سياسة
.
"الترقب والخوف من هجوم ثان" هو سيد الموقف الآن في الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد اغتيال إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري بواسطة طائرة مُسيّرة، مساء الثلاثاء 2 يناير.
أحد سكان الضاحية يخبر بلينكس "لم أنَم طوالَ الليل ونحن نترقب ما سيحدث، لكن العين على ما سيجري لاحقاً وما سيتم اكتشافه، خصوصا وأن ما حصل كان بمثابة اختراق أمني".
فماذا رصدت بلينكس من مكان استهداف العاروري؟ وما هي شهادات السكان عن الحادث؟ وكيف تصرفت عناصر حزب الله في المنطقة عقب الاغتيال؟
جغرافياً، فإنّ مكان الانفجار هو أوتوستراد هادي نصرالله وموقعه قريب من منطقة المشرفيّة التي يُقام فيها حاجز كبير للجيش اللبناني.
في المنطقة المحيطة بالشقة المستهدفة، تواصلت أعمال البحث طوال ساعات الليل. الجرافات كانت تعمل، فيما تم استقدام أجهزة إنارة ضخمة لتسهيل عمل المحققين.
حالياً، المنطقة منكوبة فعلياً، وتحوّلت منذ ليل أمس إلى "ثكنة عسكرية واستخباراتية".
سيارات عسكرية للجيش تنتشر، الأشرطة الصفراء التي تمنع اقتراب المواطنين تغزو المكان، كما أن آثار الدمار ما زالت حاضرة، فيما الشاهد الأكبر على الاغتيال هو المبنى الذي استهدفته الطائرة المسيّرة بهدف قتل العاروري.
ليل أمس كان استثنائياً في الضاحية. الاستنفار عقب الانفجار كان "عالي المستوى" لدرجة أنّ كل شيء كان مُراقباً.
هنا، كان الجيش اللبناني يُسيطر ميدانياً على المكان، لكن "الحاكم الفعلي" كان حزب الله الذي فرض قبضته على مكان الانفجار بواسطة عناصره للأمن الخاص.
في الأصل، ما جرى كان مفاجئا لسكان المنطقة خصوصا أن الحادثة أتت خلال أجواء ماطرة.
لحظة الانفجار، كان أغلب المواطنين يتواجدون داخل منازلهم وفي المتاجر المحيطة بالمكان، ولم تكُن هناك أي دلالات على وجود شخصية مهمّة في المبنى المستهدف. فكلّ شيء كان طبيعياً وما من حركة مُريبة، بحسب الشهادات التي حصلت عليها بلينكس.
من ينظر إلى المبنى الذي قصفته إسرائيل بواسطة 3 صواريخ، لن يتوقع أنه يحتضن مكاناً لقيادات في حماس كانت تسعى إسرائيل لاغتيالها.
المبنى على محاذاة الطريق مباشرة، وبجانبه متاجر معروفة فضلا عن الأبنية السكنية.
فلا إجراءات أمنية، ولا عوائق أو حواجز في المكان.
من يذهب إلى تلك المنطقة لن يتوقع أبداً أن العاروري يتواجد بها، وما يلفت أيضا أنَّ المبنى يضم بعض المتاجر قيد الإنشاء، أي أنه ليس مكاناً مغلقاً أو مركزاً عسكرياً.
"الأجواء كانت هادئة جداً وما رُصد هو صوت طائرة استطلاع إسرائيليّة"، هذا ما كشفه أحد شهود العيان الذي يقطن في المنطقة المستهدفة بالتفجيّر وتحدث شرط عدم الكشف عن هويته.
أضاف الشاهد لبلينكس "كنا نمكث في مقهى قريب من المبنى، وفجأة سمعنا انفجارا كبيرا. خرجنا إلى الشارع فوجدنا النيران مشتعلة بالمبنى. في بادئ الأمر ظننا أنه انفجار قارورة غاز، لكن المعلومات بدأت تتوالى عن استهداف أحد القيادات الفلسطينية في لبنان وعلمنا في النهاية أن العاروري قد تم اغتياله".
