تراشق بالتصريحات.. لماذا انتهى ربيع بايدن ونتنياهو؟

في أكتوبر الماضي، زار الرئيس الأميركي إسرائيل بعد فترة قصيرة من هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

على مدرج الطائرات عانق نتنياهو، وأمام كاميرات الصحف أعلن تأييده الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلا أن موقف بايدن لم يعد يبدو مناصرا لكافة التحركات الإسرائيلية الآن.

ففي حفل لجمع التبرعات لحملته الانتخابية في واشنطن، تحدث بايدن عن إسرائيل، محذرا أنها بدأت تفقد الدعم العالمي بسبب "القصف العشوائي" على قطاع غزة.

عبر بايدن كذلك عن مخاوف تجاه حكومة نتنياهو، وموقفها من حل الدولتين، الذي تلوح به الولايات المتحدة منذ بدء الصراع في أكتوبر الماضي.

فقال بايدن عن نتنياهو: "إنه صديق جيد، لكنني أعتقد أن عليه أن يتغير، ومع هذه الحكومة، هذه الحكومة في إسرائيل تجعل من الصعب عليه التحرك".

وأضاف: "هم لا يريدون أي شيء يشبه من قريب أو بعيد حل الدولتين".

قبل تلك التصريحات بأيام كانت الولايات المتحدة لتوها قد أقدمت على خطوة إضافية لدعم إسرائيل متمثلة في فيتو أمام مجلس الأمن عرقل مشروع قرار بوقف إطلاق النار في القطاع المحاصر، كما صرح مسؤولون أميركيون أن إسرائيل وحدها هي من لديها القول في وضع نقطة النهاية للقتال.

ولكن يبدو أن المحادثات في الكواليس لا تمضي تماما كتلك التي تظهر في العلن، فحسب تقرير أعدته صحيفة فاينانشال تايمز، تعمد بايدن على مدار الفترة الماضية ألا يضع ضغوطا علنية على إسرائيل، بينما تُجرى "المحادثات الصعبة" على انفراد.

قبل اندلاع الحرب في غزة، وجه بايدن أكثر من انتقاد علني لنتنياهو إبان محاولات تمرير برنامج الإصلاحات القضائية، ولكن اليوم يؤكد مسؤولون أميركيون لفاينانشال تايمز أن تصريحات بايدن الأخيرة لم تكن جزءا من خطة محددة لدى البيت الأبيض لتشكيل ضغط على نتنياهو، وإنما جاءت عشوائية.

مايزال بايدن متفقا مع الهدف الرئيسي لإسرائيل، إذ قال في خطابه: "ليس هناك أي شك في ضرورة القضاء على حماس".

في الوقت نفسه يدعم ما يسوقه نتنياهو عن مبررات القصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة، وبالأخص تلك المتعلقة بنهايات الحرب العالمية الثانية، وقصف الحلفاء الكثيف على ألمانيا النازية أو استخدام الولايات المتحدة للقنبلة النووية ضد اليابان، حسب وكالة فرانس برس.

فأشار بايدن أنه أخبر نتنياهو إن بعد الحرب العالمية الثانية تم إنشاء مؤسسات دولية "للتأكد من عدم تكرار ذلك مرة أخرى".

كما أكد أن الولايات المتحدة ارتكبت "أخطاء" بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

على الجهة الأخرى، لا يقف نتنياهو صامتا لكنه يشير أيضا إلى خلافاته مع بايدن بشكل علني، وحتى قبل أن يدلي الرئيس الأميركي بتصريحاته في حفل التبرعات كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد قال في بيان أن هناك خلاف بين الطرفين حول مصير غزة بعد الحرب.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي: "نعم، هناك خلاف حول يوم ما بعد حماس، وآمل أن نتوصل إلى اتفاق هناك أيضا".

وفيما تدفع الولايات المتحدة ببطاقة حل الدولتين، يُظهر نتنياهو لها معارضة واضحة بحسب شبكة CNN، حيث قال في تصريحات أنه "لن يسمح لإسرائيل بتكرار خطأ أوسلو"

وأضاف: "غزة لن تكون حماستان ولا فتحستان".

بعض المحللين الإسرائيليين، لا يعتقدون أن رسائل نتنياهو تلك موجهة للولايات المتحدة حصرا، لكنها موجهة أيضا للداخل، وفقا لتصريحات نُشرت للدبلوماسي الإسرائيلي مايكل أورين الذي شغل منصب السفير الإسرائيلي في واشنطن منذ العام ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٣ في عهد نتنياهو.

وفقا لتصريحات أورين لصحيفة وول ستريت جورنال، يريد نتنياهو أن يرسل رسالة للناخبين اليمينيين والوسطيين جوهرها أن أوسلو كانت كارثة أسوأ من السابع من أكتوبر، ومن ثم فإن نتنياهو، كرئيس للحكومة، هو أفضل ضمانة ألا يحدث ذلك مجددا.

وأضاف أورين: "إنه يلعب السياسة من خلال أمننا القومي".