"سوريا على بحر ألغام".. ضحايا يتعكزون على "نصف جسد"

تحصل غالبية حوادث انفجار الألغام الأرضية ومخلفات الحروب والتي توثقها منظمات أممية ومحلية في الأراضي الزراعية.

كانت آخر تلك الحوادث الأسبوع الماضي، إذ قُتل رجل وزوجته وأصيب آخرون، جراء انفجار لغم أرضي بهم في أثناء عملهم بجني الزيتون في منبج بريف حلب الشرقي.

أعادت الحادثة المذكورة "فتح جروح" غياث عبد الله عندما قرأ خبرها، وتحدث لبلينكس كيف أنه نجا من الموت بأعجوبة، وبعدما استفاق داخل المشفى "تفاجأ بجسد دون قدمين".

وأسفر انفجار اللغم في إحدى أراضي ريف محافظة إدلب عن فقدان الشاب السوري لقدميه وتعرض أجزاء أخرى من جسده لشظايا ماتزال موجودة حتى الآن.

ويقول "اللغم لم يقطع جسدي فقط، بل قطّع مستقبلي. أصبحت عاجزاً بكل معنى الكلمة".

"الموت الموقوت كنت ضحيته.. صحيح أنني نجوت لكن ربما كان الموت أرحم لي من البقاء قعيداً في المنزل"، كما يضيف الشاب السوري.

في المناطق التي يوجد فيها غياث والخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة تكاد تخلو من أي فرق مختصة في إزالة الألغام.

ومع ذلك تضطلع فرق الدفاع المدني السوري ببعض الأعمال الخاصة بنزع مخلفات الحرب من الأراضي الزراعية، رغم أنهم "يفتقرون إلى المعدات الكافية"، ولا يمتلكون رفاهية الوصول إلى الحدود الفاصلة بين مناطق النفوذ.

سامي محمد، وهو أحد المسؤولين عن ملف الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري، يشير إلى أن فرقه تختص بالتخلص النهائي وإزالة الذخائر غير المنفجرة الموجودة فوق سطح التربة أو المدفونة بالقرب من سطحها.

لكنه يقول لبلينكس، إنهم لا يمتلكون معدات دقيقة للكشف عن الألغام الأرضية.

يتوزع عمل الدفاع المدني في محافظة إدلب ومناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

وعن آلية العمل يوضح محمد أن "الدفاع المدني لديه فرق متخصصة بالمسح غير التقني".

وتعمل هذه الفرق على زيارة القرى في عموم شمال غرب سوريا لجمع الاستبيانات، وبهدف الوصول للمناطق الملوثة وتحديدها وإرسال التقارير لفرق الإزالة.

وبعد ذلك تتوجه إلى مرحلة التخلص النهائي من الذخائر.

ويعتبر المسؤول أن "سوريا تعيش على بحر ألغام نتيجة الأعمال العسكرية التي دارت فيها".

مناطق سيطرة النظام السوري تبدو أفضل حالاً من غيرها، ويساعدها في ذلك خبراء أبرزهم من روسيا، وباشروا أولى مهامهم عام 2016.

لكن الفرق تلك لم تستطع أن تمنع لغما انفجر في سيارة محمد المختار الذي فقد ساقه على الطريق الدولي بين دمشق ودير الزور، وتسبب له بإعاقة دائمة.

يقول المختار لبلينكس، إن "بقعة ماء تسببت بما حل به".

ويوضح أنه "اضطر للنزول من الطريق الرئيسي إلى الصحراوي للهروب من بقعة ماء لكن سرعان ما تحول المشهد إلى بقعة دم عقب انفجار لغم أرضي في مركبته".

ويقول "حياتي توقفت عند الانفجار. الآن أصبحت شخصاً آخر حتى في نظر مجتمعي".

ويضيف أنه فشل في الحصول على طرف صناعي، نتيجة إصابته التي أدت إلى بتر قدمه من فوق الركبة.

وفق إحصائيات مرصد الألغام الأرضية، وهو منظمة تتعقب الألغام الأرضية على مستوى العالم، تتصدر سوريا حصيلة ضحايا الألغام الأرضية في العالم.

وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إنها وثقت مقتل 3353 مدنياً بينهم 889 طفلاً بسبب الألغام المضادة للأفراد في سوريا منذ عام 2011 حتى الآن.

وللحد من ضحاياها في سوريا، كانت العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية وجهت دعوات للأمم المتحدة لإرسال فرق للكشف عن الألغام، كما طالبت الأطراف العسكرية بالكشف عن خرائطها وأماكن زراعتها في سوريا.

المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوضح في تقرير سابق له أن "الألغام الأرضية المنتشرة في مختلف المناطق السورية، تعرّض حياة المدنيين وسلامتهم للخطر".

ويضيف أنه "ينبغي لجميع أطراف النزاع التوقف عن استخدام الألغام الأرضية وكشف مواقعها والتعاون لتحييد خطرها".

تقرير المركز سلط الضوء أيضاً، على الاستخدام الكبير للألغام في النزاع السوري، مشيراً إلى أنه "لا يزال عدد كبير منها منتشراً بين منازل المدنيين وفي الأراضي الزراعية".