شاهد عيان آخر يُدعى نزيه كلاكش كان يعمل داخل متجره للحلويات، قال لبلينكس "كُنا داخل متجرنا، وسمعنا صوت 3 انفجارات، بين الأول والاثنين الآخرين ثوان معدودة".
يضيف: "في بادئ الأمر ظننا أن ما حصل كان عاصفة رعدية، إلا أنّ الصوتين الأخيرين جعل الجميع يستنفر، فخرجنا ورأينا أن هناك مبنى مدمر وسيارة تحترق".
بدورها، قالت سيدة أخرى تقطن في الضاحية، طلبت حجب اسمها: "منزلنا قريب من مكان المبنى المستهدف، وسمعنا صوتاً عنيفاً. على الفور، نزلنا إلى الشارع وشاهدنا حريقاً بينما رصدنا دماراً داخل مبنى سكني. المشهد كان مرعباً، والأهالي شعروا بالذعر".
فور وقوع الانفجار، حضرت القوى الأمنية اللبنانية وفرق الدفاع المدني إلى المكان.
كذلك، حضرت إلى المكان مجموعة كبيرة من عناصر أمنية تابعة لحزب الله ترتدي "ملابس عسكرية مُوحّدة"، بخلاف العناصر التي ترتدي ملابس مدنية.
المكان كله مرصود، فلا يمكن لأحد الاقتراب من المبنى، بينما تولت مجموعة من الأشخاص الصعود إلى الشقة التي كان يتمركز فيها العاروري. البحث هناك كان دقيقا قبل وصول فرقة من الأدلة الجنائية إلى المكان.
منعت عناصر الحزب الأمنية الصحافيين من الاقتراب من المبنى ومنعهم من التحدث إلى السكان المجاورين للمبنى.
انتشرت عناصر الحزب في مختلف نقاط الضاحية الجنوبية، فمن أوتوستراد هادي نصرالله، مكان الانفجار، إلى الشوارع المحيطة، كان هناك تواجد لعناصر الحزب بشكلٍ واضح وظاهر.
من التقتهم بلينكس في محيط الانفجار، أكدوا أنّ مكان العاروري لم يكن معروفا، حتى أنه لا توجد حواجز أو عوائق في المكان.
ما رصدته بلينكس يظهر أنّ المبنى يطل على شارع أساسي في الضاحية الجنوبية، كما أنَّ هناك سيارات كانت مصفوفة في محيطه، ما يعني أن الحركة طبيعية.
شهود العيان يجمعون على أمرٍ واحد: "المكان غير معروف، لكن ما حصل هو نتيجة عمل جواسيس تابعين لإسرائيل".
مصادر خاصة لبلينكس قالت إن الانفجار الذي استهدف نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في لبنان، صالح العاروري، في ضاحية بيروت الجنوبية، جاء بواسطة 3 صواريخ أطلقتها مسيّرة إسرائيلية.
ولفتت المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، إلى أن صاروخين استهدفا شقة داخل المبنى كان العاروري بداخلها، في حين استهدف الصاروخ الثالث سيارة أمام المبنى.
وأضافت المصادر "الشقة التي استهدفتها إسرائيل ليست مكتبا لحماس، بل شقة خاصة تقول المعلومات إنها كانت مخصصة لعقد اجتماعات بداخلها ويحضر إليها مسؤولون من حماس في لبنان".
ووفقاً للمصادر، فإنّ العاروري كان يستعد للقاء أمين عام حزب الله حسن نصرالله الأربعاء 3 يناير، وكان يُجري اتصالات مع عدد من مسؤولي حماس في بيروت لمتابعة آخر التطورات على صعيد الجبهة في غزة.
وبحسب المعلومات، فإن الشقة كانت أشبه بغرفة عمليات، موضحة أنّه لا مظاهر أمنية حولها توحي بشبهات بشأنها.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة