لماذا يؤمن أشهر مؤرخ إسرائيلي بـ"فشل الصهيونية"؟

يعتقد زيمرمان أن ما حدث في 7 أكتوبر يشبه هجمات "بوغروم" التي تعرض لها اليهود تاريخياً في ألمانيا، وأوكرانيا، وبولندا، وليتوانيا.

هذه الأحداث كانت عبارة عن مذابح وأعمال شغب وتشمل القتل وتدمير المنازل والأعمال التجارية.

يرى المؤرخ الإسرائيلي أن وجود "بوغروم على أرض إسرائيل هو نقطة تحول في تقييمنا لنجاح الصهيونية، ونقطة تحول في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

يشرح زيمرمان أن الصهيونية كانت في المقام الأول لحماية اليهود من تلك الهجمات التي عاشوها في الشتات وتوفير ملجأ آمن لهم.

يضيف: "في اللحظة التي يحدث فيها بوغروم في الدولة اليهودية، الدولة الصهيونية، فإن الدولة والصهيونية يشهدان على فشلهما بأنفسهما".

زيمرمان يرى أن بعض المفكرين الصهاينة الأوائل في عشرينات القرن الماضي فكروا في إنشاء دولة ثنائية القومية تتسع للفلسطينيين واليهود معاً دون أن يُقصي أحدهما الآخر، ولكنه يرى أن إسرائيل سلكت طريق "الحرب الأبدية" عوضاً عن ذلك.

المؤرخ يرى أن خيار الحرب الأبدية يعني أن "تعرض نفسك لنفس نقاط الضعف التي رأيناها في 7 أكتوبر بأقسى صورة".

ويستشهد زيمرمان على ذلك بقول نتنياهو في مقابلة قبل ٨ أعوام بأن الإسرائيليين دائماً ما يعيشون على حد السيف، أي في حالة خوف وترقب للمعركة.

فشل الصهيونية من وجهة نظر زيمرمان له بعدان أساسيان، الأول هو أن اليهود في إسرائيل "يعيشون في حالة من انعدام الأمن التام"، وأن "أفعال إسرائيل تتسبب في زيادة نسبة كراهية اليهود الذين يسكنون خارج إسرائيل، وليس العكس". لذلك فمن وجهة نظر المؤرخ فإن "هذا الحل الصهيوني منقوص".

هناك دليل آخر على فشل الصهيونية بحسب زيمرمان، وهو أن بعض اليهود حول العالم ما زالوا مقتنعين بخيار العيش خارج إسرائيل كمواطنين أحرار متساوين.

المؤرخ الإسرائيلي يرى أن "الجنون لا يصيب الأفراد فقط، بل أيضاً أمماً بأكملها".

وفي آخر مشروع بحثي له، يشرح زيمرمان "كيف تنحرف الأمم عن مسارها وتصبح متطرفة" وبذلك تسلك طريق التدمير الذاتي مثل ألمانيا النازية التي "جن جنونها عام 1933".

ويقول بروفيسور الجامعة العبرية "أدرّس كيف تصل المجتمعات إلى وضع يمكن فيه لمراقب خارجي عاقل أن يسأل نفسه: كيف يمكن لهذه المجتمعات، المتعلمة والعقلانية، أن تنجرف إلى أعمال جماعية من الجنون؟".

زيمرمان يعتقد أن المجتمع الإسرائيلي فقد عقله وأصابه الجنون بدءا من العام 1967 واستيلائه على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ورفض التخلي عنهم حيث "بدأت فكرة الأراضي التوراتية تهيمن على إسرائيل سياسياً".

المؤرخ الإسرائيلي يسمي ذلك بـ"الرومانسية التوراتية" التي يعتبرها توجها خطيرا. ويقول في حواره مع هآرتس إن "إسرائيل أصبحت رهينة للرومانسية التوراتية التي تدفع المجتمع بأكمله نحو الهلاك".

البروفيسور الإسرائيلي يرى أن حل الدولتين في اللحظة الحالية يبدو "ميئوساً منه"، ويعتبره "أمرا سخيفا تماماً"، لكنه "النتيجة المنطقية" للصراع لأن البديل عن ذلك هو "إما تنفيذ عمل شبيه بالنازية ضد الفلسطينيين، أو أن يقوم الفلسطينيون بتنفيذ أعمال نازية ضدنا".

زيمرمان يقول إن بعض الإسرائيليين يطرحون حلولاً بديلة كطرد الفلسطينيين أو أن يعيشوا تحت حكم إسرائيلي أبدي، "ولكن هذه حلول يعتبرها العقلاء غير واقعية".

كي يكون حل الدولتين قابلا للتطبيق، يرى زيمرمان، أن الفكرة تحتاج لتبني مفهوم جديد للدولة أشبه بالفدرالية أو الاتحاد الأوروبي.

يشرح: "دولتان تعيشان جنباً إلى جنب، ضمن إطار جديد وحديث". مضيفا: "نتذكر أن الأوروبيين كانوا متورطين في مواجهات قاسية وعداوات اعتقدوا أنها أبدية، إلا أنهم رغم ذلك نجحوا في إنشاء اتحاد أوروبي. وإذا كان الأمر ممكناً هناك، فهو ممكن هنا أيضاً. وأنا لست واهماً".