"قتلوا أبوي وأنا بصور فيه"... جنان تسرد لبلينكس قصة مؤلمة من جنين

الأربعيني محمود أبو الندى له أربع بنات وولد، وتقول ابنته جنان إنه "يحبنا كبناته جدا". أما ابنته الثانية سديل فاستعرضت أمام عدسة "بلينكس" منشورا له على فيسبوك من 11 نوفمبر عام 2013 يقول فيه: "في ناس بس تحكيلهم عندي 4 بنات بتحس أنهم خافوا، بعرفوش إني عايش بحسنتهن، جنان ملاك سديل مريم، كل ما أملك".

تُعد البنات الأربع أباهم صديقا لهن، فهو يعمل من شروق الشمس إلى غروبها لعيلهن وأمهن وأخيهن الصغير حسين، حسبما أوضحت جنان لـ"بلينكس".

يوم ٩ نوفمبر الماضي انفجرت طائرة مسيرة انتحارية أمام منزل محمود أبو الندى، فهرعت جنان لتفتح الشباك وتوثق الحدث، لتتفاجأ بـ6 أجساد تنزف على عتبة بيتها، أحد هذه الأجساد كان والدها محمود. ظل ينزف محمود لنصف ساعة أمام منزله والجيش الإسرائيلي يمنع عائلته وطواقم الإسعافات الطبية من الاقتراب للمكان.

بعد نصف ساعة سُمح للإسعاف أن تحمله للمستشفى، وظلت العائلة ممنوعة من الخروج من بيتها، حسبما قالت جنان لـ"بلينكس". بعد ساعتين وصل خبر وفاة الأب محمود في مستشفى جنين الحكومي المحاذي لمخيم جنين، بعدها سمح للعائلة أن تذهب إلى المستشفى لتودع جثة محمود.

يعمل محمود في سوق مدينة جنين، إذ اقتطع جزءا من رصيف الشارع، يصف فيه ألعابا اشتراها بسعر الجملة ويبيعها لمرتادي السوق، ومن هذه البسطة يُعيل أطفاله وزوجته، ومن أرباح تلك البسطة تكمل جنان تعليمها الجامعي، ويداوم الأبناء الأصغر في مدارسهم.

لم يبقَ لعائلة أبو الندى إلا قبر الأب محمود ودمه الذي ما زال يظهر على عتبة البيت، بعد أن رفضت العائلة أن تغسل المكان. وقام ابن محمود وبناته بوضع حجارة حول بقعة دماء أبيهم ليزوروها كل يوم ويقرأوا "الفاتحة على روحه"، حسبما قال أبناء محمود.

الابن حسين الصغير ذو الأعوام السبعة ما زال يلعب على درجاته الهوائية، وتقول أخواته إنه ما زال غير مدرك لحقيقة "استشهاد أبينا"، إلا أنه يذهب في كل يوم إلى قبر والده في ساعات المساء قبيل الغروب ويسرد له أحداث نهاره.

منذ السابع من أكتوبر تتعرّض مدن ومخيمات الضفة الغربية لاقتحامات واسعة النطاق وحملات اعتقال بحق المواطنين الفلسطينيين. وتركز نشاط القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية على مدن الشمال وهي طولكرم ونابلس وجنين.

وفي جنين وحدها قتلت القوات الإسرائيلية 80 مواطنا فلسطينيا منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وبحسب آخر إحصائية لنادي الأسير الفلسطيني التي صدرت في ٢١ ديسمبر الجاري، اعتقلت إسرائيل ما يزيد على ٤٦٥٥ مواطنا فلسطينيا في الضفة الغربية.