سياسة
.
لا تعد جامعة هارفارد من بين مؤسسات التعليم العالي المرموقة في الولايات المتحدة فحسب، بل أغناها أيضا.
وبينما تعتبر الجامعة حلما للعديد من الطلاب حول العالم، إلا أنها أصبحت الأكثر جدلا أثناء حرب إسرائيل على غزة حيث أدت الأحداث المتتالية لوضع جميع الأعين على الجامعة التي قررت الإبقاء على رئيستها كلودين غاي، لتكشف أن ميزانية هذه المؤسسة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من ١٢٠ دولة حول العالم، بعضها دول عربية.
فمن أين تأتي أموال هذه المؤسسة؟ وهل تضررت من الحرب؟
بحسب موقع Wisevoter، تواجه البلدان ذات الناتج المحلي الإجمالي الأدنى تحديات اقتصادية كبيرة، مما يؤثر على رفاهية سكانها. ومن بين هذه الدول:
ويمثل الناتج المحلي الإجمالي لناورو، ثالث أصغر دولة في العالم بعد مدينة الفاتيكان وموناكو، ٠.٢٦٪ من وقف هارفارد البالغ ٥٠.٧ مليار دولار.
أما من البلدان العربية، فهارفارد تعتبر أغنى من:
تعد مؤسسة هارفارد أغنى جامعة أميركية، وفقا للمركز الوطني لإحصاءات التعليم، الذي استند في تصنيفاته إلى بيانات الأوقاف لعام 2021.
هذا العام، بلغ وقف جامعة هارفارد في السنة المالية 50.7 مليار دولار، بانخفاض طفيف عن 50.9 مليار دولار في العام السابق، وفقا لأحدث تقرير مالي.
الأوقاف، هي أموال التبرعات التي يتم استثمارها لضمان دخل مالي مستمر، يُستخدم للمنح الدراسية، ورواتب أعضاء هيئة التدريس، وصيانة المرافق، وضمان استقرارها المالي على المدى الطويل.
ويتكون وقف جامعة هارفارد من أكثر من ١٣ ألف صندوق فردي مستثمر ككيان واحد وتشرف عليه شركة هارفارد للإدارة.
مع وجود مثل هذا الوقف الكبير في متناول الجامعة، اقترح البعض أن تستخدم الجامعة المزيد من التمويل لإلغاء الرسوم الدراسية بالكامل، بينما يرى آخرون أن أموال جامعة هارفارد يمكن استخدامها بشكل أفضل من خلال توظيف وتعليم المزيد من الطلاب ذوي الدخل المنخفض.
ولكن الجامعة أوضحت أن وقفها لم يحقق سوى 2.9% في السنة المالية 2023، أي أقل بكثير من هدفها البالغ 8%.
في المقابل، تمثل التبرعات 45% من إيرادات الجامعة، ما يشير إلى أهمية المساهمات المالية من الخريجين الأثرياء.
ويمكن أن يكون العمل كرئيس لجامعة هارفارد وظيفة مربحة، حيث كسبت رئيسة الجامعة الحالية كلودين غاي ٨٧٩ ألف دولار في عام 2021، عندما كانت رئيسة منتخبة، وفقا لصحيفة هارفارد كريمسون.
وأشارت إلى أن رئيس جامعة هارفارد المنتهية ولايته، لورانس إس. باكو، حصل على أكثر من 1.3 مليون دولار في ذلك العام.
يأمل طلاب جامعة هارفارد وأساتذتها أن يضع بقاء رئيسة هذه المؤسسة التعليمية الشهيرة في منصبها حدا للجدل "السياسي" حول اتهامات بمعاداة السامية داخل الجامعة، التي تهزها تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس.
وبقي من هذه الاحتجاجات، ملصقات يدعو بعضها إلى "وقف إطلاق النار" في غزة فيما تؤكد أخرى أن "انتقاد إسرائيل" أو "إدانة إبادة جماعية" أمران "يختلفان عن معاداة السامية".
وكاد هذا الجدل أن يكلف رئيسة الجامعة وأستاذة العلوم السياسية كلودين غاي البالغة 53 عاما، منصبها.
ويشعر راين إينوس أستاذ العلوم السياسية وأحد مؤيدي غاي الـ700، بالغضب من "الضغوط السياسية الصادرة من برلمانيين في الكونغرس وإسرائيل".
وقال "لا ينبغي لأحد أن يسيس هذه القضايا الخطرة جدا المتعلقة بالحرب في الشرق الأوسط حيث يموت آلاف الأشخاص".
أصبحت غاي ذات الأصول هايتية، خلال الصيف أول أميركية سوداء تقود هذا الصرح المهم لدراسة القانون والاقتصاد منذ تأسيسه قبل 368 عاما.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الحليف العسكري والدبلوماسي للولايات المتحدة التي تضم 6 ملايين يهودي، دان الأحد "تفشي معاداة السامية في الجامعات الأميركية".
وفي إشارة إلى قرار بقاء الرئيسة في منصبها، طالبت المنظمة الطالبية اليهودية الأميركية والعالمية "هارفارد هيليل" في رسالة بالبريد الإلكتروني تلقت فرانس برس نسخة منها، بتشكيل "إدارة تدعمها، وتسمي وتدين وتحارب معاداة السامية أينما وجدت".
