"دبلوماسية الشيكات".. لماذا تصوت هذه الدول دائما لإسرائيل؟

تشكل ميكرونيزيا "اتحاد ولايات ميكرونيزيا"، التي صوتت ضد القرارات الأممية المؤيدة لوقف الحرب، إضافة إلى بالاو وجزر مارشال اللتان تراوح موقفهما بين الرفض، بالنسبة للأولى في أكتوبر، ثم الامتناع عن التصويت في ديسمبر، جزء من إقليم جزر المحيط الهادئ الخاضع لإدارة الأمم المتحدة والذي تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية.

كانت الولايات المتحدة تدير هذا الإقليم من خلال مكتب وزارة الداخلية للمناطق الجزرية بحسب وزارة الخارجية الأميركية قبل أن تنال الدول استقلالها في ثمانينيات القرن العشرين.

وترتبط هذه الجزر بواشنطن عبر ما يعرف بـ"اتفاقيات الارتباط الحر" والتي تجعل لمواطني هذه الدول الحق في الإقامة والعمل في الولايات المتحدة والأقاليم التابعة لها باعتبارهم غير مهاجرين قانونيين أو "مقيمين معتادين".

ويعيش في الولايات المتحدة أكثر من 94 ألف مواطن منهم، بما في ذلك الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما والمولودين بأميركا ولديهم جنسية مزدوجة.

علاوة على ذلك فإن مواطني هذه الدول مؤهلين للالتحاق بالجيش الأميركي حيث يخدم أكثر من ١٠٠٠ شخص منهم بحسب خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي في نوفمبر الماضي.

تؤيد بابوا غينيا الجديدة بشكل مطلق إسرائيل وكانت واحدة من الدول التي نقلت قبل شهر واحد من الحرب في غزة سفارتها في إسرائيل إلى القدس، رافضة في تصويت الأمم المتحدة قرارات وقف إطلاق النار، وهو نهج مستمر باستثناء تأييد إدانة اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل في الأمم المتحدة قبل سنوات.

وإضافة إلى التكنولوجيا الزراعية التي تطمح الدولة الجزرية الواقعة بالقرب من أستراليا في الحصول عليها من إسرائيل فإن ثمة عاملا دينيا يحكم علاقاتهما.

فشعب الغوغودالا الذي يعيش في الجانب الغربي من بابوا غينيا الجديدة يدعي أن أصوله من الأسباط العشرة المفقودة من بني إسرائيل.

هذا الزعم، دفع جامعة أديليد الأسترالية لإجراء فحوص الحمض النووي التي لم تكن حاسمة لكنها توصلت إلى أن "الادعاء بأن غوغودالا هو أحد الشعوب المتباينة في إسرائيل، وبالتالي مواطنون محتملون لتلك الأمة، له أهمية كبيرة"، بحسب مجلس شؤون أستراليا وإسرائيل المعني بشؤون اليهود في أستراليا.

تعد غواتيمالا واحدة من الدول القليلة التي نقلت سفاراتها لدى إسرائيل أيضا إلى القدس، علاوة على دعم إسرائيل في المحافل الدولية، وهو الأمر الذي يرجع للعام ١٩٤٧.

كانت غواتيمالا واحدة من الدول التي صوتت للقرار رقم ١٨١ القاضي بتقسيم فلسطين، بل لعب سفيرها لدى الأمم المتحدة، خورخي غارسيا غرانادوس، وعضو لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، دورا كبيرا في إقناع دول أمريكا اللاتينية بالتصويت لصالح القرار، ليصبح اسم الدولة الواقعة في أميركا الوسطى يحمله عدد من شوارع إسرائيل.

ولكن الأهم من ذلك ما قدمته إسرائيل لغواتيمالا ونخبتها العسكرية من دعم عقب ذلك، ففي الحرب الأهلية الطويلة التي انتهت عام ١٩٩٦ دعمت إسرائيل الجنرال خوسيه إفراين ريوس مونت الذي استولى على السلطة في عام 1982.

أرجع ريوس مونت نجاح الانقلاب إلى التدريب على يد مستشارين إسرائيليين الـ300 الذين كانوا، في غواتيمالا في ذلك الوقت لتدريب جنوده بحسب موقع بانوراماز التابع لمركز دراسات أميركا اللاتينية بجامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة.

وترجع صحيفة تايمز أوف إسرائيل هذا الدعم إلى سبعينيات القرن العشرين، معتمدة على مقالة عام ١٩٨٦ حول العلاقات بين إسرائيل وغواتيمالا إلى أن المساعدة "بدأت في عام 1971، لكنها اكتسبت أهمية متزايدة بعد عام 1977، عندما رفض جنرالات غواتيمالا المساعدات العسكرية الأميركية ردا على ضغوط إدارة كارتر لمعالجة انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان".

يمكن القول إن الدول تسعى من خلال "دبلوماسية الشيكات" إلى الاستفادة من الدعم الدبلوماسي من خلال تمويل المساعدات والتنمية لاسيما في منطقة المحيط الهادئ، الأكثر اعتمادا على المساعدات في العالم، وبالتالي تعد هذه الدبلوماسية عنصرا أساسيا في التعامل معها بحسب معهد لوي الأسترالي.

وبحسب المعهد نفسه، فإن هذه الدول تشكل ما يصل إلى 12 صوتا ما يجعل الحصول عليها أمر بالغ الأهمية لنجاح أي مبادرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في المنظمات الدولية الأخرى.

وفي حالة إسرائيل، فإنها مثلا، تخصص 20 منحة دراسية لناورو، التي صوتت بالرفض في أكتوبر وديسمبر، في إطار أنشطة وكالة المعونة الدولية الإسرائيلية "ماشاف" في مختلف المجالات بحسب القناة السابعة الإسرائيلية.

وقد كانت ناورو الدولة الجزرية الوحيدة التي اعترفت باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية التابعتان عن جورجيا عام ٢٠٠٩، وقد تحدثت بلومبرغ عام ٢٠١١ نقلا عن سفارة موسكو في أستراليا عن حصول الدولة الصغيرة على ١٠ ملايين دولار مساعدات.