن نفسها" في المحافل الدولية.

ولكن بعد نحو شهرين من القتال وعشرات الغارات الجوية التي أسفرت عن مقتل ما يزيد على ١٦ ألف فلسطيني بينهم ما يصل إلى ٦ آلاف طفل، تغيرت نبرة الولايات المتحدة في الحديث إلى حليفتها في الشرق الأوسط.

بحسب تقرير نشره موقع أكسيوس أكد مسؤولون أميركيون أن بايدن أعرب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه بشأن عملية إسرائيل العسكرية المرتقبة على جنوب غزة، وذلك في محادثة هاتفية الأحد 26 نوفمبر.

خلال تلك المحادثة أوضح بايدن أن الطريقة التي عملت بها إسرائيل في شمال غزة لا يمكن تكرارها في الجنوب، خصوصا في ضوء استقرار قرابة مليوني فلسطيني في تلك المنطقة، بينهم مئات الآلاف من الفارين من العملية العسكرية في الشمال.

وتضمنت تلك العملية التي تحفظ بايدن على تكرارها، هجوما واسع النطاق وثلاث فرق مدرعة ومشاة.

أكد بايدن أيضا أنه يريد أن يجري الطرفان الإسرائيلي والأميركي المزيد من المناقشات حول خطط إسرائيل العملياتية في الجنوب قبل أن تبدأ إسرائيل تحركها مع انتهاء الهدنة (التي انتهت بالفعل صباح الجمعة)، وهو الأمر الذي وافق عليه نتنياهو، بحسب المصدر.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ الرئيس الأميركي في الوقت ذاته أن العمليات في الجنوب "ضرورية" لتحقيق هدف إسرائيل في تدمير حماس، وأن الشعب الإسرائيلي لن يقبل بوقف العملية العسكرية الآن.

أكسيوس نقلت عن مصادر أن الهجوم المحتمل على جنوب غزة كان الملف الأبرز أيضا في زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل.

وأشارت إلى وجود خلافات بين واشنطن وتل أبيب حول طبيعة الهجوم المحتمل على جنوب قطاع غزة، وأن بلينكن قال إنه كلما طال أمد الحرب وقوتها زاد الضغط الدولي لوقفها.

وشددت على أن بلينكن لم يطلب من إسرائيل عدم الهجوم على جنوب غزة، لكنه طلب إطلاعه على خطط الجيش الإسرائيلي في هذا الشأن.

المحادثات الأميركية الإسرائيلية لا تجري على ذلك المستوى الرفيع فقط، بل إنها تمتد بين مسؤولين متعددين لمحاولة الإجابة عن بعض الأسئلة المُلحة فيما يتعلق بمواجهات ما بعد الهدنة، بالتحديد مصير مليوني فلسطيني في جنوب قطاع غزة الذي تسعى إسرائيل لشن هجوم عليه.

وفيما لا تحبذ الولايات المتحدة المقترح الإسرائيلي المتعلق بنقل سكان غزة إلى منطقة المواصي الساحلية في جنوب القطاع، يُطرح على طاولة الحوار احتمال آخر، وهو إعادة نقل سكان غزة من الجنوب إلى الشمال مرة أخرى بمجرد انتهاء العمليات في القسم الشمالي من القطاع، كي يصبح الجنوب خاليا أمام القوات الإسرائيلية، بحسب مسؤولين تحدثوا لشبكة سي إن إن.

إلا أن المعضلة التي تواجه هذا الاقتراح هي حجم الضرر الذي لحق بشمال القطاع، حيث تشير تحليلات الأقمار الصناعية أن ما بين ٤٠ و٥٠ ٪ من مباني الشمال قد تهدمت، ومن ثم سوف تشكل عودة المدنيين إليه تحديا إنسانيا كبيرا.

خلال تلك المحادثات المستمرة يشدد المسؤولون الأميركيون على ضرورة إنشاء مناطق آمنة للمدنيين في الجنوب أيضا.

بعض المصادر تحدثت عن أن الولايات المتحدة وضعت شروطها أمام إسرائيل للقتال في جنوب غزة، إذ قال مسؤولان أميركيان في تصريحات لرويترز إن الولايات المتحدة طالبت بما يلي:

• تقليص منطقة القتال.
• توضيح الأماكن التي يمكن أن يلجأ إليها المدنيون الفلسطينيون بحثا عن الأمان خلال أي عملية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة لمنع تكرار ما حدث في شمال القطاع من سقوط حصيلة ‬هائلة من القتلى.

• لا ينبغي لإسرائيل أن تمضي قدما إلا بعد أن يأخذ التخطيط العملياتي في الاعتبار وجود العديد من الأبرياء.
• استخلاص الدروس من العمليات التي أجريت في الشمال لتعزيز حماية المدنيين الأبرياء.
• استخدام قوة أصغر وتوخي الحذر فيما يتعلق بالتكتيكات والتحركات وحجم الوحدات وقواعد الاشتباك.
• التركيز على أهداف بعينها تكون عالية القيمة، والتأكد من استهداف مواقع محددة وليس القيام بضربات عشوائية.

أمام الضغوط الأميركية المتزايدة، خاصة تلك المتعلقة بتغيير تكتيك معركة الجنوب، تُبدي إسرائيل في بعض الأحيان "تقبلا" للرؤية الأميركية إبان المحادثات، ولكن في العلن تُظهر إسرائيل رغبات مغايرة، بحسب تقرير أعدته صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

على سبيل المثال صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمام جمع من الجنود أثناء زيارة شمال غزة هذا الأسبوع بأنه لدى العودة للقتال بعد انتهاء الهدنة ستكون القوة "أكبر" وستمتد "في كل قطاع غزة"، وأكد وزير الدفاع أيضا أن تلك الجهود سوف تستمر حتى تحقيق الهدف النهائي، بالقضاء على حماس.