سياسة
.
انطلقت السبت انتخابات المجالس المحلية للمحافظات في العراق، بعيداً عن كل التحديات التي تواجه تلك الانتخابات، من مقاطعة للتيار الصدري والمخاوف من أي رد فعل قد يقوم به أنصار التيار خلال الانتخابات.
غير أن العراقيين انشغلوا ببعض الأمور اللافتة التي رافقت الدعايات الانتخابية للمرشحين، والتي أظهرت اتجاه الكثير من النواب والمسؤولين إلى ترشيح أقاربهم مثل الأشقاء والشقيقات والأبناء والأزواج في هذه الانتخابات.
فما الذي يحدث في العراق؟
شقيقة النائبة أو زوجها، ابن الوزير أو قريبه، أقارب مسؤول أو قيادي في الميليشيات المسلّحة، هم وجوه أبرز الدعايات الانتخابية التي انتشرت خلال الترويج لانتخابات مجالس المحافظات في العراق، والتي أظهرت مشاركة أكثر من 40 مرشحاً من أقارب النواب والمسؤولين ممن تم التعرف عليهم.
قوائم الترشيح أظهرت وجود 25 مرشحاً من أشقاء المسؤولين، و10 آخرين أبناء نواب ومحافظين، و9 أبناء عمومة وأزواج، والعديد من حالات الترشيح لأقارب من الدرجة الأولى أو مستويات مختلفة يضمن بها المسؤول وجود قريب له في السلطة المحلية.
وتتوزع هذه الترشيحات على مختلف القوائم التقليدية، وأبرزها قوائم الأحزاب التابعة للإطار التنسيقي الشيعي أو الأحزاب الرئيسية في المحافظات السنيّة كـ"تقدم وعزم"، كما أنها وجدت أيضاً في القوائم التي تقول إنها مدنية.
بعض المرشحين من أقارب المسؤولين وقادة الميليشيات لم تساعدهم هذه القيادات في الترشيح وحسب، بل شفعت لهم بإلغاء التهم الإجرامية التي صدرت بحقهم، وتم على إثرها إلقاء القبض عليهم وإعلان ذلك من قبل الحكومة، لكن وبشكل مفاجئ يعود هؤلاء للترشيح دون أي ذكر لعمليات القبض التي جرت بحقهم.
أحد هؤلاء من أقارب فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، وفي نفس الوقت هو شقيق أحد النواب في البرلمان العراقي، وهو قيادي في أحد الفصائل أعتقل قبل 8 أشهر في عمليات فرض القانون التي قامت بها حكومة محمد شياع السوداني الحالية في ديالى، للجم الميليشيات المسلحة، بعد عدة عمليات اغتيال وقتل جماعي حدثت في المحافظة.
وفي مارس من العام الحالي، اعتقلت قوة أمنية قادمة من بغداد مدير استخبارات الحشد الشعبي في ديالى، صباح زيني، شقيق النائب صلاح زيني، وهو أيضا قيادي في أحد الفصائل المسلحة ضمن عمليات فرض القانون التي أطلقتها الحكومة هناك.
التهمة كانت قيادته لجماعات مسلّحة تعمل في التهريب، كما تورطت في أحداث القتل الطائفية التي جرت في المحافظة.
حينها ظهر شقيق ثالث لهما يهدد الحكومة بإطلاق سراحه خلال ساعة أو اتخاذ ردود فعل انتقامية بحق المحافظة.
ورغم كل تلك الأحداث، لكن صباح زيني يُعّد اليوم من أبرز المرشحين للانتخابات المحلّية في ديالى، في قائمة تدعى الأساس، وتدّعي أنها مستقلة ومدنية تابعة للنائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي.
لكن الكثير من الشخصيات ووسائل الإعلام تتحدث عن أن تلك القائمة يموّلها ويدعمها أبو فدك المحمداوي، أو ما يعرف بما يسمى رئيس أركان الحشد الشعبي.
الدعايات الانتخابية أظهرت أيضا مشاركة الكثير من أبناء الوزراء والمسؤولين والنوّاب والمحافظين بشكل مباشر، كحال وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي.
يأتي نجله حسان ثابت التسلسل 2 في قائمة نينوى، التي يرأسها مهند الجبوري، ابن المحافظ السابق لنينوى، نجم الجبوري، والذي استقال قبل أيام قليلة، بعد إبعاده من المشاركة بالانتخابات من قبل هيئة المساءلة والعدالة التي تقوم باجتثاث عناصر حزب البعث أو من عمل معه.
في نفس المحافظة يرشّح المحافظ الأسبق أثيل النجيفي، ابنه سيف النجيفي في قائمة حسم، إلى جانب نائبات ونوّاب رشحوا بناتهم وأبنائهم في بغداد وصلاح الدين والديوانية والبصرة.
كقائمة الأبناء فإن قائمة الشقيقات والأشقاء كانت أكثر سخاء بترشيح الكثير من أخوات وإخوان البرلمانيين، والسياسيين، وقادة الجماعات المسلحة في القوائم بأغلب المحافظات العراقية التي تجرى فيها الانتخابات، باستثناء محافظات إقليم كردستان العراق.
ومن أبرز هذه الترشيحات التي تنتشر في بغداد، صور النائبة عالية نصيف عن ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي مع شقيقتها، ويتم الترويج لها بقوة لتحل محل أختها في السلطة المحلية.
ودائماً ما تثير نصيف اللغط والجدل بعد ان اعتقل ابن شقيقتها قبل سنوات، من قبل هيئة النزاهة، وهو يتلقى رشوة من قبل أحد المقاولين، لكنه سرعان ما أطلق سراحه وعين قائمقام مدينة الحرية في بغداد، وبعد إثارة الرأي العام ضد ما حصل، تمّ عزله.
كما تشهد القوائم ترشيح الكثير من أشقاء النواب في محافظات أخرى إلى جانب أقرباء لنواب مسؤولين وأيضاً أزواج النائبات، كالنائبة نورس العيسى في ديالى عن تحالف السادة السنّي، حيث ترشّح زوجها لؤي مطلك، للانتخابات المحلية في المحافظة عن نفس القائمة، والاثنان يضعان صورهما معاً في الدعايات الانتخابية.
المتحدث باسم حركة نازل آخذ حقي الديمقراطية، خالد وليد، يوضح بأنه وعلى الرغم من عدم وجود اعتراض قانوني في ترشيح الأقارب، إلا أن العملية الانتخابية الأخيرة، وترشيح الأقارب فيها من قبل الأحزاب المستحوذة على السلطة، أظهرت عمق الأزمة بالعملية السياسية.
يضيف: "تظهر كذلك عدم قدرة الأحزاب على إنتاج قيادات جديدة لذلك تلجأ إلى المحسوبية، في محاولة لتكريس المصالح الفئوية والسيطرة المطبقة على البلاد، وتشكيل محاصصة جديدة هي محاصصة الأقارب".
اليوم، تبدأ الانتخابات لأول مرة منذ 10 سنوات، في يومي 16 ديسمبر (التصويت الخاص)، و18 ديسمبر (التصويت العام). ويشارك في الانتخابات 6022 مرشحاً موزعين على 38 تحالفاً.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة