حرب غزة من أجل سليماني؟.. تصريح إيراني "محذوف" يثير ضجة

حذّر الحرس الثوري في إيران، الأربعاء، من أنّ طهران ستردّ على اغتيال إسرائيل لأحد قادته، "بعمل مباشر" وبأعمال أخرى تنفذها المجموعات الموالية لطهران في المنطقة. واتهمت طهران، الإثنين، إسرائيل باغتيال القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي الذي يُعدّ أحد المستشارين الأكثر خبرة في فيلق القدس، الوحدة الموكلة للعمليات الخارجية في الحرس الثوري.

ونقلت وكالة مهر عن شريف قوله "ردنا على اغتيال موسوي سيكون مزيجا من العمل المباشر وجبهة المقاومة".

و"جبهة المقاومة" هو المصطلح المستخدم في إيران، الذي يشمل النظام في سوريا وحزب الله اللبناني وحماس وبعض الفصائل العراقية الموالية والحوثيين اليمنيين، حسب فرانس برس.

اعتبر الكاتب الصحافي المتخصص بالشأن الإيراني، صالح القزويني، في حديث لموقع "بلينكس"، أن "المقصود من كلام المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني غير مفهوم، فهل يقصد أن إيران هي من دفعت حماس إلى تنفيذ العملية، أم يقصد أن إيران تدعم بكل قوتها حماس، وهي التي تقف إلى جانب الحركة في الدعم المالي بالإضافة إلى العسكري".

وأضاف أن إيران حددت موقفها بشكل رسمي ومعلن منذ الأيام الأولى لانطلاق "طوفان الأقصى".

ولفت إلى أن إيران تعيش في هذه الأيام "أجواء تلقف مقتل رضي موسوي التي ربما أثرت على موقفها الرسمي، لأن المسؤولين لديها أكدوا في بداية الحرب أن بلادهم لا علاقة لها بالهجوم".

من جهته أكد استشاري الأمن الدولي والدفاع، الدكتور سيد غنيم، في حديث لموقع "بلينكس"، أن "توقيت تبني إيران لطوفان الأقصى يرتبط بموت رضي موسوي، فمع بداية الحرب، قال المرشد الإيراني بنفسه إن عملية ٧ أكتوبر خاصة بحماس والجهاد الإسلامي ولا علاقة لإيران بها". وتابع أن "تصريح شريف يضع إيران في حالة من الكذب".

وقال: "أضع تصريح المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني في خانة (الادعاء غير الموفّق)، ليس لأنّ إيران أنكرت ضلوعها في عملية ٧ أكتوبر بالبداية، بل لأنه يأتي بعد مقتل زعيم بالحرس الثوري الإيراني مهم جدّا بنفس مكان قتل قاسم سليماني، فلو لم يُقتل رضي موسوي لما كان صدر عن أيّ متحدث إيراني مثل هذا التصريح".

وأشار إلى "لو أن لهذا التصريح أي تأثير على الأرض، (مثل جنوب لبنان أو الحوثي في اليمن)، فالمفروض أن يكون من قبل إيران وأذرعها، ولكن حسب اعتقادي لن يبدّل التبني العسكري الإيراني أي أمر على الأرض أكثر مما يفعلونه الآن، بل ورّط المتحدث نفسه، لأنّ التبني يعني التصعيد، ويعني تحديد كيفية نهاية العملية، فالآن المنطق يقول إن التفاوض لإنهاء الحرب وكل ما يتعلق بها يجب أن يحصل مع إيران وليس حماس، كون -حسب المتحدث- طهران المسؤولة عن الحرب في غزة".

اعتقد غنيم أن "كل عربي وفلسطيني ضدّ كلام المتحدث الإيراني، فماذا يُمثل قاسم سليماني بالنسبة للعروبة أو للأمة الإسلامية أو للفلسطينيين أنفسهم كي يقتل ما يزيد على ٢٠ ألف فلسطيني ويُصاب عشرات الآلاف في حرب من أجله؟، فهذا التصريح غير مسؤول.

وقال "إيران استغلت حرب غزة بكلّ الأشكال، وأظهر الحوثيون القوة التي تفوق قدراتهم، إلا أن إيران تخسر بالتدريج كل ما اكتسبته بسبب هذا التصريح".

قال المحلل الإيراني، وجدان عبدالرحمن، في حديث لموقع "بلينكس"، إن تنبي إيران لطوفان الأقصى جاء بخطاب عسكري على لسان المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، بمعنى أنّ التبني عسكري، لأنّه لم يأتِ من السلطة السياسية أو الخارجية الإيرانية، فإيران لديها إمكانية التملص من هذا التبني بأيّ وقت تجده مناسبا.

وتابع أن المتحدث الإيراني عمد إلى "الإدلاء بهذه التصريحات الآن بعد التهديدات الإسرائيلية وقتل رضي موسوي في سوريا، فقد وجّهت إسرائيل رسالة واضحة لإيران، من خلال هذا الاستهداف بأننا دخلنا معكم حربا مباشرة بعدما كانت الحرب غير مباشرة عبر استهداف الأذرع الإيرانية، لذلك استدركت إيران أن إسرائيل دخلت بالفعل في خطّ المواجهة معها، ولذلك أرادت توجيه رسالة مقابلة لها أنها تقف خلف العملية وأن بإمكانها أن ترد بطوفان أقصى آخر. وهذه رسالة لإسرائيل كيلا توسع حربها مع إيران بشكل أكبر".

وأكد عبدالرحمن أن "الشعب الفلسطيني الذي قدّم أكثر من ٢٠ ألف قتيل لا شك أن هذه التصريحات تثير استياءهم، فقد تبيّن أن إيران تستخدم الفلسطينيين لصالح مشروعها القومي".

في العراق، شيّع المئات في مدينتي النجف وكربلاء جثمان رضي موسوي الذي قُتل الإثنين في "هجوم صاروخي" إسرائيلي في دمشق، بحسب الإعلام الرسمي الإيراني.

وردا على سؤال بشأن هذه الضربة، قالت إسرائيل إنها "لا تعلق على المعلومات الواردة من وسائل الإعلام الأجنبية". وتقول إسرائيل بانتظام إنها تريد منع إيران من ترسيخ وجودها على أعتابها، وفق فرانس برس.

ويُعدّ موسوي أكبر قائد في فيلق القدس يُقتل خارج إيران، بعد اللواء قاسم سليماني، قائد القوة -آنذاك- الذي قُتل في غارة أميركية في العراق خلال الثالث من يناير 2020.

وزاد مقتل موسوي من منسوب التوتر في الشرق الأوسط، إذ صعّدت الجماعات المدعومة من إيران هجماتها مذ هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر، وفق فرانس برس.