5 كيلومترات سيرا.. كيف هربت إيمان لتضع 4 توائم؟

في اليوم الخامس من الحرب، بدأت إيمان رحلة النزوح وفي رحمها ٤ أطفال، وبحوزتها ملابس خفيفة لاثنين من أولادها الصغار، حيث ظنت الأم أنها سوف تعود لمنزلها خلال أسابيع لا أكثر.

سارت الأم العشرينية على الأقدام من منزلها في بيت حانون إلى مخيم جباليا مسافة ٥ كيلومترات، لكنها تعثرت أخيرا في عربة تقلها إلى "دير البلح"، كانت في الشهر السادس من أشهر الحمل آنذاك.

في طريقها للنجاة، تأثرت صحة إيمان بسبب مشقة السير حتى أن الطبيب أخبرها أنها معرضة للولادة المبكرة، ومن ثم أعطاها عقاقير لتثبيت الحمل.

في الـ ١٨ من ديسمبر، بعد شهرين من النزوح، وضعت إيمان أطفالها الأربعة في الشهر الثامن، بولادة قيصرية في قطاع تداعت فيه الخدمات الصحية.

في خضم الحرب، ليس لدى الأم الوقت الكافي للتعافي من العملية القيصرية، وبسبب اكتظاظ المستشفيات اضطرت إلى المغادرة مجددا.

تقول إيمان عن أطفالها: "كنت أحلم بيوم ولادتهم، كيف سنحتفل بهم، كنت سأحممهم ثاني يوم من الولادة بماء الورد حسب عاداتنا ونقيم احتفالا"، لكن "لم نقم بتحميمهم منذ ولادتهم منذ عشرة أيام".

تحظى الأم بلمحة استقرار متواضعة في حياتها، فرشة إسفنجية بالية على الأرض العارية، تنام عليها في مدرسة اللجوء، وإلى جوارها ثلاثة من الصغار؛ ياسر وتيا ولين، بينما يقبع آخر الصغار مُحمد في الحضّانة في مستشفى مخيم النصيرات، إذ ولد بوزن كيلو جرام واحد وحالته الصحية غير مستقرة.

تأمل إيمان لو كان بإمكانها رؤية طفلها، لكنها تعجز عن ذلك، فتقول: "أشعر بالقلق عليه لكن الطريق خطيرة".

لكن متاعب الأم لم تتوقف لدى هذا الحد، فهي تعاني أيضا من نقص التغذية، مما لا يسمح لها بإرضاع الأطفال بشكل كاف، كما أنها تعجز عن توفير منتجات النظافة لأطفالها فتقول: "اقتصد في استخدام الحفاضات، المفروض أن أغير لهم كل ساعتين لكن الوضع صعب، أكتفي بتغيير الحفاضات صباحا ومساء".

يحمل جزء من العبء بصحبة إيمان زوجها عمار، الذي عادة من يغادر المدرسة في الصباح الباكر ولا يعود سوى بحلول المساء، فيقول: "أخرج من الصباح حتى المغرب لأوفر لهم أي شيء وحتى لا أراهم وأشعر بتأنيب الضمير".

ويضيف: "أشعر بالعجز أمام عائلتي".

العجز يطارد عمار الذي لا يتمكن من توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته، لكنه يواجه الخوف أيضا، حيث لا يمكنه حماية عائلته في ظل الحرب والقصف وكذلك الأمراض المنتشرة.

تعاني رضيعته تيا من الصفار بالفعل، مما قد يؤدي إلى إصابتها بتلف عصبي، لكن الأب لا يسعه التصرف لإنقاذها.

يقول: "يجب أن ترضع الحليب لتشفى، وزوجتي بحاجة لتناول طعام يحتوي على البروتينات لكني غير قادر على توفيره لها، كذلك الأطفال بحاجة لحليب وحفاضات، لكن الأسعار ارتفعت".