حرب النساء.. كيف أشعلت "الوراثة" كوريا الشمالية؟

كان ظهور كيم جو إيه العلني لأول مرة في نوفمبر من العام الماضي مع اختبار الصاروخ "هواسونغ ١٧" بحضور والدتها، المغنية السابقة، ري سول جو.

وقتها، أشارت إليها وسائل الإعلام في كوريا الشمالية باسم "الابنة الحبيبة"، ليتوالى الظهور في عام ٢٠٢٣ بحسب موقع DPRK Leadership watch المعني بالقيادة في الدولة الشيوعية.

لكن اسمها كان قد ذكر قبل ذلك بعشرة أعوام حينما تحدث عنها لاعب كرة السلة الأميركي دينيس رودمان الذي يتمتع بصداقة شخصية مع كيم جونغ أون ليكشف اسمها علنا لأول مرة في حوار مع صحيفة الغارديان البريطانية بعد أول لقاء مع زعيم كوريا الشمالية.

عادت الابنة إلى الضوء مجددا عندما قال موقع راديو آسيا الحرة، الموجه من الولايات المتحدة، في نوفمبر أن"جو إيه" منحت لقب "نجمة صباح كوريا"، لكن هذا الأمر لم يتم تأكيده سواء من وسائل إعلام كوريا الشمالية أو من وزارة الوحدة في كوريا الجنوبية.

في أكتوبر الماضي، خرج وزير الوحدة في كوريا الجنوبية كيم يونغ هو ليقول إن هذا الظهور العلني ربما يعطي احتمالا لأن تكون هي الوريثة القادمة لكوريا الشمالية، بحسب وكالة يونهاب.

أصبحت مسألة وراثة جو إيه محل جدل بين المتابعين والمتخصصين في شؤون كوريا الشمالية.

يرى مايكل مادين الخبير في شؤون كوريا الشمالية في مقال على موقع نورث ٣٨، أنه من المتوقع أن تتولى كيم جو إيه أو أحد أخواتها مناصب عليا بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحالي، مثلما تولى والدها قيادة البلاد حينما كان عمره ٢٧ عاما.

وتشير المصادر إلى أن زعيم كوريا الشمالية لديه ٣ أبناء، وأن جو-إيه ليست الكبرى، وقد كشفت المخابرات الكورية الجنوبية أن الطفل الأول "ذكر" بناء على معلومات شاركتها وكالة استخبارات خارجية، مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود دليل على ذلك.

ونقل يو سانغ بيوم، البرلماني من حزب قوة الشعب الحاكم، عن وكالة الاستخبارات الوطنية أن الشائعات التي تفيد أن هذا الابن يعاني من مشكلات جسدية لم يتم تأكيدها، بحسب وكالة يونهاب.

الحديث عن الوراثة في كوريا الشمالية كان قد طال قبلا شقيقة زعيم كوريا الشمالية التي تتولى منصب نائب مدير إدارة اللجنة المركزية لحزب العمال الكوري الحاكم "كيم يو جونغ"، لا سيما حينما اختفى جونغ أون ٢٠ يوما في عام ٢٠٢٠ وسط تقارير تم تداولها حول حالته الصحية حينها.

الخبير في شؤون كوريا الشمالية في الكلية الدولية للإدارة في سيدني، ليونيد بيتروف، يقول إنه "من غير المرجح أن يتم تنصيب أي من أفراد آل كيم من النساء لحكم كوريا الشمالية"، وإن حدث ذلك فإن يو جونغ ستكون الأكثر ترجيحا لذلك بحسب تصريحاته لصحيفة الغارديان.

هنا يجب الأخذ في الاعتبار أيضا ما تحدثت وسائل الإعلام عام ٢٠١٥ عن علاقة النسب بين يو جونغ ورئيس مجلس الشعب الأعلى الحالي تشوي ريونغ هيه الذي يعد "حماها" حيث إنها متزوجة نجله الثاني.

ويطرح الدبلوماسي السابق في نظام كوريا الشمالية وعضو البرلمان الحالي عن الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية "تيه يونغ هو" رؤية تقول أن هناك محاولة لإقناع الشعب في الشمال أنها الوريثة.

