إسراء "تأخذ حقها".. هل يؤدي تشديد العقوبات لإنهاء التحرش في مصر؟

صدَّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على تعديلات قانون العقوبات لتغليظ عقوبات التحرّش والتنمر التي وافق عليها مجلس النُّواب المصري.

وكان تقرير للجنة المشتركة من الشؤون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة حقوق الإنسان، استعرض في تقريره أن المشروع المعروض يأتي لتجريم ظاهرة التحرّش والتنمّر، ومواكبة الظروف المستجدة ورصد الظروف التي أفرزها الواقع العملي والحالات التي تشكل اعتداء على الحياة الخاصة.

ينصُّ القانون بعد التعديل على معاقبة بالحبس بين عامين وأربعة أعوام وغرامة بين 100 ألف جنيه و200 ألف جنيه كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص بـ"إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية".

تكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تتجاوز 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه (6 آلاف و400 دولار)، ولا تزيد على 300 ألف جنيه (9 آلاف و700 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين "إذا ارتُكبتِ الجريمة في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل، أو إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه".

تقول إسراء إن تشديد العقوبات لا يُشعرها بالأمان، ولكنه يعطيها حق ملاحقة المتحرّش قانونياً؛ لأنَّ الآن أصبح معلوماً ما هو التحرّش اللَّفظي وعقوبته.

فهي لم تفكر في إبلاغ الشرطة في كل المرات التي تعرضت فيها للتحرّش اللفظي؛ لأنَّها غير متيقنة من أنَّها تستطيع "أخذ حقها" لأن البعض قد يعتبره مجرد مزحة، لكنها على استعداد لاتخاذ الإجراءات القانونية إذا تطاول المتحرّش وحاول لمسها.

تعلمت إسراء من القصص المتعددة التي سمعت عنها في مثل هذه الحالات، فتعلم أنَّ عليها الإمساك بالمتحرّش، والتأكد من وجود شهود يُثبتون حالة التعدي حتى لا يضيع حقها.

بحسب التعديلات، يُحكم بالحبس مدة لا تقل عن 7 سنوات إذا كان الجاني له سلطة وظيفية، أو أسرية، أو دراسية على المجني عليها، أو إذا ارتكب الجريمة في مكان العمل، أو في وسائل النقل، أو من شخصين فأكثر، أو إذا كان الجاني يحمل سلاحاً.

تقول انتصار السعيد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون "التحرّش في أماكن العمل من أصعب أنواع التحرّش"، لأنَّه يصعب إثباته؛ وذلك لعدة أسباب من بينها: الضغط على السيدات للتراجع بدافع الحفاظ على "لقمة العيش" وللسبب نفسه، يصعب على كثير من الشهود مساندة الضحية.

تضيف انتصار أن الكثير من السيدات يلجأن للاستقالة وترك مكان العمل حتى لا يتم وصمهن.

قبل التعديلات الأخيرة، كانت عقوبة التحرّش في أماكن العمل غرامة تصل إلى 50 ألف جنيه (1600 دولار)، والحبس لمدة قد تصل إلى 5 سنوات؛ لذا جاءت أهمية هذه التعديلات، بحسب انتصار.

تشير الأمم المتحدة على موقعها أن واحدة من كل 3 نساء تقريباً في العالم وقعن ضحايا للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن.

تقول انتصار إن الجمعيات الأهلية والمنظمات المعنية بالمرأة، بدأت في الدفاع عن قضايا التحرّش والتنوّيه بأهمية ردع الظاهرة منذ نحو 15 عاماً، لكن وقتها كان يتم تهميشهم ووصم الفتيات.

وتضيف أن المبادرات التي تدعو للتوعية بقضية التحرّش انتشرت منذ سنوات، وتشجعت كثيرات من البنات على الحديث عن حوادث التحرّش على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعضهن تقدم ببلاغات ضد المتحرّش؛ كل هذا أدى إلى تعريف التحرّش الجنسي في القانون المصري لأول مرة عام 2014 وتطبيقه.

ترى انتصار أنه على الرغم من وجود هذه الظاهرة إلا أن هذه العوامل أدت إلى تراجعها.

تقول إنَّ الكثير من السيدات اللاتي تدافع عنهن يكن خائفات بسبب احتمالية معرفة الجاني مكان سكنهن، أو تقديم بلاغ ضدهن.

تتذكر انتصار إحدى الحالات التي دافعت عنها منذ سنوات حيث تحرّش رجل بها في وسيلة مواصلات، وعندما بدأت في الصراخ قفز من النافذة، لكن تمكن المارَّة من اللحاق به، وبعد طول أمد التقاضي الذي وصل إلى نحو عامين في أروقة المحاكم وخوف الشاهد الرئيس من الإدلاء بأقواله في البداية، حُكم على المتحرّش بحكم مشدد وصل إلى خمس سنوات وذلك على إثر خلفيته الجنائية.

تضيف المحامية بالنقض، أن مع تشديد العقوبات يجب أن يكون هناك توعية لمنع ارتكاب هذه الجريمة بالإضافة إلى وجود سياسات داخلية في أماكن العمل؛ لحماية السيدات من التحرّش وأيضاً تركيب كاميرات للمراقبة.