انتخابات العراق المحلية.. قوى الإطار الشيعي تخسر رغم الفوز

رغم تصدّر قوائم ما يُعرف بالإطار التنسيقي الشيعي "نبني" بزعامة هادي العامري قائد مليشيا بدر، وقيس الخزعلي قائد مليشيا عصائب أهل الحق، و"دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، و"قوى الدولة" بزعامة عمار الحكيم وحيدر العبادي، لعدد المقاعد الأكبر في مجالس المحافظات؛ فإنّ الخريطة كانت معقّدة في الكثير من المحافظات، لا سيما المختلطة مثل كركوك ونينوى وديالى.

كانت المقاعد في تلك المحافظات متقاربة بين المكونات المختلفة، بالإضافة إلى أن بعض المحافظات الشيعية مثل البصرة وكربلاء وواسط، شهدت فوزاً للقوائم التي يتصدرها المحافظون (القائمون على إدارة المحافظات)، وهي قوائم جديدة يراها كثيرون أنها تشكل خطراً على التحالف الشيعي المقرّب من إيران، الذي بدأ يتراجع في انتخابات تلو الأخرى.

وحول الفوز الأخير لقوى الإطار التنسيقي، يرى الباحث والأكاديمي إياد العنبر، أنّه فوزُ قلق وليس واقعيا، لأن الإطار نزل إلى الانتخابات دون منافس بغياب الصدريين، وكان من المفترض أن يكتسح، لكن ما حصل أنه خسر في بغداد من حزب "تقدم" السني، وخسر أيضا في 3 محافظات شيعية قاتل للوصول إلى سدة الحكم فيها، وأهمها البصرة، الرئة الاقتصادية للعراق.

العنبر شبّه فوز الإطار بأنه أشبه بمباراة من فريق واحد دون خصم فيها، فـ"الإطار" هو الحكم والمنظّم والإداري والمهاجم، لكنه لم يستطع الفوز "بأريحية".

وجاءت المقاعد التقديرية بناء على عدد الأصوات التي أعلنتها المفوضية في عموم المحافظات كالظاهر في الصور أعلاه.

الباحث والأكاديمي العنبر، قال إنّ الإطار التنسيقي والمفوضية حاولا تجميل نسبة المشاركة في الانتخابات، وهذا تحايل على الديمقراطية، بعد أن أعلنا أن نسبتها بلغت 42%، على اعتبار أن عدد المشاركين بلغ قرابة 6 ملايين من أصل 16 مليونا حدّثوا بطاقاتهم الانتخابية، في حين الواقع الذي تقرّه المفوضية هو أن عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت 27 مليون عراقي.

وتضيف أن من شارك هم فقط 6 ملايين، وبهذه النسبة يجب أن تكون تقريباً 20% فقط، لكنهم أرادوا إظهار نجاح الانتخابات كونهم في السلطة.

النتائج في بغداد أظهرت صدمة كبيرة لقوى الإطار التنسيقي، بعد أن حقق حزب "تقدّم" السنيّ الذي يتزعمه رئيس البرلمان المُقال محمد الحلبوسي، المركز الأول.

يبيّن رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أنها المرة الأولى التي تفوز فيها كتلة سنيّة في العاصمة بغداد بالانتخابات، سواء المحلية أو البرلمانية، وهو ما شكّل مفاجأة وصدمة للإطار التنسيقي الذي سيترك كل المحافظات، ويتجه إلى بغداد من أجل التفكير في كيفية معالجة هذا الأمر، وتحقيق ائتلاف مع كل القوى الشيعية للفوز بمنصب المحافظ في بغداد، مقابل منصب رئاسة مجلس المحافظة لقوى سنية أخرى، كتحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر، أو تحالف "عزم"، وتهميش الحلبوسي الفائز.

أما عن أسباب فوز "تقدّم" فيُرجعه الشمري لمقاطعة الصدريين وعزوف أبناء العاصمة عن المشاركة في الانتخابات التي لم تقدم شيئا لواقع بغداد الخدماتي.

تمكّنت القوائم التي يتزعمها المحافظون الذين يديرون المحافظات من تحقيق انتصارات متفاوتة تجعلهم يشكلون رقماً صعباً يخشى الإطار والقوى التقليدية من منافسته لهم مستقبلاً.

فقد فازت قائمة المحافظين في ديالى بالمركز الأولى، وكذلك في نينوى والبصرة وكربلاء وواسط، من أصل 15 محافظة جرت فيها الانتخابات، 3 منها تمثّل عمقا شيعيّا تسعى قوى الإطار التنسيقي لإظهار سيطرتها فيها.

الضربة الأكبر كانت في البصرة، التي شهدت استماتة من قوى الإطار التنسيقي، لا سيما مليشيا عصائب أهل الحق، للظفر بتلك المحافظة الغنية.

غير أن قائمة "تصميم" بزعامة المحافظ أسعد العيداني حققت فوزاً كاسحاً بحصولها على 12 مقعداً من أصل 22 في مجلس إدارة المحافظة، ما يتيح لها بسهولة الاحتفاظ بمنصب المحافظ.

ويرى الإطار في أسعد العيداني خطراً، كونه سهماً صاعداً، وهو أقرب للصدريين منهم. أما في كربلاء فقد حصلت قائمة "إبداع كربلاء" بزعامة المحافظ نصيف الخطابي على 6 مقاعد من أصل 13، وفي واسط حصلت قائمة "واسط أجمل" بزعامة المحافظ جميل المياحي على 7 مقاعد من أصل 15.

يقول الأكاديمي والمحلل السياسي غالب الدعمي، إن فوز المحافظين نتيجة لما قدموه من برامج اعتمدت على الخدمة المقدمة، وليس الوعود.

بحسب الدعمي فإن فوز المحافظين بنتائج الانتخابات يعد خسارة فادحة وكبيرة للقوى السياسية الكبيرة، لم تكن في حسبانها، لا سيما الإطار التنسيقي الذي وصف جمهوره بأنه جمهور وهمي وزائل، وهذا ما أظهرته النتائج الأخيرة حسب قوله.

تُبدي الكثير من الجهات المراقبة قلقها من أزمة النتائج المتقاربة في المحافظات المختلطة الثلاث، كركوك، والموصل وديالى، التي تشهد صراعاً طائفياً وقومياً يعقّد من المشهد، ويظهر صعوبة تشكيّل تحالفات لتنصيب المحافظين وترؤس المجلس الرقابي للمحافظة.

ففي كركوك، فاز الاتحاد الوطني الكردستاني بالمركز الأول بـ5 مقاعد، يليه التحالف العربي بـ3 مقاعد، ثم التركماني بـ2، والديمقراطي الكردستاني بـ2، وتحالف العروبة بمقعد واحد، والكوتا للأقليات بمقعد واحد، ما يصعّب المعادلة، لا سيّما في التباعد الكبير بين الحزبين الكرديين وصعوبة جمعهما في تحالفٍ واحدٍ.