بيت لحم.. كيف تستقبل مدينة حزينة موسم الأعياد؟

اتخذ قادة الكنيسة في القدس ومجلس مدينة بيت لحم قرارا الشهر الماضي بعدم تنظيم "أي احتفال غير ضروري" بعيد الميلاد، تضامنا مع سكان غزة.

وسيأتي بطريرك القدس اللاتيني لإقامة قداس منتصف الليل التقليدي عشية عيد الميلاد، لكن مع بقاء الزوار بعيدا، وفي ظل قيود مفروضة على الوصول إلى المدينة من السلطات الإسرائيلية، ما من شأنه أن يؤثر على نسبة المصلين.

وأتت الحرب في توقيت سيئ جدا بالنسبة إلى سكان المدينة الذين يعتمدون على المردود السياحي في عيد الميلاد.

ففي السنوات العادية، تكون بيت لحم "مدينة مليئة بالناس وبالسياح أيضا" وفقا لحديث عبود الصبح، أحد تجار بيت لحم.

يقف الصبح في متجره إذ تحاوطه أوشحة كشمير وحقائب يد جلدية، يبيعها للزبائن الذين يزورون المدينة في موسم عيد الميلاد، إلا أن متجر الصبح خاوٍ تماما كالمدينة.

فيقول: "لقد عطلت الحرب كل شيء".

أما بالنسبة لجاك جقمان، أحد تجار الهدايا التذكارية في بيت لحم، فقال، إن 80% من المبيعات تحدث عادة في نهاية العام، حيث موسم عيد الميلاد، إلا أن العيد يأتي هذه المرة بنكهة أخرى، إذ تنتشر نقاط التفتيش في كل مكان، وتُقيد الحركة بشكل عام في الضفة الغربية.

يقول جقمان: "فجأة، في أكتوبر، اختفى السياح من الشوارع. والآن أصبحت بيت لحم مغلقة من كل الاتجاهات".

وأضاف: "الآن، لا نعرف كيف سنغطي خسائر هذا العام".

الخسائر المادية ليست عامل القلق الأوحد في الضفة الغربية، فمنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، شهدت الضفة تصاعدا في أعمال العنف، إذ قُتل أكثر من 290 فلسطينيا على أيدي القوات الإسرائيلية أو مستوطنين.

تبدو كنيسة المهد شبه خاوية إلا من مجموعة من العمال ومجموعة أخرى صغيرة من الزوار، على عكس المتوقع قبل أيام قلائل من عيد الميلاد.

خارج الكنيسة، يقول الكاهن الأرثوذكسي عيسى ثلجية، إن بيت لحم "حزينة" بسبب العنف في غزة، معربا عن أسفه لعدم رؤية الزوار واقع حياة الفلسطينيين هذا العام.

فمن وجهة نظر الكاهن يعتبر موسم عيد الميلاد فرصة كي يتعرف الزوار على حقيقة وواقع الحياة اليومية للفلسطينيين، فيقول إن زيارة الأماكن المقدسة أمر مهم، ولكن "الأهم هو معرفة كيف يعيش الفلسطينيون وما هو واقع حياتهم اليومية، مع جدران حولهم وكأنهم يعيشون في سجن".

وأوضح جقمان كذلك، أن بعض الزوار لا يعلمون حتى أن بيت لحم تقع في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

وأضاف: "يأتون أحيانا إلى المتجر ويقولون نحن سعداء لوجودنا في بيت لحم، في إسرائيل".

لكن الفرنسي الفلسطيني فادي قطان، وهو صاحب مطعم وفندق، أعرب عن شكوكه في أن الحجاج يتعلمون أمورا كثيرة عن القضية الفلسطينية.

وأوضح قطان -وهو جالس على شرفة منزله في بيت لحم الذي تعيش فيه عائلته منذ أجيال- أن الشركات الإسرائيلية التي تنظم رحلات سياحية تغذّي فكرة مفادها بأن "جميع الفلسطينيين خطرون"، ما يمنع السياح من التعامل مع السكان المحليين.

وتابع: "بالنسبة إلى الزوار، يبدو الأمر كما لو أن هناك خطا غير مرئي يمنعهم من الخروج عن المسارات المحددة".

وفقا لقطان أدى الخطاب المخيف الذي يستخدمه القادة الإسرائيليون في زمن الحرب إلى تفاقم المشكلة.

وختم: "لو كنت حاجا أميركيا، لانتظرت أشهرا لأرى ما سيحدث. ومن الفظيع أن أقول ذلك، لأنها كارثة بالنسبة إلى بيت لحم".