لكن تولي الابنة أي منصب في حزب العمال الحاكم يتطلب الانتظار ما بين ٧ إلى ٨ سنوات لكي تصبح بالغة بحسب حواره مع CBS في سول.

تقول الأسطورة إن "دان غون" الذي يعد الجد الأول ومؤسس أول مملكة في كوريا "غوتشوسون" قد ولد على جبل بيكدو الواقع على الحدود بين كوريا والصين، بحسب موقع المعهد كوريا الاقتصادي في الولايات المتحدة.

أما بالنسبة لسلالة كيم، فإنها تحمل لقب "سلالة بيكدو"، وتقول كوريا الشمالية إن المعسكر السري الذي أقيم على الجبل المقدس بالنسبة للكوريين كان قاعدة رئيسية لنشاط مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ في حرب عصابات ضد الاحتلال الياباني في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين بحسب موقع وزارة الوحدة الكورية الجنوبية.

وبالتالي فإن هذه السلالة تعتقد أنها تمتلك قدسية، تتيح لها وراثة الحكم.

رغم أن كيم إل سونغ مؤسس كوريا الشمالية، نقل حكم البلاد لولده كيم جونغ إل، فإن هناك أخا غير شقيق هو كيم بيونغ إل، شغل منصب سفير بلاده في عدد من الدول، كان آخرها التشيك حيث عاد إلى بلاده عام ٢٠١٩ بحسب موقع وزارة الوحدة الكورية الجنوبية، فيما يشبه "النفي داخل البلاد".

كانت جولة "شبه المنفي" بالنسبة لـ"بيونغ إل" نتاجا طبيعيا للخلاف بينه وبين أخيه غير الشقيق "جونغ إل" الذي أصبح حاكما عام ١٩٩٤، فتشير صحيفة تشوسون إلبو الكورية الجنوبية إلى أن الدبلوماسي قد تم إقصاؤه من منصب الوراثة.

وحتى تسعينيات القرن العشرين، حظي العم ببعض الشعبية في بيونغ يانغ، لكن أنصاره تعرضوا للتطهير لدرجة أن عاصمة الشمال شهدت إطلاق نار متبادل بين أنصاره وأنصار جونغ إل عام ١٩٩٤، في بدايات حكم الثاني، ما أسفر عن مقتل ما بين ٧ إلى ٨ أشخاص.

وحينما اختفى كيم جونغ أون لفترة قبل ٣ أعوام، طُرح اسم "بيونغ إل" كخليفة محتمل لا سيما مع صغر سن الأخت الصغرى "يو جونغ" حيث كان يناصر الدبلوماسي السابق في نظام كوريا الشمالية وعضو البرلمان الحالي عن الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية "تيه يونغ هو" بحسب تشوسون إلبو.

في حين اختلف الباحث في شؤون كوريا الشمالية، نيكولاس ليفي، معه نظرا لأنه من "الفرع الجانبي" لسلالة بيكدو، وأن وجوده في الخارج فترة طويلة لا يجعله صاحب شعبية، إضافة إلى أن اتباعه في الثمانينيات والتسعينيات إما ماتوا أو في معسكرات الاعتقال.

أما عودته لكوريا الشمالية قبل ٤ سنوات فلها ما يبررها، حيث أنه، بحسب ليفي، لم يعد مصدر خطر بالنسبة لنظام كيم جونغ أون.

وكان الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية "كيم جونغ نام" قد قتل في عام ٢٠١٧ في ماليزيا، فيما توجه أصابع الاتهام لقائد الدولة الشيوعية.

أما ابن الأخ غير الشقيق "كيم هان سول" المعروف بمعارضته لعمه، فقد أجلته إحدى الجماعات المعارضة بأمان من ماكاو بعد اغتيال الأب، ولا يعرف مكانه حاليا إلا أن هناك تقارير تتحدث عن أنه يقيم في نيويورك تحت حماية الاستخبارات الأميركية بحسب صحيفة سيول شين مون.