من أجل سداد الديون.. كيف يعيش عمال آسيا في إسرائيل؟

عندما خرج عامل المزرعة التايلاندي أنوتشا أنجكايو من المخبأ الذي كان يحتمي فيه من الصواريخ على حدود إسرائيل مع قطاع غزة حوالي الساعة 7:30 صباحا يوم السابع من أكتوبر كان يتوقع رؤية جنود إسرائيليين.

لكن بدلا من ذلك واجه أنوتشا و5 من زملائه التايلانديين، نحو 10 مسلحين عرف أنهم من حركة حماس من خلال أعلام فلسطين على أكمامهم.

يقول أنوتشا البالغ من العمر 28 عاما ذو اللحية الصغيرة الناعمة لوكالة رويترز: "صرخنا: تايلاند، تايلاند.. لكنهم لم يبالوا".

اشتكى أنوتشا من الضرب الذي تعرض له خلال عملية أسره وزملائه حيث اقتيدوا إلى إلى مبنى صغير يؤدي إلى نفق حيث ساروا عبر ممر مظلم يبلغ عرضه مترا تقريبا حتى وصلوا إلى غرفة صغيرة.

في وقت لاحق، انتقل التايلانديون إلى غرفة أكثر اتساعا بها ثلاثة مصابيح للإضاءة وتلقوا أغطية بلاستيكية للنوم عليها، وكان المرحاض عبارة عن كوة، وقد توقف الضرب وتحسن الطعام ليشمل المكسرات والزبد، وفيما بعد تلقوا وجبات من الأرز.

وخلال الأيام الخمسين في الأسر، قضى أنوتشا وثلاثة من زملائه التايلانديين في غزة وقتهم في لعب الشطرنج على لوح مؤقت، وتذكر العائلة واشتهاء الطعام التايلاندي.

في اليوم الخامس والثلاثين، وصل رجل يرتدي ملابس سوداء لإجراء تفتيش قصير، وظن المحتجزون من سلوكه واحترام الحراس له أنه أحد كبار قادة حماس، قبل أن يعودوا لذات الروتين حتى وصل أحد الحراس ذات يوم بعدما تناولوا وجبتهم الأولى وقال "تايلاند.. عودوا لوطنكم".

تم اقتياد التايلانديين الأربعة عبر شبكة الأنفاق، المعروفة باسم مترو غزة، لمدة ساعتين تقريبا حتى وصلوا إلى منشأة تابعة لحماس فوق الأرض حيث كانت تنتظر أيضا مجموعة مؤلفة من محتجزات إسرائيليات، وبعد حوالي 11 ساعة تم تسليمهم إلى الصليب الأحمر الذي أخرجهم من غزة في 25 نوفمبر.

خرج أنوتشا ومجموعة أخرى من التايلانديين إضافة إلى عشرات الإسرائيليين، لكن لا يزال نحو 130 من بينهم 8 تايلانديين محتجزين داخل غزة.

ويعمل حوالي 30 ألف عامل تايلاندي في قطاع الزراعة قبل الحرب مما يجعلهم أحد أكبر مجموعات العمالة الوافدة في إسرائيل التي تقدم لعمال المزارع أجورا مرتفعة.

ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية الرهائن التايلانديين القتلى "بالأبطال" وقالت إن المحتجزين الذين أفرج عنهم سيحصلون على نفس المزايا التي سيحصل عليها نظرائهم من الإسرائيليين.

خلال ديسمبر الجاري، أرسلت سريلانكا ٢٠ ألف عامل للعمل في قطاعي الزراعة والبناء الإسرائيلي، لتعويض ما حدث من رحيل العمال التايلانديين.

يسعى السريلانكيون لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي عصفت ببلادهم وراكمت ديونهم رغم العامل الأمني الذي ظل محل جدل داخل البرلمان في العاصمة كولومبو بحسب رويترز.

ورغم رحيل العديد من التايلانديين بعد الحرب، فإن بعضهم يحجز تذكرة للعودة إلى إسرائيل من أجل سداد الديون.

بانافان كلونجسوان قرر العودة مرة أخرى إلى إسرائيل لدفع أقساط قروض المنزل والسيارة.

يقول العامل التايلاندي بانافان لموقع ساوث تشاينا مورنينغ بوست إن البنك لن ينتظر "أنا أكسب لقمة عيشي نيابة عن جميع أفراد الأسرة وسأعمل على سداد جميع القروض".

كان بانافان يكسب حوالي 1400 دولار أمريكي شهريا، يرسل معظمها إلى وطنه قبل أن يعود إلى بلاده في السابع من نوفمبر الماضي، لكنه قرر العودة إلى إسرائيل سريعا في بداية ديسمبر الجاري.

يشير بانفان إلى أن "معظم أصحاب العمل يضاعفون أجور أولئك الذين يعودون"، وهو ما يراه فرصة جيدة لا يجب تفويتها.

على جانب آخر من الحرب، لم يستطع جميع العمال الآسيويين الخروج من فخ الديون الذي وقعوا فيه عبر وكالات التوظيف التي تجبرهم على دفع الرسوم بشكل شخصي.

ورغم إلزام منظمة العمل الدولية أصحاب العمل بدفع الرسوم المالية المرتبطة باستقدام العمال المهاجرين من الخارج، فإن إسرائيل تجعل العمال يدفعون "رسوم التوظيف" بأنفسهم، وهي ممارسة أثارت انتقادات من خبراء حقوق الإنسان بحسب صحيفة الغارديان.

يكشف تحقيق أجرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن "رسوم التوظيف" غير القانونية تُدفع إلى "وسيط" في وكالة التوظيف من أجل الحصول على وظيفة في إسرائيل.

ولم تسفر التحقيقات عن أي اتهامات جنائية، وهو ما دفع قاضي المحكمة العليا الإسرئيلية إسحاق أميت لوصف هذه الممارسة باعتبارها "عبودية حديثة، واتجار بالبشر".

وتمثل العمالة الآسيوية الجانب الأكبر من نسبة العمالة الأجنبية، فيحتل التايلانديون المرتبة الأولى يليهم الفلبينيون ثم الهنود والصينيين بحسب موقع ستاتيستا المعني بالإحصائيات.

في العام الماضي فرضت وزارة الداخلية الإسرائيلية لوائح تقصر عمل طالبي اللجوء الذين حصلوا على الحماية الجماعية من الترحيل، على العمل في مجالات البناء أو الزراعة أو تقديم الرعاية المؤسسية أو الفنادق أو المطاعم.

وخلال العام ٢٠١٥، قرر وزير الداخلية الإسرائيلي آنذاك سيلفان شالوم منع طالبي اللجوء المفرج عنهم حديثًا من مركز احتجاز حولوت من العمل في تل أبيب وإيلاتوبني براك وبيتاح تكفا ونتانيا وأشدود والقدس، ولتصبح القائمة ١٧ مدينة بحسب تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية.