غوتيريش.. كيف تحول "الأمين العام" إلى عدو إسرائيل الجديد؟

بعدما ترك منصبه السياسي في البرتغال ورئاسته لاتحاد الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية المعروف باسم "سوشيالست إنترناشيونال"، تولى غوتيريش منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عام 2005، ليبدأ أول مواجهة مع الحديث عن الوضع في غزة وفلسطين.

ففي عام 2009 مثلا، أصدر غوتيريش بيانا حول الحرب التي شنتها إسرائيل في غزة بنفس العام، يقول فيه إن القطاع يشهد "الصراع الوحيد في العالم الذي لا يُسمح فيه للناس حتى بالفرار" نتيجة الحصار، معربا عن قلقه البالغ إزاء الخسائر الناجمة عنه في صفوف المدنيين، بما في ذلك الأطفال، ويعرب عن صدمته وحزنه العميقين إزاء المعاناة والخسائر في الأرواح.

ومع إطلاق حملة لإنهاء حالة انعدام الجنسية في العالم، قال غوتيريش إن الحملة لا تشمل الفلسطينيين لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تعترف بفلسطين كدولة، وأن هذا "الوضع المحدد للغاية" يتطلب "حلًا سياسيًا" بحسب معهد بروكينغز.

وبعد توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وبعد حرب مايو ٢٠٢١ في غزة، واجه غوتيريش انتقادا إسرائيليا في أعقاب تشكيل لجنة تحقيق في هذه الأزمة، وذلك نتيجة تصريحات أدلى بها عضو لجنة التحقيق ميلون كوثاري الذي قال إن "اللوبي اليهودي يسيطر على وسائل التواصل الاجتماعي"، وتساءل عن سبب السماح لإسرائيل بأن تكون عضوا في الأمم المتحدة، بحسب تايمز أوف إسرائيل.

حينها أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا التوقيت يائير لابيد يطالبه بحل لجنة التحقيق، قبل أن يخرج كوثاري معتذرا عما حدث.

رغم إدانته لهجوم حماس في السابع من أكتوبر في خطابه في الرابع والعشرين من الشهر نفسه فإن غوتيريش أشار إلى أن هذا الهجوم الذي اجتاح مستوطنات غلاف غزة لم يأتِ من فراغ.

قال غوتيريش إن الشعب الفلسطيني يتعرض لـ56 عاما من الاحتلال الخانق، ليفتح اعتراضات الإسرائيليين التي بدأت بصوت وزير الخارجية إيلي كوهين الذي ارتفع في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة ويسأل متهكما: "السيد الأمين العام، في أي عالم تعيش؟".

المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة غلعاد إردان خرج في اليوم التالي على موقع إكس ليقول إن على غوتيريش الاستقالة، ولحق به كوهين في الشهر التالي ليؤكد أن الأمين العام للأمم المتحدة لا يصلح لقيادة المؤسسة الدولية بحسب رويترز.

وبعد أن خاطب غوتيريش مجلس الأمن بموجب المادة 99 من الميثاق في خطوة نادرا ما يقوم بها أمين عام في القضايا التي تشكل خطرا على السلم العالمي، جاء الرد الإسرائيلي على لسان وزير الخارجية إيلي كوهين علي موقع إكس بالقول إن "ولاية غوتيريش تشكل خطراً على السلام العالمي" وإن "طلبه تفعيل المادة 99 والدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة يشكل دعما لحماس".

المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أنه "للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدولي"، والتي بموجبها تحرك غوتيريش، لكن لم يسبقه الكثير من أسلافه في اتخاذ الخطوة ذاتها.

ورغم محدودية الاستخدام فإن الشرق الأوسط وأفريقيا يستحوذان على اهتمام هذه المادة، فقد استخدمها السويدي داغ هجالمار آني كارل همرشولد في يوليو 1960 من أجل الحديث عن الحرب الأهلية في الكونغو، بحسب وثائق الأمم المتحدة.

كانت لإيران والعراق نصيب الأسد من هذه المادة التي استخدمها الأمين الرابع كورت جوزيف فالدهايم عامي 1979 و1980 وكانت طهران طرفا في المرة الأولى مع أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية، وفي الثانية خلال الحرب العراقية الإيرانية بحسب وثائق الأمم المتحدة.