حرب واحتفالات.. كيف يعيش أنصار حزب الله في الجنوب والضاحية؟

يقول أحد سكان النبطية جنوب لبنان، إنّ "الوضع المتوتر عند الحدود والخوف يلاحق الكثيرين، خصوصاً العائلات التي تركت منازلها مع أطفال صغار"، ويضيف: "معظم مناطق الحدود فارغة من سكانها، والأغلبية ما زالوا نازحين في صور أو النبطية ومنهم من غادر إلى بيروت أو مناطق أخرى".

يُكمل: "نعيش كل يوم بيومه ونترقّب. ماذا سيحدث؟ هل نقول إننا على جهوزية لخوض الحرب؟ طبعاً لا. نخشى سيناريو الدمار الذي قد لا نحتمله، والمشكلة الأكبر هي أننا قد نواجه مصير التهجير مُجددا وسط وضع اقتصادي صعب".

فاطمة، سيدة جنوبية تسكن حاليا في بيروت، عبرت عن خشيتها وعائلاتها زيارة الجنوب، وتحديداً منطقة حولا الحدودية، وقالت "لدينا أقارب هناك ومنزل صغير كنا نذهب إليه كل عطلة نهاية أسبوع. الآن نخاف العودة. القصف عنيف هناك، ولا يمكننا أبداً المخاطرة".

وتُكمل: "بتنا بعيدين عن الجنوب، حتى إننا بتنا نخشى على أنفسنا هنا في بيروت. في حال حدوث أي حرب، فإن معظم المناطق ستتعرض للقصف والسيناريو هذا نخشاه".

في أثناء جولتها في الجنوب، سلكت بلينكس طريق منطقة الخردلي التي تربط مناطق أساسية في الجنوب بعضها ببعض. للوصول إلى مناطق حدودية مثل كفركلا، والخيام، والعديسة، تعد هذه الطريق الأسهل والأقرب.

الطريق هذه تعد في عمق متقدم جغرافيا داخل الأراضي اللبنانية، وليست على الحدود مباشرة، لكنها تعرّضت قبل أيام لقصف إسرائيلي فاجأ عدداً من الإعلاميين اللبنانيين الذين كانوا يحاولون الانتقال من منطقة إلى أخرى.

أحد الصحافيين العاملين في الجنوب لصالح وسيلة إعلامية لبنانية يقول لبلينكس، إنّ "كلَّ الطرق التي نسلكها خطيرة، لا سيما الخردلي وتحديداً بعد آخر استهداف حصل لها".

يضيف: "خلال الليل، التنقل خطير. لا يمكن لأية سيارة المرور عند الحدود وإلا ستتعرض للقصف من الطائرات المسيرة".

وتابع: "خلال الأيام الماضية وفي أثناء العواصف، كنا نخشى الخروج من الأماكن التي نمكث فيها. المشكلة أنّ الحركة معدومة والتحرك خطير، وفي حال اضطر الأمر للخروج، فإنّ المجازفة ستكون كبيرة".

من الجنوب إلى الضاحية الجنوبية، انطلقت بلينكس لرصد المشهد، خصوصاً خلال فترة المساء. الحياة هنا مختلفة تماماً. المواطنون يجولون بسياراتهم، الحركة كثيفة، كما أن المتاجر تمتلئ بالزبائن.

في مطعم الجواد، لا يمكن للزائر أن يجد طاولة بسهولة نظراً لكثافة رواده. أقل فاتورة هنا تبدأ من 30 دولاراً وصعوداً. جميع الزوار هناك من أبناء الضاحية، في حين أن المشهد ذاته تكرّر في فرع آخر للمطعم نفسه، ولكن في منطقة الجناح بالعاصمة.

اللافت في المكان الأخير هو أن رواده يشاهدون تفاصيل ما يجري في الجنوب من خلال قناة المنار التابعة لحزب الله، عبر شاشاتٍ مُوزعة ضمن المطعم. معظم الجالسين هناك يتأملون في المشهد التلفزيوني.

أن تبث المطاعم مشاهد إخبارية قد يكون أمراً عادياً في أوقات الأزمات في الجنوب، لكن في شارع يحمل اسم المسؤول العسكري الإيراني قاسم سليماني الذي قُتل عام 2020 بضربة أميركية في العراق، كان الأمر مختلفا.

في المطعم، الحركة كثيفة جداً، والشاشات تعرض إحدى مباريات كرة القدم، في أجواء شبه "مونديالية"، رغم التوتر القائم في الجنوب.

أحد الأشخاص الذي كان يتناول عشاء داخل المطعم ويتابع المباراة يقول: "بدنا نعيش حياتنا وما ضروري يكون في حرب. صح بالجنوب علقانة ولكن منوقف حياتنا هون؟ ما حدا بدو حرب، وإذا صارت لا حول ولا قوة".

شابة تقطن في أطراف الضاحية تقول: "الازدحام هناك كبير. لا هدوء لا سيما مع فترة الأعياد. الحياة طبيعية جداً ولا يمكن النزول خلال ساعات المساء إلى الطرقات، لأن حركة المرور كثيفة أكثر من تلك التي نشهدها خلال ساعات النهار".