من جهتها، واصلت مجموعة يهودية متطرفة تسمى "المشروع القومي اليهودي" (Jewish National Project) تسيير شاحنتها الإعلانية المجهزة بلافتات إلكترونية مضيئة تتهم غاي بـ "معاداة السامية" وتصفها بأنها "وصمة عار وطنية"، في شوارع كامبريدج.
لا تزال جامعة هارفارد تعتبر على نطاق واسع واحدة من أفضل الجامعات في العالم، ولكن يقول العديد من طلابها إن الجامعة ليست هي "المعيار الذهبي" الذي يعتقده البعض.
بحث سريع على تيكتوك يثبت لنا أن طلابها ليسوا راضين عن المستوى في خدمات الجامعة.
أبسط مجال للمقارنة هو طعام الإفطار. فبينما نشر أحد مستخدمي تيكتوك المقطع التالي ليبين أن إفطار هارفارد ليس "لائقا"، وقال المستخدم "قد تعتقد أن هارفارد تملك المال الكافي لتوفير طعام أفضل".
للمقارنة، ما يلي مقطع من إفطار جامعة ييل، التي تعتبر من أفضل الجامعات أيضا، وتوازي هارفرد في المستوى التعليمي. ولكن يبدو أن ييل "تدلل" طلابها في فطورهم.
على مقياس من ٥ نقاط، يبلغ الرضا الإجمالي لطلاب جامعة هارفرد 3.95، مقارنة بمتوسط 4.16 من 30 جامعة أخرى شملها الاستطلاع الذي أجراه اتحاد تمويل التعليم العالي، والذي يضم جميع نخبة الجامعات الأميركية، إلى جانب أفضل المؤسسات البحثية والفنية.
في كل عام تقريبا، تزيد جامعة هارفارد من تكاليف التعليم والغرفة والطعام. وهذه تكاليف الجامعة على مر السنين:
- في 1840، كانت رسوم هارفارد 75 دولارا، القيمة الشرائية للـ٧٥ دولارا، تعادل الآن أقل من ٢٧٠٠ دولار.
- في المقابل، تبلغ تكلفة الالتحاق بجامعة هارفارد حاليا أكثر من 79 ألف دولار سنويا في ٢٠٢٣.
وللحصول على درجة جامعية مدتها 4 سنوات دون أي منحة أو مساعدة مالية، ستكلف جامعة هارفارد الطالب الواحد ما يقرب من 320 ألف دولارا.
في عام 2021، بلغ إجمالي عدد الطلاب المسجلين في جامعة هارفارد أكثر من 31 ألف طالب. وبلغ عدد الطلاب المسجلين بدوام كامل في الجامعة أكثر من 21 ألف طالبا، وبلغ عدد الطلاب المسجلين بدوام جزئي أكثر من 10 آلاف طالب. وهذا يعني أن 67.5% من الطلاب المسجلين في جامعة هارفارد مسجلون بدوام كامل.
إذا قمنا بحساب الدخل من الطلاب بدوام كامل فقط، فسيصل ذلك إلى 6.77 مليار على الأقل.
وضعت الحرب بين إسرائيل وحماس الجامعات الخاصة في الولايات المتحدة أمام معضلة دقيقة ما بين تلبية مطالب داعميها الأثرياء المؤيدين لإسرائيل، والحفاظ في الوقت عينه على حق طلابها في التعبير عن آرائهم الداعمة للفلسطينيين.
وأوقف عدد من الأثرياء الأميركيين، أو لوّحوا على الأقل، تبرّعاتهم لجامعتي هارفارد وبنسلفانيا، وأنهت منظمة ويكسنر التي تعمل على تحضير "قادة المجتمع اليهودي الأميركي وإسرائيل" شراكتها مع كلية كينيدي في جامعة هارفارد.
وبرّرت العائلة الثرية خطوتها بـ"فشل قيادة هارفرد في اتخاذ موقف واضح وقاطع ضد الجرائم الوحشية وقتل المدنيين الإسرائيليين الأبرياء من قبل الإرهابيين"، في إشارة إلى حركة حماس.
إلى ذلك، طالب مارك روان الرئيس التنفيذي لصندوق "أبولو غلوبل ماناجمنت" الاستثماري وأحد المتبرعين الرئيسيين لجامعة بنسلفانيا، باستقالة رئيستها إليزابيث ماغيل.
وانتقد روان استضافة الجامعة قبل أسبوعين من اندلاع الحرب، منتدى للأدب الفلسطيني شارك فيه من قال إنهم "أشخاص معروفون بمعاداتهم للسامية وترويجهم للكراهية والعنصرية".
كذلك، أعرب متبرعون آخرون لهارفارد وبنسلفانيا عن امتعاضهم من أداء الجامعتين في الوقت الراهن، مثل كينيث غريفين الداعم لهارفارد، ورونالد لاودر الداعم لبنسلفانيا، وفق ما أفادت وسائل إعلام أميركية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة